يَامِنَّة َ لَذَّ بِهَا السكرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يَامِنَّة َ لَذَّ بِهَا السكرُ | لا ينقضي منّي لها الشكرُ |
فَلقَ الدُّجَى بِعمودهِ الفخرُ | وبَكى الندى وتَبَسَّمَ الزَهْرُ |
وتنفسَ النسرينُ عنْ عبقٍ | منهُ بأذيالِ الصبا عطرُ |
والوقتُ قدْ لطفتْ شمائلهُ | فصفا ورقَّ وراقتِ الخمرُ |
فانهضْ على قدمِ السرورِ إلى | شمسٍ يَطوفُ بكاسِهَا بدرُ |
بكرٌ إذا ما الماءُ خالطها | مِنهَا تولدَ لؤلؤٌ نَثرُ |
عذراءُ ما لَبني الخْلاعة ِ عَنْ | خلعِ العذارِ بحبّها عذرُ |
نفسٌ مِنَ الياقوتِ سائلة ٌ | روحٌ ولكنْ جسمها تبرُ |
تَبْدُو بَرَافِعُهَا فَتحْسبُهَا | برداً تلظّى تحتهُ جمرُ |
نورٌ يكادُ فؤادُ شاربها | للعينِ مِنهاينجلي السرُّ |
لطفتْ فخلنا ذاتَ جوهرها | فَنِيَثْ وقامَ بِنَفْسِهَا السِرُّ |
تذرُ الزجاجَ بلونها ذهباً | |
وكأنَّ سرَّ المومياءِ لها | فِيها لكسرِ قلوبنا جبرُ |
وكأنما راووقُهادَنفٌ | أجرى عقيقَ دموعهِ الهجرُ |
ومُهفهفٍ كالشمسِ طلعتُهُ | بالجيدِ مِنهُ كَواكبٌ زُهْرُ |
شُغفتْ بقامتِهِ القَنَا فَلِذَا | ألوانها لشحوبها سمرُ |
وَرأى البهارَ شقيقَ وَجنتِهَا | |
بوشاحهِ معنى عبارتهِ | رَقَّتْ وَدَقَّقْ شَرْحَهَا الْخَضْرُ |
وبلحظهِ وفؤادِ وإمقهِ | سُكْرٌ لَهُ بِكِلَيْهِمَا كَسْرُ |
باتتْ تضاحكني براحتهِ | رَاحٌ كَأَنَّ حَبَابَهَا ثَغْرُ |
فَأَرَضْتُهُ بَعْدَ الْجِمَاحِ بِهَا | حتى تسهّلَ خُلقهُ الوعر |
نَظَمَ الْهَوَى عَقْدَ الْعِنَاقِ لَنَا | وَمِنَ الْعَفَافِ تَضُمُّنَا أُزْرُ |
رفعَ الشبابُ حجابَ أوجهنا | ومنَ الفتوّة ِ بيننا سترُ |
ولكمْ عرجتُ إلى محلِّ عُلاً | فوقَ السماكِ وتحتهُ الغفرُ |
بمطهّمٍ مثلِ الظليمِ إذا | مَا شَدَّ قُلْتُ بَأَنَّهُ صَقْرُ |
تدري المها أنْ لا نجاة َ لها | منهُ ويعلمُ ذلكَ العفرُ |
فَإِذَا لَهُ آجَالُهَا عَرَضَتْ | عرضتْ لها آجالها الحمرُ |
مثلُ الرياحِ رواحُ أربعة ٍ | شهرٌ وسيرُ غدوّها شهرُ |
كَمُلَتْ صِفَاتُ الصَّافِنَاتِ بِهِ | فبذاتهِ لجميعها حصرُ |
يَجْرِي وَيَجْرِي الْفِكْرُ يَتْبَعُهُ | فيفوتُ ثمَّ ويحسرُ الفكرُ |
وَيَكَادُ أَنْ يرِدَ السَّمَاءَ إِذَا | ظنَّ المجرّة َ أنها نهرُ |
أطلعتُ منهُ سهمَ حادثة ٍ | يرمي بهِ عنْ قوسهِ الدهرُ |
حَتَّى بَلَغْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ بِهِ | فَبَلَغْتُ حَيْثُ يُرَفْرِفُ الْنَسْرُ |
حيثُ العلا ضربتْ سرداقهُ | فيهِ وحلَّ المجدُ والفخرُ |
حيثُ التقى والفضلُ أجمعهُ | تأوي إليهِ ويأمنُ البرُّ |
فَوَثِقْتُ مُنْذُ حَلَلْتُ سَاحَتَهُ | أنْ لا يحلَّ بساحتي فقرُ |
ما زالَ يقذفُ لي جواهرهُ | حتى علمتُ بأنّهُ بحرُ |
يُجْدِي نَدى ً وَيُفيدُ مَسْئَلَة ً | فَنَوَالُهُ وَكَلاَمُهَ دُرُّ |
فوقَ الخصيبِ محلُّ رفعتهِ | وبهِ الخويزة ُ دونها مصرُ |
كَمْ مِنْ أَيَادِيهِ لَدَيَّ يَدٌ | ما ينقضي منّي لها الشكرُ |