يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما | رأوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما |
أرى الناسَ من داناهُمُ هان عندهم | ومن أكرَمته عزةُ النفسِ أكرِما |
ولم أقضِ حَقَّ العلمِ إن كان كُلَّمَا | بدا طَمَعٌ صَيَّرتُه لي سُلَّما |
وما زلتُ مُنحازاً بعرضيَ جانباً | من الذلِّ أعتدُّ الصيانةَ مَغنما |
إذا قيلَ هذا مَنهلٌ قلتُ قد أرى | ولكنَّ نفسَ الحرِّ تَحتَملَ الظَّمَا |
أُنزِّهها عن بَعضِ ما لا يشينُها | مخافةَ أقوال العدا فيم أو لما |
فأصبحُ عن عيبِ اللئيمِ مسلَّما | وقد رحتُ في نفسِ الكريمِ مُعَظَّما |
وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبت | أقلِّبُ فكري إثره مُتَنَدِّما |
ولكنه إن جاء عَفواً قبلتُه | وإن مَالَ لم أُتبعهُ هَلاِّ وليتَما |
وأقبضُ خَطوي عن حُظوظٍ كثيرةٍ | إذا لم أَنلها وافرض العرضِ مُكرما |
وأكرمُ نفسي أن أُضاحكَ عابساً | وأن أَتلقَّى بالمديح مُذمَّما |
وكم طالبٍ رقي بنعماه لم يَصِل | إليه وإن كَانَ الرَّئيسَ الُمعظَّما |
وكم نعمة كانت على الُحرِّ نقمَةً | وكم مغنمٍ يَعتَده الحرُّ مَغرَما |
ولم أبتذل في خدمة العلمِ مُهجَتي | لأَخدمَ من لاقيتُ لكن لأُخدما |
أأشقى به غَرساً وأجنيه ذِلةً | إذن فاتباعُ الجهلِ قد كان أَحزَما |
ولو أن أهل العلمِ صانوه صانَهُم | ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لَعُظِّما |
ولكن أهانوه فهانو ودَنَّسُوا | مُحَيَّاه بالأطماعِ حتى تَجهَّما |
فإن قُلتَ جَدُّ العلم كابٍ فإنما | كبا حين لم يحرس حماه وأُسلما |
وما كلُّ برقٍ لاحَ لي يستفزُّني | ولا كلُّ من في الأرضِ أرضاه مُنَعَّما |
ولكن إذا ما اضطرني الضُّرُّ لم أَبتِ | أُقلبُ فكري مُنجداً ثم مُتهما |
إلى أن أرى ما لا أغَصُّ بذِكره | إذا قلتُ قد أسدى إليَّ وأنعما |