في رحاب الذات
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ليلُ المُعَانَاةِ مَا وَلّى و مَا ذهبَا | وصَائدُ الحسنِ منْ ظلمائِه هَرَبَا |
والليلُ ينسجُ منْ أوجاعِه مُدُنًا | مجنونَة أ لْبستْ في ظلِّه حُجُبَا |
نبْعُ المحبّةِ ما عادتْ عذ ُوبتُه | تُبرّدُ القلبَ ، ذاكَ النبْعُ قدْ نَضَبَا |
ولمْ تعُدْ حُرْقَة العشَّاق مُحْرِقَة ٌ | فالدهْرُ علَّقَ في أجوائِها سُحُبَا |
العشْقُ و الجُرْحُ و الأوْتارُ تعزِفني | لحْنا يُوَزّع في أعْمَاقيَ الصّخَبَا |
والشِعْرُ يَرْفُضُ أنْ تقْتاتَ روعتُه | من نفْسِ مَنِ لمْ يذقْ في دهرِه لَهَبَا |
عاركْتُ حرْفيَ حتَّى كِدْتُ أ َصْرَعُهُ | لكنْ فقدْتُ جنوني فالتَوَى و أبَى |
أنا الغريقُ و كفّ الحُزْنِ تُغرِقني | والشِعرُ ينْحَتُ مِنْ آلاميَ الأدَبَا |
عَصَرْتُ خمْرة َحُزْني فانتشَى تَعَبِي | وذاقَ قلبيَ حُزْنِي فانْتشَى تَعَبَا |
أنا الممزّقُ و الأحزانُ قاتِلتي | سكبتُ دمْعي فجاءَ الجمرُ منسَكِبَا |
لا شيْءَ يترُكُ هذا الشِعْرَ متّقدًا | إلا أنينُ الذي كمْ ظلّ ملتَهِبَا |
فالخمْرُ مهْما غزَى الحانات مفتخِرًا | لاريْبَ يَحْمِلُ فِي طيَّاتِهِ عِنَبَا |
بوْحُ المساحاتِ هلْ ضاقتْ مساحتُهُ | لكيْ يُخبّئ في أرواحِنا العَطَبَا |
ولوعة ُالقلْبِ هلْ صارتْ موَانئها | تستقْبِلُ الحرْفَ مذلولاً و مغتَصَبا |
ركبْتُ أمواجَ حُزْني و هْي هائِجة | فصادَرَ الصبرُ أمواجي و ما رَكَبَا |
إني لأفتكُ بالأحْقَادِ وهْي دم ٌ | تبّتْ يدايَ إذا لمْ أنزل الغَضَبَا |
قبّلْتُ رَمْلَ جِراحي وهْو قبّلني | فأحْرقَ الشوقُ في صَحْرائِهِ العَصَبَا |
طارَدْتُ فَوْقَ سماءِ الوجْدِ أخيلة ً | وعِشْتُ كالجِنّ ملْعُونًا و مُغْتَرِبَا |
وطَارَدَتْنِي سَمَاواتٌ و شَعْوذَةٌ | وتَمْتَمَات ..ولمْ تلمسْ يَدي شُهُبَا |
أنا المحرّقُ في نيرانِكُمْ ..فدمي | يزيدُ عِطرا إذا مَا ظلّ مُلتَهِبَا |
أنا المحصّنُ و البلْوى تُحصِّنُني | فكيفَ يُهزمُ قلبٌ لمْ يذقْ طَرَبَا |
مازجْتُ جُرحِي بجُرحي فاستعادَ فمي | جُرْحًا يُنغِّم في أعماقيَ الكُرَبَا |
هاجمْتُ نفسي بنفسي فاعْتلى أدبي | وزَوْرَقي راقصَ الإعْصار ما انقَلَبَا |
أطعمْتُ للنّار أوزاري و زندَقتي | وأنت تعرفُ يا ربّ الهوى السَبَبَا |
فكلّ ما كان مِنْ ذنبٍ و مِنْ خطأ ٍ | في صفحتي حاربتْهُ الروح فانْسَحَبَا |
مدائنُ الحقدِ منْ أخْطائِكم نُسجتْ | يا من تعمّد تنصيبَ الهوانِ أبَا |
أبكي على نسب الأجدادِ في زمن | دوما يُفرّخُ في صحْرائنا عَرَبَا |
إني تبرَّأتُ منْ أصْلي ومن نسبي | خلُّوا حروفي وبِيعوا دونَها النَسَبَا |
الشِعْرُ أرْفَعُ مِنْ أحْلامِكم رُتَبًا | فمن سيبلغُ مِنْ أحْلامِيَ الرُتَبَا؟ |
إنِّي توضَّأتُ بالإحساسِ فانْطلقتْ | رُوحي إلى ملكوتِ العشقِ ريحُ صِبَا |
وأ ُسدِلَ النُّورُ في مِحْرابِ قافيتي | فكنتُ مَنْ عَانقَ الألحانَ و انْجَذَبَا |
أنا المقاتِل بالأشواقِ في زمن ٍ | يُعلّمُ الصبرَ أنْ ينأى و يغتَرِبَا |
..وسِرْتُ منِّي إلَيّ اليوم قافلة ً | مِن الهُموم بهَا عُمْري الذي ذَهَبَا |
فطاردْتني عُيُونُ النَهْبِ ..واعَجَبِي | هلْ أصبحَ الهمّ فِي أيّامِنا ذهَبَا |