الليل مكتئبٌ وقريتنا يضاجعها الخراب |
ونساء قريتنا على الطرقات يسدلن الحجاب |
يخشين – يا أبتي – على أعراضهن من الذئاب |
وبكاؤهن يشيع في آفاق قريتنا اكتئاب |
وعويل أطفال يذيب القلب ، قد فقدوا الصواب |
وهزيم رعد - يا أبتي – يفضي بآلام السحاب |
ووميض برق تستضيء به المشارف والشعاب |
وسفينة في البرِّ آمنة وأخرى في العُباب |
وغناء عصفور على فننٍ يردده غراب |
وأنين أفئدة يمزقها التلهف والعذاب |
ويد مكبلة وهذا السيف يلمع كالشهاب |
وصراخ أسئلة بلا وعي ، تحن إلى جواب : |
ما بالهم يستأسدون ويطحنون رؤى الشباب ؟! |
ويعربدون ، وينشرون على الورى قانون غاب ؟! |
ما بالهم ، في غيهم يتسلطون على الرقاب ؟ |
ما بالهم ، شربوا دماء الأبرياء بلا حساب ؟؟ |
همج .. أليس لهم إلى البشر ، انتماء وانتساب ؟؟ |
بشر؟؟ نعم لكنهم عند عند الرغائب كالدواب |
هم كالوحوش بدا لهم في حربنا ظفرُ وناب |
أواه من جور العدو ومن مجافاة الصحاب |
من أين أبدأ- يا أبي ؟ والليل يرفده الضباب |
من أين ألبس – يا أبي ؟ جسدي يحن إلى الثياب |
كل المنابع أصبحت مستنقعات للذباب |
صارت وجوه الهاربين دفاتر الأمل المذاب |
وعيونهم صارت كهوفا للذهول وللعذاب |
من أين أبدأ رحلتي ووجوه أصحابي غضاب ؟ |
يبست على دربي الخطا وتنابحت حولي الكلاب |
ستقول يا- أبتي – تصبر ، سوف نقتحم الصعاب |
ستقول : لا تجزع ، فمثلك في الحوادث لا يهاب |
أتظن أني لا أرى ما نحن فيه من اضطراب ؟! |
أتظن أني لا أرى سجني ، ولا تلك الرحاب ؟! |
إني لأسمع ما يقال على المنابر من سباب |
إني لأعرف كل وجه يختفي خلف الحجاب |
كم من وعود – يا أبي – لكنها مثل السراب |
هذا صواب يا بني ، وهل تقول سوى الصواب ؟؟ |
أعداؤنا مثل الذئاب ونحن نصطاد الذئاب |
بيقيننا نمضي ونهزم كل شك وارتياب |
وإلى متى هذا السؤال وعندنا نحن الجواب |
سنسد باب الظلم يا ولدي ونفتح ألف باب |