بعيدا عنك في جيكور عن بيتي و أطفالي |
تشدّ مخالب الصّوان و الأسفلت و الضّجر |
على قلبي تمزّق ما تبقّى فيه من وتر |
يدندن يا سكون الليل يا أنشودة المطر |
تشد مخالب المال |
على بطني الذي ما مرّ فيه الزاد من دهر |
عيون الجوع و الوحدة |
نجومي في دجى صارعت بين وحوشه برده |
و إن البرد أفظع لا كأنّ الجوع أفظع لا فإنّ الداء |
يشلّ خطاي يربطها إلى دوّامة القدر |
و لولا الداء صارعت الطوى و البرد و الظلماء |
بعيدا عنك أشعر أنني قد ضعت في الزحمة |
و بين نواجد الفولاذ تمضغ أضلعي لقمة |
يمر بي الورى متراكضين كأن على سفر |
فهل أستوقف الخطوات ؟ أصرخ أيها الإنسان |
أخي يا أنت يا قابيل خذ بيدي على الغمّة |
أعني خفّف الآلام عني و اطرد الأحزان |
و أين سواك من أدعوه بين مقابر الحجر |
** |
و لولا الداء ما فارقت دراي يا سنا داري |
و أحلى ما لقيت على خريف العمر من ثمر |
هنا لا طير في الأغصان تشدو غير أطيار |
من الفولاذ تهدر أو تحمحم دونما خوف من المطر |
و لا أزهار إلا خلف واجهة زجاجّية |
يراح إلى المقابر و السجون بهنّ و المستشفيات |
ألا ألا يا بائع الزهر |
أعندك زهرة حيّة |
أعندك زهرة مما يربّ القلب من حبّ و أهواء |
أعندك وردة حمراء سقّتها شموس إستوائيّة |
أأصرخ في شوارع لندن الصّماء هاتوا لي أحبائي |
و لو أنى صرخت فمن يجيب صراخ منتحر |
تمرّ عليه طول الليل آلاف من القطر ؟ |