أرشيف الشعر العربي

هكذا تكلم أحد القرامطة

هكذا تكلم أحد القرامطة

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .

( هل كل جارحة

تتنفس في فجوة الجلد،

أو فجوة الرأس مسجونة ،

كل طفل تشيخ ،

والنسوة ، الأمهات الصغار أرامل ).

يدفعني الجند بالوخز في اسفل الظهر ،

ارفع رأسي ، أدخل ، دون حضور ودون شهود

يقدمني المحاكمة القصر ، أضحك ،

بسم الخليفة ، تقرأ لائحة التهم - الحب ، اضحك

بسم الخليفة يصدر حكم الطواغيت ضدي

ينفلت الضحك من كلماتي المحاطة بالجند ،

يخرجني حرس القصر ،

يفتح باباً الى السجن ، باباً الى القبر

يا وردة الجوع ،

يا وطناً يتوهج في ظلمة الإعتقالات.

ماكان عندي زرع،

وما كان عندي ضرع

أنا رجل من صعاليك هذي المدينة

أدبغ جلد الثعالب ،

بين رفاقي أقتسم الزاد ، أقتسم الثوب

أنشر في الصحراء ورودي ،

أشرب نخب القرامطة الفقراء كؤوس الملامة

أحترف السجن ، يحتضن الوجه ،

يلقي يديه على كتفي ، يحدثني عن جموع الرفاق

يحدثني عن مياه الخليج المراقب من جهة خاصة ،

أتأبط حزني ، تسألني النفس في لثغة الطفل ،

كيف تمر السنين الطويلة ، كيف تمر الليالي

مشبعة بالكآبة تحضر بالنعش ،

يختلط اليوم بالأمس ،

يختلط النوم بالصحو ،

تفقد كل الأحاديث روعتها ،

والأغاني تصمت ، تصمت كل الزنازن ،

يختلط الحر بالقرّ ،

يختلط القرّ بالقرّ ،

لا دفء ، كنت انا الدفء في الثلج ،

هل يتوسد بعضي - في وجع البرد - بعضي

وهل يتقدمني النعش مثل العصافير حين تهاجر

أدخل في كهف الليل ، شيء رهيب هو الليل ،

لا سكناً للصعاليك ، أعرف ، لا وطناً للطيور

اسأليني لماذا الليالي تطول ؟

لماذا الفصول ؟

يعمدها الوقت بالدم ، تكبر

يشتعل الرأس بالشيب ، تكبر

تقصر أيام عمرك ،

اكبر

يقترب القبر من باب زنزانة رقمها واحد

من يا ترى يدفن الصوت ،

لا أحد ، فأنا نبأ من بدء الخليقة ،

ينسجه البرق ، يعلنه نسغ النار ،

تعلن عني كتابات من سبقوني الى وطن العشق ،

يا وردة الجوع ،

يا نهر

يا جذر

هل كنت في جسدي ؟

آية لحضور المدينة أو كنت ناراً،

تحولت فيها جحيماً لذيذاً

يذيب الجراحات ، يا لحظة عمرها الدهر .

تواصلت ، غذيتك الجرح ،

دمع الصعاليك ، دمع القرامطة المستحمين في أنهر الجوع

كيف أتوا.. أخذونا معاً

كيف ؟!! ما عاد شئ يقال

سوى ان تكون الاجابة نوعاً جديداً

سوى ان يظل السؤال

لنا افقاً ، والخليج طريقاً يمر بنا العالم الطفل ،

يا وردة الجوع ، يا كل شئ لدي

نهاراً أراك

نخيلاً تقايض شاهدة القبر بالقبر ،

تكبر في رائحة الملح ،

ليلاً أراك

سماءً توغل فيها الدمى الخلفاء

( أيمكن أن يتباعد وجهك عني

أيمكن .. كيف ؟

وانت مكانك قلبي وصوتك صوتي )

أنا البحر ،

جلدي الشواطئ

أسكن في قطرة الماء ، في الطلع أسكن ،

في التربة المستحمة بالانتفاضات

في مطلع الصيف أسكن ،

يا وردة الجوع هزي جدار الازقة يطلع طفل

وهزي الصدى

صنماً يسقط الحقد ، في الوحل يسقط

في الوحل

في الوحل

يا وردة الجوع ،

قد يمنعون النعاس عن العين ..لكن

سأبقى أنا الحلم ،

كل الجهات طريقي .

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (علي الشرقاوي) .

الرعد في مواسم القحط

ضوء

زرقة الأشهل المتوسط

قهوة بوضاحي

خمرة الصباح


المرئيات-١