مِثْلَمَا كُنْتَ صَبِيًّا.. |
مِثْلَمَا لاَ زِلْتَ.. |
فِي أصْقَاعِ هَذَا الكَوْنِ |
مَفْتُونًا بِظِلٍّ هَارِبٍ مِنْ غِبْطَةِ المَنْفَى.. |
حَرِيٌ بِالتِي تَنْسَاكَ |
أَنْ تَنْسَاكَ.. |
فِي لَوْنِ المَسَافَاتِ التِي لَمْ تَعْرِفِ الأَنْوَاءُ مَنْفَاهَا |
وَ أَنْ تَبْنِي عَلَى أَنْقَاضِ مَعْنَاكَ |
انْهِيَارَاتِ التَّأَنّي.. |
بِخُطَىً مُسْرِعَةٍ |
تَنْجُو مِنِ الغَارَاتِ .. |
تُضْفِي بَعْضَ أَلْقَابٍ عَلَى زِئْبَقِكَ المَائِلِ.. |
تَحْمِي مَا تَبَقَّى مِنْ فُتَاتٍ |
رَقَّعَتْهُ الرِّيحُ مِنْ هَذَا العَوِيلْ.. |
وَ حَرِيٌ بِكَ أَنْ تَسْقُطَ فِي أَوَّلِ حَرْفٍ |
مِثْلَمَا يَسْقُطُ هَذَا الحَرْفُ فِي شِبْرِ التَّرَجِي |
مُذْ تَبَنَّتْهُ المَرَايَا |
وَ بَكَى فِي لَوِعَةِ الدَّمْعِ عَلَى أَشْلاَئِهِ هَذَا الصَّهِيلْ.. |
وَ حَرِيٌ بِكَ أَنْ تَسْمَعَ لَوْزَ الجُرْحِ يَلْهُو بِدِمَاء |
لَمْ تَكُنْ فِي آخِرِ الأَمْرِ سِوَى نَافُورَةٍ |
تَمْتَدُّ فِي غَيْمَةِ عِشْقٍ |
رَاهَنَ الآتُونْ أَنْ تُمْطِرَ فِي جَوْفِ إِنَاءٍ |
فَارِغِ المَعْنَى.. |
وَ لَمْ يَفْتَحْ لِعَيْنَيْكَ السَّبِيلْ.. |
هَذِهِ الأَرْضُ التِي تَنْعَاكَ.. |
هَذَا المُنْتَهَى.. |
هَذِي القَوَارِيرُ التِي أَفْرَغْتَ فِي مُنْتَصَفِ الأَحْزَانِ.. |
هَذَا المَوْجُ.. |
هَذَا الشَّجَرُ السَّائِلُ مِنْ وَرْدَةِ صَبَّارٍ وَحِيدٍ.. |
... |
... |
كُلُّهَا أَوْصَدَتِ الأَنْهَارَ فِي وَجْهِكَ.. |
وَ ارْتَاحَتْ عَلَى أُمْنِيَةِ العَوْدَةِ لِلْجُرْحِ |
وَ لَمْ تَتْرُكْ لِعَيْنَيْكَ الدَّلِيلْ.. |
سَلْسَبِيلاً.. |
كَانَ هَذَا الصَّدَأُ النَّائِمُ فِي مِعْصَمِكَ المَكْسُورِ.. |
وَ المَعْنَى.. |
يُنَادِي صَمْتَكَ الهَادِرَ.. |
هَلْ لُذْتَ بِأشْكَالٍ |
بَكَتْ يَوْمًا عَلَى مَا خَبَّأَتْهَ الأَرْضُ |
فِي بَارُودَةِ الأَنْسَاقِ ؟ |
هَلْ أَصْغَيْتَ لِلأَرْضِ التِي غَادَرْتَهَا |
مُنْذُ انْغِلاَقِ المَعْبَرِ المَعْقُوفِ فِي سَبَّابَةِ السَّاسَةِ؟ |
هَلْ أحْرَقْتَ هَذَا الحِبْرَ |
فِي مَا عَلَّمَتْكَ الأُمُّ أَنْ تَشْقَى بِهِ؟ |
قَدْ يَمُرُّ اليَوْمُ فِي خَاطِرِكَ المَكْسُورِ حُزْنًا دَافِقًا.. |
وَ الوَقْتُ –حَتْمًا- يَنْتَقِي مِنْكَ |
الذِي يَبْقَى عَلَى قَارِعَةِ الصَمْتِ.. |
وَ حَتْمًا.. |
تَكْبُرُ الأَوْطَانُ فِي أُغْنِيَةٍ |
رََّدَدَهَا المِذْيَاعُ فِي لَيْلَةٍ شَوْقٍ |
لَمْ تَمُتْ بَيْنَ يَدَيكْ.. |
رُبَّمَا أَغْرَاكَ هَذَا البَرْدُ بِالحُزْنِ |
عَلَى أَلْقَابِهَا طِيلَةَ هَذَا العُمْرِ.. |
أَوْ ذَكَّرَكَ التِّلْفَازُ بِالجُرْحِ السَّرِيرِيِّ المُسَجَّى |
فِي بَقَايَا خُطْوَةٍ كَانَتْ تُعَزِّيكَ.. |
حَرِيٌّ بِالتِي تَنْسَاكَ |
أَنْ تَبْكِي عَلَيْكْ.. |
وَ حَرِيٌّ بِكَ أَنْ تَسْأَلَهَا |
عَنْ بُرْتُقَالِ الحُبِّ فِي يَافَا |
وَ عَنْ نَافُورَةِ الشَّوْقِ التِي تَرْكُضُ فِي عَيْنَيْكَ |
عَنْ بَعْضِ تُرَابٍ عَالِقٍ فِي وَجْنَتَيْكْ.. |
هَا هِيَ الآن تُنَادِيكَ بأَعْلَى حُزْنِهَا: |
لاَ تَبْتَعِدْ عَنِّي كَثِيرًا |
كُنْ بِقُرْبِي |
مِثْلَمَا كُنْتَ صَبِيًّا |
مِثْلَمَا لاَ زِلْتَ.. |
... |
تَسْقِي حُلْمَهُ الفَارِعَ |
كَيْ تَزْرَعَهُ فِي سَاعِدَيْكْ... |