سَيلٌ من الهمِّ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَيلٌ من الهمِّ يسري في شراييني | ووخزةٌ في صَميمِ القلبِ تكويني |
بلغتُ من شدةِ الإحباطِ منزلةً | في أرضِها الصخرُ (حتى الصخرُ) يبكيني |
وثورةُ الرفضِ في صَدري ستحرقني | حتماً، وتهلكُ أركاني وتشقيني |
أخذتُ أبحثُ عن همٍّ وعن ألمٍ | كأن سيلَ همومي ليسَ يكفيني |
وجدتُ روحيَ عطشى، تستبدُّ بها | نارُ المآسي التي اجتاحتْ مياديني |
فلا البكاءُ على حالي سيطفئها | ولا تجرُّعُ كأسِ الحزنِ يرويني |
رأيتُ أشلاءَ أحلامي مبعثرة | على المدى، ودمي الباكي يُواسيني |
حتى قبورُ ابتساماتي غدتْ بدداً | ولم تَعدْ زَفَراتُ الموتِ تعنيني |
يفتتُ الفقدُ آمالي وينثرها | في قعرِ بحرٍ، عميقٍ غيرٍ مسكونِ |
ويُطفئُ الهمُّ شمسي كلما بزغتْ | ولعنة الريح خلفَ الظهر تلقيني |
أنا الذي سرقَ المجهولُ فرحتَه | ومزقت قلبَه الدنيا بسكينِ |
وحينَ حدقتُ في المرآةِ دونَ هدى | رأيتُ نفسيَ تبكي كالمساكينِ |
أضيعُ في الدربِ، أمشي حاملاً كفني | وتستبيحُ دمي كلُّ الثعابينِ |
ماتت زهوري، وجفَّ الغيثُ من سُحبي | وأصبحتْ مثلَ صَحراءٍ بساتيني |
حتى سمائي تخلتْ عن كواكبها | لما غدتْ قبةً تزدانُ بالطينِ |
والأرضُ ضاقتْ على قلبي بما رحبتْ | ولم تَعدْ تشتهي عطرَ الرياحين |
سقيتُها من جراحي النزفَ فاضطربتْ | كأنها كرةٌ في كفِّ مجنونِ |
* * * | |
غرقتُ في الحُزن، والدنيا تعاندني | والكون يمضي إلى أحلامِه دوني |
لا أصدقاءَ ولا إخوانَ يجمعُني | بهم شذا الشوقِ من حينٍ إلى حينِ |
وزادَ هميَ أنَّ الناسَ كلَّهمُ | تجمَّعوا حولَ جثماني ليرثوني |
كانوا يُريدونَ تكفيني بلا خَجلٍ | والخُبْثُ يقطُر منهم كالشياطينِ |
أخذتُ أصرخُ مذعوراً فما سمعوا | كأنَّ صوتيَ يأتيهم من الصينِ |
كأنهم (وجناحُ الحقدِ يحملهم) | أتوْا لكي يرقصوا في حفل تأبيني |
أنا مسيحُكُمُ، هيَّا ارجموا جسدي | وإن قُتلتُ، فموتي سوف يحييني |
* * * | |
ناديتُ والظلمة السوداءُ تمضغُني | فلم تُجبْني سوى أناتِ تشرينِ |
ولم يَعُد في دروبي المقفراتِ سوى | قصفِ العواصفِ، أو صوتِ البراكينِ |
وأنتِ يا فَرَحي المذبوحَ، يا وجعي | على يديكِ ذوتْ قهراً شراييني |
دخلتُ معبدَكِ العطريَّ متكئاً | على الخشوعِ، وأحزاني تناديني |
أخذتُ أرجوكِ ألا تسحقي كبدي | فإنه كانَ من ضمن القرابين |
لكنك اخترتِ أن تُبقي على ألمي | وتقتلي الحبَّ حتى لا يُداويني |
فكم تمنيتُ ألا تدفني أملي | وكمْ تمنيتُ دوماً أن تحبيني |
* | |
كاليفورنيا - 4 آذار 2008 |