ذكريات القرى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قرب المقابر كانت بيوتٌ | من بينها كان بيتُ صديقي | كنت أزورُ المقابرَ كلّ خميس | عفواً ، أزور صديقيَ كلّ خميس | فتنفثُ نفاخة ُالخوف ظلمتها في عيوني | وتصرخ في حَجراتِ الصدى جُثثٌ من هواء | أزحفُ حيناً ، | وحيناً أسير على طرف القدمين | مخافة َأنْ أوقظ َالميّتين | * * * | رصدتُ امتدادَ المقابر | حتى انعقادِ نهاياتِها بالسماء | تسافرُ بينهما للملائكة الحالمين | زوارقُ من مَطر ، | وضباب | رصدتُ نعوشا | ًتفرّ إذا اغفلَ الدافنون | ومن حولنا برك الدمع | يغطسُ فيها إلى الرُكب النائحون | ورغم شخير الذين غفوا من ألوفِ السنين | فما زال جَوقٌ من العازفين | تخبّئه الريحُ تحت لحاء الشجر . | * * * | وفي تلكم السنوات | رأيت قبورَ الصغار | تهزهزها كالمهود الرياحُ | رأيتُ دمَ الثأر يصعد في البَرد منه البخار | رأيت الذي حين يمضي إلى موته مُجبراً | تضجّ الحجارة في فمه بالصُراخ | وفي ليلة القرِّ | يسمرُ حول مواقدنا الميتون | وقد اوهموا النار | أنّ ابتساماتهم زخة من مطر | * * * | بيوتٌ هناك مع الموت تحيا | فبينهما لغة للحوار | وبينهما ألفة ٌ | وحقوقُ جوار | لقد مرَّ عمرٌ على تلكم السنوات | كبرتُ ، | وضيّعني صاحبي | وضيّعتُ حملي وأحماله في قطار | ولم تزل الشمسُ رغمَ برودة أعمارنا | تصبّ خمورَ وداعتِها في كؤوس النهار | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ليث الصندوق) .