قال حدثنا وأوجز عن حياتكْ |
يا أيها الولهانْ |
افتح القلب ورتّل صفحةً من ذكرياتكْ |
فكلّنا آذانْ |
قلت فاسمع قصةً أنكرها جُلُّ المَلا..! |
فإذا شئت فصدّقها وإن شئت فلا |
كلاهما سِِيّانْ |
:" لم يكد يقوى جناحي فأطيرْ |
نحو آفاق الأماني |
فإذا باالقدر المحتوم يرمي بي فأغدو بثوانِ |
من أسارى ملك الحبّ الخطيرْ |
مقيّد الجنانْ |
مُوَلّهاً حيرانْ |
واقتادني الجنودُ للسلطانْ: |
جئناك يا مليكنا المُبَجّلَ المَجيدْ |
بعاشقٍ جديدْ |
فهبَّ وانتفَضْ |
مزمجراً فيهم على مضضْ |
كان أبيَّ النفس، لا يرضى بغير صيده، عفيفا |
ولم يكن من طبعه أن يَقْرَب الأسيرَ والضّعيفا |
أمعنَ في وجوههم فارتعدوا |
خوفاً وعنه ابتعدوا |
لاذوا إلى الجدار كالأرانبِ |
ثم دنا ملتفتاً إلَيْ |
رمقني بمقلَتَي وُدٍّ.. جثا بجانبي |
صافحني مبتسماً.. شدَّ على كفَّيْ |
تدفّق الحنانُ من عينيه في عَينَيْ |
ملاطفاً مواسياً ثم نهضْ |
وجال في النواحي |
مُهَمهِماً يأمرهم أن يطلقوا سراحي |
• |
خرجت من عرينه فرحانْ |
كأنني ولدتُ من جديدْ |
في عالمِ العطورِ والألوانْ |
في يومِ عيدْ |
تَغمرني البهجة والأمانْ |
وقلبيَ السعيدْ |
سكرانْ |
من خمرة الودادِ لا من خمرة الدّنانْ |
يرفّ في صدري لا يكفّ عن رقصٍ ولا نشيدْ |
ينثرُ في الآفاق عطرَ الحُبِّ والريحانْ |
ينشر بسماتِ الرِّضا.. للعاشقينْ |
والمبغضينْ |
لكلِّ خلق اللهِ في الأكوانْ |
أحسستُ أني بطلُ الأبطالْ |
أقفزُ بَلْ أطير لا تعجزني الوديانُ والجبالْ |
كأنني أحملُ مصباحَ (عَلاء الدِّينْ) |
• |
وَسَطعَ المِصْبَاحُ غامِراً حَيَاتِي بالضِّيَاءْ |
وَرَحلَ الشَّقاءْ |
وَعِشْتُ أيَّامِي بفِرْدَوْسِ الخلودْ |
أرتعُ في نعيمه الفتانْ |
وعيشِهِ الرغيدْ |
أطفئُ حَرَّ قلبيَ الوَلْهانْ |
من مَنبَعِ السَّرّاءْ |
ظمآنْ |
أعُبّ صِرفَ الحُبِّ حينما أشاءْ |
وأجتني من ثمر الوِداد ما أريدْ |
بعيدْ |
عن كل ما يُنغص الفؤادَ من أشجانْ |
يحضّني الغرامُ أن أزيدْ |
وأن أُعيدْ |
فأستزيدُ، لم أكن أخافْ |
على القطافْ |
والمرتعِ الريّانْ |
وأن يؤولَ الكوثرُ الحلالْ |
يوماً إلى زوالْ |
• |
وَذُقتُ طعْمَ الحُبِّ وَالإخلاصِ وَالوَفاءْ |
في جَنَّتي العَذراءْ |
الليلُ وَالنهَارُ مَمْزوجَانْ |
بالدِّفْءِ وَالحَنانْ |
كعَبَقِ النرجِسِ والبَهارْ |
الليلُ وَالنهَارُ لا ليلٌ وَلا نهارْ |
كجنّةِ الخُلودْ |
الليلُ وَالنهارُ ليْسَ لهما حُدُودْ |
الليلُ والنهارُ أدهارٌ مِنَ الحُبورْ |
أرجوحة من نشوة الغرامِ والألحانِ والعطورْ |
لا تُدركُ التاريخَ والأعمارْ |
ولا تعي السنينَ والشُّهورْ |
• |
وَتحْتَ سِتارِ الظلامْ |
وَفِي غفلةٍ مِنْ فؤاديَ مُدَّتْ شِبَاكُ الضَّغينَهْ |
وَسَنَّ سكاكينَه الحَسَدُ المُسْتبدُّ ببَعْضِ الأنامْ |
وَهبَّتْ أعَاصيرُ حِقدٍ دَفينَهْ |
• |
طارَتْ سِهَامُ الشّرِّ نحْوَ قلبيَ المَسْحورِ كالشّرَرْ |
تسَابَقتْ مَسْمُومَةَ الرُّؤوسِ لا تُبقي وَلا تَذرْ |
فَانقَلَبَ المِصباحُ وَانكَسَرْ |
ولَم يَعُدْ لِقَلبيَ التائهِ في الظلامْ |
من مؤنسٍ لهُ سوى حطامْ |
ومن ودادِ الأمس والوئامْ |
سوى خيالٍ سائحٍ مع الذِّكَرْ |
ومهجةٍ حزينةٍ هائمهْ |
ودمعةٍ دائِمَهْ |
• |
هذه يا صاحِ من سِفرِ حياتي نفحاتْ |
ربما قد خانني الوصفُ ولكنْ |
لم يكن ما جاء فيها تُرّهاتْ |
فرنا نحوي بعين دامعهْ |
هامساً مرتعشَ الكلماتْ: |
" تلك والله حياةٌ ضائعهْ |
يا صديقي.. |
اِزرعِ البَسْماتِ في بُستانِ نفسكْ |
يُنبِتِ الشوكُ وروداً يانِعَهْ |
تُنعشُ الروحَ بنَسماتِ الرَّحيقِ |
وانثرِ الآمالَ في حُلكَةِ يأسِكْ |
أُغنياتٍ ونجوماً لامعَهْ |
ينقشِعْ عن أفقكَ الداجي دخانٌ ورمادْ |
ويُداعِبْ زُرقةً رُدَّتْ إليهِ وحبوراً مُستَعادْ |
تِبرُ شمسٍ ساطعَهْ " |
• |
2007 |