صباحُكِ مشغولٌ بلادي ولا شُغْلُ |
وليلُكِ مكْتوبٌ محا فجْرَهُ الذُّلُّ |
وبينَهُما يَحْيَى الطُّغاةُ بِجَهْلِنَا |
فطُوبى لِطاغٍ إنْ طغى بيننا الجَهْلُ |
هَبِي ذاكَ نَخّاساً ونحنُ عَبيدَهُ |
أيعقِلُنا عَقْلاً وليسَ لهُ عَقْلُ؟ |
تُجِلّينَهُ فوقَ العِبادِ لأَصْلِهِ |
ولمْ تسألي إنْ كانَ أَصْلاً لهُ أصْلُ |
كفاهُ يَرى البيتَ المُدَوّرَ كَعبةً |
يَرى مَنْ بهِ ربّاً على ربّنا يَعْلُو |
يُقبّلُ أحْجاراً ويعبُدُ بعضَا |
لها الأمرُ مِنْ بعدٍ ـ يَراها ـ ومِن قَبْلُ |
كَفاهُ يُدلّي ريقَهُ مِنْ تزَلُّفٍ |
بِذاكَ كفى فَضْلاً لِمَنْ عافهُ الفَضْلُ |
تَمَرَّغَ بينَ القاصِراتِ فُحُولةً |
وباتَ خَصِيّاً حيثُ سيِّدُهُ الفَحْلُ |
وأعني الذي أفضالُهُ نَسْتَزيدُها |
ولا فضْلَ مِنْ كَفِّ الذي زادُهُ البُخْلُ |
تَعَلّمَ فينا كَيْفَ تُرعَى رَعيَّةٌ |
كأنَا يتامى مَالَنَا دونَهُ أَهْلُ |
تعلّم َ كيفَ الذّئبُ يَغْوي نِعاجَهُ |
وكيفَ يَسودُ الأُسْدَ في الغابَةِ البَغْلُ |
تعلّمَ كيف يُحْيِي يَأْسَنَا بِوُعُودِهِ |
وما الذي يُحْييهِ مَنْ طبْعُهُ القَتْلُ؟ |
وكيف بنا يحيى وفينا مؤلّهاً |
وكيف يُرى لوشاءَ في ظلمه العدلُ |
فصارتْ له كلُّ الرِّقابِ مَطِيَّةً |
وسارَ، على كلِّ الرقابِ لهُ نعْلُ |
متى يا بلاداً تُدْرِكينَ بُكاءَنا؟ |
وقدْ فاضَ مِنْ طولِ البُكاءِ بنا السّيْلُ |
أَذَا مَطَرٌ هذا الذي هالَ شَعْبَنا |
أمِ العيْنُ عينُ الشّعبِ فاجَأَها الهَوْلُ؟ |
متى تَصْدُقينَ الوعدَ حينَ وعَدْتِنا |
وينزِلُ حُلْماً راجِلاً مِنْ قولِكِ الفِعْلُ؟ |