أرشيف الشعر العربي

بغداد

بغداد

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

بغدادُ كانت –مثلما تَروي لنا الأسفارْ-

أميرة ً ترفل بالحريرِ والنُّضارْ…

إن ْ أَومأَت ْ بإصبعٍ من يدها اليمينْ

خرَّ لها كلُّ عتاة الأرض ِ ساجدينْ !

وفي المساء ، عندما تغتسل النجوم في دجلهْ

ويرسمُ النخلُ على صفحته ظلَّه

كانت على شرفتها فاتنة ُ الزمانْ

تصُغي ، وقد حفَّ بها السُمّارُ والقِيانْ ،

إلى النُواسيَِّ وقد آبَ من الحانه

يبثّ في خمائل الشطّين ألحانَهْ ،

وتحملْ الريحُ إلى أسماعها الُحداءْ

تمشي على إيقاعه القوافلْ

مُثقلة َ الأكوار بالصَندل ِ والحنّاء ْ ‘

وغُنوة َ البحَّارة ِ الآتينْ

بالخزّ والعنبر والتوابلْ

من جُزُر الهند وما جاورها ومن بلاد الصينْ !

بغدادُ ! أيّ ُ حاضرٍ تشهدُه بغداد !!

كيف غَدتْ أسيرة ًتنوءُ بالأصفادْ ؟!

عارية ًتُسحبُ فوق الجمرِ والقتادْ ؟!

كيف تهاوى تاجها الوضّاء في الوحولْ ؟

ولم يَدع جلاّدُها الصفيقْ

من سحرها ومجدها العريقْ

شيئاً سوى الفاقةِ والطلولْ ؟!

بغدادُ ، يا بغدادْ !

أيّ ُمصير فاجعٍ هذا الذي أراهْ ؟!

أبناؤك ِ الأُباهْ

أبصرتهم في مُدن ِ الأغراب ْ

أذلةً تُسدُّ في وجههمُ الأبوابْ !

بناتُك ِ المشرَّدات في بلاد اللهْ

فيهن من تثوي بلا قوتٍ على الرصيفْ

ومن تبيعُ العِرضَ بالرغيفْ

لكي تُردَّ الجوع عن اطفالها …

أوّاه ، يا بغداد !

كيف تواطأنا فأسلمناكِ للجّلادْ؟

ماذا ستروي في غدٍ عن عارنا الأحفادْ ؟!

__________

صوفيا -1995

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (رشيد ياسين) .

أنشودة

فلتعصف الريح

الدمية الحزينة

الأسود والأبيض

الصحوة


ساهم - قرآن ٢