عَرَضٌ تَقَضَّى لمَّ يَمُسِّ الْجوْهَرَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عَرَضٌ تَقَضَّى لمَّ يَمُسِّ الْجوْهَرَا | فالْحَمْدُ لِلْمَوْلى عَلى مَا قَدَّرَا |
صَانَتْ فؤَادَكَ مِنْ لَدُنْهِ عِنَايَةٌ | جَعَلَتْ شِفَاءَكَ لِلْعِنَايةِ مظْهَرَا |
وَأَرَتْكَ مِنْ حُبِّ السَّرَائِرِ آيةً | فِي غَيْرِ هاِتكَةِ السَّرائِرِ لا تُرَى |
يَا نَيِّراً جِرْؤُ السِّقَامِ فَنَالهُ | عَجَباً أَيقْتَحِمُ السِّقَامُ النَّيِّرَا |
خِلْنَا مَكَانَتَكَ السَّنِيَّةَ مَأْمَناً | مَنْ بَلَّغَ الأَدْوَاءَ هَتِيك الذُّرَى |
هَزَّتْ لِحَادِثِكَ الربَى وَتحَرَّكَتْ | لُجَجُ الأَثِيرِ ورُوِّعَتْ مُهَجُ الْوَرَى |
وَكَأَنَّمَا فِي كُلِّ صدْرٍ غُصَّةٌ | مِمَّا عرَا الصَّدْرَ الأَبرَّ الأَطهَرَا |
رَيْبٌ تغشَّى كَالغَمَامِ فَمَا انْجَلى | حَتَّى انْثَنَى صُوْتُ النَّذِيرِ مُبَشِّرا |
هدَأَتْ نُفُوسُ الْجَازِعِينَ وبَدَّلَتْ | فَرَحَا بِمَا شابَ الصَّفَاءَ وَكَدَّرا |
فاغْنَمْ حياتَكَ بِالشَّبَابِ مُجَدِّداً | والْعَيْشُ أَرْغدُ ما عَهِدْتَ وَأَنْضَرَا |
وَاسْتَأْنَفِ الأَيَّامَ بَعْدَ مَتَابِهَا | فِي نِعمةٍ أَوْفَى وَمَجْداً أَوْفَرَا |
وَأَعِدْ إِلى هَذَا الْحِمى أَعْيَادهُ | تَزْهُو وتُزْهِرَ فِي المَدَائِنِ وَالقُرَى |
لا غَرْوَ أَنْ يهْوَى الأَمِيرَ اَلْمُفْتَدَى | شَعْبٌ رَأَى فِيهِ الكَمَالَ مُصَوَّرَا |
وَرَأَى حَمِيدَ بَلائِهِ فِي نَصْرِهِ | حَتَّى نَجَا مِنْ رِقِّهِ وَتَحَرَّرَا |
ورَآهُ لِلشُّورَى ظَهِيراً صادِقاً | مُذْ سَاسَ فِي المُلْكِ الأُمُورِ وَدَبَّرَا |
مُسْتَعْصِمٌ بِاللّهِ يَقْفُو دَائِماً | سِيراً بِهَا الْعُظمَاءُ زَانُوا الأَعْصُرَا |
مهْمَا يُجَشِّمُهُ هَوَاهُ لِقَوْمِهِ | مِنْ طَائِلٍ لا يَلْفَهُ مُتَعَذِّرَا |
إِيمَانُهُ يَحْمِيهِ فِي بأَسَائِهِ | والصَّبْرُ عِدَّتُهُ إِلى أَنْ يَظْفُرَا |
آدَابُهُ لَمْ يُؤْتَهَا إِلاَّ امْرُؤٌ | صفَّى شَمَائِلَهُ التِّلادَ وَكَرَّرَا |
فيَرَى الَّذِي يسْمُو إِليْهِ طَرْفُهُ | رَوْضاً مِنَ الشِّيَمِ الْحِسَانِ مُنَوَّرا |
يَا منْ لَهُ مِنْ نَبْعتَيْهِ عِزةٌ | ليسَتْ تُسَامَى مَظْهراً أَوْ مَخْبَرا |
فِي كُلِّ شأْنِكَ وَالوِصَايَةُ بَعْضُهُ | كُنْتَ النَّزِيهَ الحَازِمَ الْمُتَبَصِّرَا |
وَجلوْتَ لِلدُّنْيا خِلالَ إِمَارَةٍ | جَعَلَتْكَ فِي كُلِّ الْقُلوبِ مُؤَمَّرَا |
لِلْعِلْمِ وَالآدَابِ مِنْكَ رِعَايَةٌ | أَكَّدْتَهَا بِمآثِرَ لا تُمْتَرَى |
أَشْرَعْنَ فِكْرَكَ لِلْقَرائِحِ مَوْرِداً | وَجَعَلنَ شُكْرَكَ لِلْمَدَائِحِ مَصْدَرَا |
وَإِلى الْفنُونِ صَرَفْتَ فِطْنَةَ جَهْبَذٍ | يَتَخَيَّرُ الأَحْرَى بِانْ يتَخَيَّرَا |
بَيْنَ الطَّرِيفَةِ وَالعَتِيقَةِ تُنْتَقَى | مَا هَيَّأَتْهُ يَدُ الصَّنَاعِ ليُذْخَرَا |
طُوَّفْتَ فِي شَرْقِ الْبِلادِ وَغرْبِهَا | مُسْتَطْلِعاً مُسْتَقْصياً مُسْتَخْبِرا |
تَفْرِي الفِرَا وَلا مَرَدَّ لِهِمَّةٍ | جُبْتَ البُرُورَ بِهَا وَجُزْت الأَبْحُرَا |
وَبِوَصْفِكَ الأَسْفَارَ فِي أَسْفَارِهَا | أَحْضَرْتَهَا مَنْ فَاتَهُ أَنْ يحْضُرَا |
كمْ مِنْ مَغَالِقَ لِلْعُقُولِ فَتَحْتَهَا | للّهِ دَرَّكَ بَاحِثاً وَمُفَكِّرَا |
أَنَّى عَلى طِيبِ الزَّمَانِ وَخُبْثِهِ | مِمَّنْ يُعَمِّرُ وِدَّهُ مَا عمَّرَا |
وَسَجِيَّتِي رَعْيِ الذِّمَامِ لِمُجْمَلٍ | أَأَقَلَّ مِنْ إِجْمَالِهِ أَوْ أَكْثَرَا |
هَيْهَاتَ أَنْ أَنْسَى يَداً لَكَ طَوَّقَتْ | عُنُقِي وَشِيمَةُ مَنْ وَفَى أُنْ يَذْكُرَا |
قُلِّدتَهَا وَبَنُو أَبِي وَعَشِيرَتِي | قِدَماً فَقَلِّدْنَا الْفِخَارَ الأَكْبَرَا |
وَلَقَدْ شَكَرْتُ بِمَا اسْتَطعْتُ وَحاجَتِي | مَا دُمْتُ حَيّاً أَنْ أَعُوْدَ فَأَشْكُرَا |
عَوْدُ السَّلامَةِ كانَ أَيْمَنَ نَهْزَةٍ | لأَبُثَ مَوْلايَ الوَلاءَ المُضْمِرَا |