يا حبذا الدارُ بالرَّوحاءِ من دارِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا حبذا الدارُ بالرَّوحاءِ من دارِ | وعهد أعصارها من بعد أعصارِ |
هاجتْ عليَّ مغانِيها وقد درسَتْ | ما يردَعُ القلبَ من شوقٍ وإذْكارِ |
يا صاحِبَيَّ ارْبَعا إنَّ انصرافَكُما | قَبْلَ الوقُوفِ أَراهُ غيرَ إِعذارِ |
فعرِّجا ساعة ً نبكي الرُّسوم بها | واسْتخبِرا الدارَ إنْ جادتْ بأخبارِ |
وكيفَ تُخْبِرُنا دارٌ مطَّلَة ٌ | قَفْرٌ وهابِي رَمادٍ بينَ أحجارِ |
وعَرصَة ٌ من عِراصِ الأرضِ مُوحِشَة ٌ | ما إِنْ بها من أَنيسٍ غيرُ آثارِ |
تغدو الرياح وتسري في مغابنها | بمجلبٍ من غريب التُّرب موَّارِ |
فلا تزالُ من الأنواءِ صادِقَة ٌ | بحرية ُ الخالِ تعفُوها بأمطارِ |
مقيمة لم ترم عهدَ الجميعِ بها | كأنَّما جُعِلتْ بَوّاً لأظارِ |
إن تسمي سعدى وقد حلت مودّتها | وأقصرت لانصرفٍ أيَّ إقصارِ |
فقدْ غَنِينا زَماناً ودُّنا حَسَنٌ | على معاريضَ من لومٍ وإهجارِ |
ومن مقالِ وشاة ٍ حاسدين لها | أَنْ يُدْرِكُوا عندَنا فيها بإكثارِ |
كنّا إذا ما زرت في الودِّ نعتبها | وآية الصُّرم ألاّ يعتب الزّاري |
إذ لذّة العيش لم تذهب بشاشتها | وإذ بنا عهدُ سلمى غيرُ خَتَّارِ |
حتّى متى لا مبين اليأسِ يصرمني | ولا تَقَضَّى من اللذاتِ أَوطارِي |
من ضيّع السِّرَّ يماً أو أشاد بهِ | فقد منعتُ من الواشِينَ أَسرارِي |
عهدِي بها قُسِمَتْ نِصْفَينِ أَسفَلُها | مثلُ النَّقا من كثيبِ الرَّمْلَة ِ الهارِي |
وفوق ذاكَ عَسِيبٌ للوِشاحِ بهِ | مَجْرَى لِكَشْحِ ألُوفِ السِّتْرِ مِعْطارِ |
في ميعة ٍ من شبابٍ غربه عجبٌ | لو كان يرجعُ غضّاً بعد إدبارِ |
هيهات لا وصل إلا أن تجدِّدهُ | بذات معجمة ٍ مرادة ِ أسفارِ |
ملمومة ٍ نُحِتَتْ في حُسْنِ خِلقتِها | وأُجْفِرَتْ في تَمامِ أَيُّ إِجْفارِ |
وأُرْغِدَتْ أَشْهُراً بالقُهْبِ أَربعة ً | في سِرِّ مُسْتَأسِدِ القُرْيانِ مِحْبارِ |
تَرعَى البِقاعَ وفرعَ الجِزْعِ من مَلَلٍ | مراتع العينِ من نقوى ومن دارِ |
في فاخِر النبتِ مَجَّاجِ الثَّرَى مَرحٍ | يخايل الشمسَ أفواجاً بنوَّارِ |
قَرَّبْتُها عِرْمِساً لِلرَّحلِ عَرضَتُها | أزواجُ لماعة ِ الفودينِ مقفارِ |
فلم تَزلْ تطلبُ الحاجاتِ مُعْرِضَة ً | حتَّى اتَّقَتْني بِمُخٍّ بارِدٍ رارِ |
قد غودرت حرجاً لا قيد يمسكها | وصُلْبُها ناحِلٌ مُحدَودبٌ عارِي |
وقد برى اللحم عنها فهي قافلة ٌ | كما برى متنَ قدحِ النَّبعة ِ الباري |
تهجُّري ورواحي لا يفارقها | رحلٌ وطولُ ادّلاجي ثم إبكاري |
هذا وطارقِ ليلٍ جاءَ مُعْتَسِفاً | يَعْشُو إلى منزلِي لمَّا رَأَى نارِي |
يَسْرِي وتُخْفِضُهُ أَرْضٌ وترفَعُهُ | في قارسٍ من شفيفِ البردِ مرّارِ |
حتّى أتى حين ضمّ اليل جوشنهُ | وقلتُ هل هُوَ منجابٌ بِإسْحارِ |
فاستنبحَ الكلبَ منحازاً فقلتُ لهُ | حَيٌّ كِرامٌ وكلبٌ غَيرُ هَرَّارِ |
أهلاً بمسراك أقبل غيرَ محتشمٍ | لا يذهبُ النومُ حقَّ الطارق السّاري |
هذا لهذا وأنّا حين تنسبنا | من خِنْدفٍ لَسَنامُ المَحْتِدِ الوارِي |
تَغْشَى الطِّعانَ بنا جُرْدٌ مُسَوَّمَة ٌ | تؤذي الصَّريخَ بتقريبٍ وإحضارِ |
قبلٌ عوابسُ بالفرسان نعرضها | على المَنايا بإقْدامٍ وتَكْرارِ |
منَّا الرَّسولُ وأهلُ الفضلِ أفضلهم | منّا وصاحبه الصِّدِّيق في الغارِ |
من عدَّ خيراً عددنا فوق عدِّته | من طيبينَ نُسَمِّيهُمْ وأَبرارِ |
منّا الخلائفُ والمستمطرون ندى ً | وقادة ُ الناسِ في بَدْوٍ وأَمْصارِ |
وكلُّ قرمٍ معديَّ الأرومِ لنا | منهُ المُقَدَّمُ من عِزِّ وأَخْطارِ |
كم من رئيسٍ صدَعْنا عظمَ هامَتِهِ | ومن هُمامٍ عليه التاجُ جَبَّارِ |
ومن عَدُوِّ صبَحْنا الخيلَ عادِيَة ً | في جحفلٍ مثلِ جوزِ اللّيل جرّارِ |
قُوداً مَسانِيفَ ترقَى في أَعِنَّتِها | مُقْوَرَّة ً نَقْعُها يعلو بإعْصارِ |
لا يخلُصُ الظَّبْيُ من هَضَّاءِ جمعهِم | ولا يفوتهم بالتّبلِ ذو الثَّارِ |
صِيدُ القُروم بنو حربِ قُراسِيَة ٌ | من خِندفٍ لَحصانِ الحِجْرِ مِذْكارِ |
عزُّ القديم وأيامُ الحديث لنا | لم نُطْعِم الناسَ منَّا غيرَ أَسآرِ |
أَلقَتْ عليَّ بنو بَكْرٍ شَراشِرَها | ومن أديمهمُ ما قدَّ أسياري |
قد يشتكيني رجالٌ ما أصابهمُ | منّي أذى ً غيرَ أن أسمعتهم زاري |
لا صبرَ للّثعلب الضّبّاحِ ليس لهُ | حرزٌ على عدواتِ المشبلِ الضّاري |
لا تَستطيعُ الكُدَى الأثْمارُ راشِحَة ً | مَدَّ البُحُورِ بأَمْواجٍ وَتَيَّارِ |