بَانَ الخَلِيطُ فَمَا لِلْقَلْب مَعْقُولٌ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بَانَ الخَلِيطُ فَمَا لِلْقَلْب مَعْقُولٌ | ولا على الجيرَة ِ الغادِينَ تَعْوِيلُ |
أمَّا همُ فعُداة ٌ ما نُكلِّمُهمْ | وَهْيَ الصديقُ بها وَجْدٌ وتَخْبِيلُ |
كأنَّني يومَ حَثَّ الحادِيانِ بها | نحوَ الإوانة ِ بالطاعونِ مَتْلولُ |
يومَ ارْتحلْتُ برَحلي دونَ بَرْذَعَتي | والقَلبُ مُسْتَوْهِلٌ بِالبَينْ مَشْغُولُ |
ثُمَّ اغْتَرَزْتُ على نِضْوِي لاِبْعَثَهُ | إثْرَ الحُمولِ الغَوادي وَهْوَ مَعْقولُ |
فاستعجلَتْ عَبْرَة ٌ شَعْواءُ ، قَحَّمَها | ماءٌ،ومالَ بها في جَفْنِها الجُولُ |
فقلتُ: ما لِحُمولِ الحَيِّ قدْ خَفِيَتْ | أَكَلَّ طَرفيَ ، أمْ غالَتْهُمُ الغُولُ؟ |
يَخْفَوْنَ طَوْراً ، فأبكي ، ثمَّ يرفعُهُمْ | آلُ الضُّحى والهِبِلاَّتُ المَراسيلُ |
تَخْدِي بهمْ رُجُفُ الأَلْحِي مُلَيَّثَة ٌ | أظْلالُهُنَّ لأيديِهنَّ تَنْعيلُ |
وللحُداة ِ على آثارِهمْ زَجَلٌ | ولِلسَّرَابِ على الحِزَّانِ تَبْغِيلُ |
حتى إذا حالَتِ الشَّهْلاءُ دونَهمُ | واسْتوقَدَ الحَرُّ قالوا قَولة ً: قِيلُوا |
واسْتَقَبُلوا وَادِياً جَرْسُ الحمامِ بهِ | كأنَّهُ نَوْحُ أَنْباطٍ مَثاكِيلُ |
لمْ يُبقِ مِن كَبِدي شيئاً أعيشُ بهِ | طُولُ الصَّبابة ِ والبِيضُ الهَراكيلُ |
من كلِّ بَدَّاءَ في البُرْدَيْنِ يَشغلُهَا | عنْ حاجة ِ الحَيِّ عُلاَّمٌ وتَحْجِيلُ |
مِمَّنْ يَجُولُ وِشاحَاهَا إِذَا انْصَرَفَتْ | ولا تَجُولُ بساقَيْها الخَلاخِيلُ |
يَزِينُ أعداءَ مَتْنَيْها ولَبَّتَها | مُرَجَّلٌ مُنْهَلٌ بالمِسكِ مَعْلولُ |
تُمِرُّهُ عَطِفَ الأطرافِ ذَا غُدَرٍ | كأنَّهُنَّ عناقيدُ القُرى المِيلُ |
هِيفُ المُرَدَّى رَدَاحٌ في تأَوُّدِهَا | مَحْطُوطَة ُ المَتْنِ والأَحشاءِ عطبْوُلُ |
كأنَّ بينَ تَرَاقِيهَا ولبَّتِهَا | جَمْراً بهِ مِن نجومِ الليلِ تَفصيلُ |
تَشفي منَ السِّلِّ والبِرْسَامِ رِيقَتُهَا | سُقْمٌ لمنْ أَسقمتْ داءٌ عقابيلُ |
تَشفي الصَّدَى ،أَينما مَالَ الضَّجِيعُ بها | بعدَ الكَرى ، رِيقَة ٌ مِنها وتَقْبيلُ |
يَصْبوا إليها ، ولوْ كانوا على عَجَلٍ | بالشِّعْبِ مِن مكّة َ الشِّيبُ المَثاكيلُ |
تَسْبي القلوبَ ، فمِنْ زُوَّارِها دَنِفٌ | يَعْتَدُّ آخِرَ دُنياهُ ، ومَقتولُ |
كأَنَّ ضَحْكَتَها يوماً إِذَا ابْتَسَمَتْ | بَرْقٌ سَحَائِبُهُ غُرٌّ زَهَالِيلُ |
كأنَّهُ زَهَرٌ جاءَ الجُنَاة ُ بهِ | مُسْتَطْرَفٌ طَيِّبُ الأرواحِ مطلولُ |
كأنَّها حينَ يَنْضُو النَّوْمُ مِفْضَلَها | سَبِيكَة ٌ لم تُنَقِّصْهَا المثاقيلُ |
أوْ مُزْنَة ٌ كَشَّفَتْ عنهَا الصَّبَا رَهَجاً | حتَّى بَدَا رَيِّقٌ منْهَا وتَكْلِيلُ |
أوْ بَيضة ٌ بينَ أجْمادٍ يُقَلِّبُها | بالمِنْكَبَيْنِ سُخَامُ الزَّفِّ إجْفيلُ |
يخشى َ النَّدَى ،فَيُوَلِّيهَا مَقَاتِلَهُ | حتَّى يُوافيَ قَرْنَ الشَّمْسِ تَرْجِيلُ |
أونَعْجَة ٌ منْ إِرَاخِ الرَّمْلِ أَخْذَلَهَا | عنْ إلْفِها واضحُ الخَدَّيْنِ مَكْحولُ |
بِشُقَّة ٍ منْ نَقَا العَزَّافِ يَسْكُنُهَا | جِنُّ الصَّريمة ِ والعِينُ المَطافيلُ |
قالتْ لها النفْسُ: كُوني عندَ مَولِدِهِ | إنَّ المُسَيْكِينَ إنْ جَاوَزْتِ مَأْكُولُ |
قَالقلبُ يَعْنَى بِرَوْعَاتٍ تُفَزِّعُهُ | واللَّحْمُ منْ شِدَّة ِ الإِشْفَاقِ مَخْلُولُ |
تَعْتادُهُ بفؤادٍ غيرِ مُقْتَسَمٍ | ودِرَّة ٍ لمْ تَخَوَّنْهَا الأَحاليلُ |
حتَّى احْتَوَى بِكْرَهَا بِالجَوِّ مُطَّرِدٌ | سَمَعْمَعٌ أَهْرَتُ الشِّدْقينْ زُهْلُولُ |
شَدَّ المَماضِغَ منهُ كلَّ مُنصَرَفٍ | منْ جانبيهِ،وفي الخُرْطُومِ تَسْهِيلُ |
لمْ يبقَ مِن زَغَبٍ طارَ النَّسيلُ بهِ | على قَرا مَتنِهِ إلاَّ شَماليلُ |
كأنَّما بينَ عينَيْهِ وزُبْرَتِهِ | مِن صَبْغِهِ في دماءِ القومِ مِنْديلُ |
كَالرُّمْحِ أرقلَ في الكَفَّينِ واطَّردتْ | منهُ القَنَاة ُ،وفيها لَهْذَمٌ غُولُ |
يطوي المفَاوِزَ غيطاناً،ومَنْهَلُهُ | منْ قُلَّة ِ الحَزْنِ أحواضٌ عدامِيلُ |
لمَّا ثَغَا الثَّغْوَة َ الأُولَى فَأَسمعهَا | ودونَه شُقَّة ٌ: مِيلانِ أوْ مِيلُ |
كادَ اللُّعاعُ مِنَ الحَوْذانِ يَسْحَطُها | ورِجْرِجٌ بينَ لحْيَيْهَا خَنَاطِيلُ |
تُذْري الخُزامى بأَظْلافٍ مُخَذْرَفَة ٍ | ووَقْعُهُنَّ إذا وقَعْنَ تَحْليلُ |
حتى أتتْ مَرْبِضَ المِسكينِ تبحَثُهُ | وحَوْلهَا قِطَعٌ منهُ رَعَابِيلُ |
بحثَ الكعابِ لِقُلْبٍ في مَلاَعِبِهَا | وفي اليدَيْنِ منَ الحِنَّاءِ تَفْصيلُ |