إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي دَوُلَةِ العِلمِ حَاجِبُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي دَوُلَةِ العِلمِ حَاجِبُ | أَمِيرَ النُّهَى إِذْناً فَإِنِّي مُخَاطِبُ |
خِطَابَ فَتىً يَرْعَى مَقَامَيْ جَلاَلَةٍ | أَعَزَّهُمَا مَا لَمْ تُنِلكَ المَنَاسِبُ |
أَحَلَّتْكَ مِنْهُ اللَّوْذَعِيَّةُ مَنْصِباً | عَلَى سَنَمٍ تَنْحَطُّ عَنْهُ المَنَاصِبُ |
إِلَيْكَ كَتَاباً فِيهِ أَحْيَيْتَ سَاهِراً | لَيَالِيَ كَانَتْ مِنْ دُجَاهَا النَّوَائِبُ |
وَقَفْتُ عَلَيْهِ سُهْدَ فِكْرِي وَدُونَهُ | مَصَائِبُ تَثْنِيني وَدَهْرٌ يُحَارِبُ |
ثَبَاتِي مِنَ السُّقْمِ المُقِيمِ أَفَدْتُهُ | وَصَبْرِيَ مَمَّا أَكْسَبَتْنِي المَتَاعِبُ |
لَوِ الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ وَهْوَ مُسَاهِرِي | رَأَى مَا أُقَاسِي لاَغْتَدَى وَهْوَ شَاحِبُ |
كِتَابٌ أُعَانِي جَمْعَهُ حَيْثُ خَاطِرِي | شَتِيتٌ وَبِي شُغْلٌ مِنَ الهَمِّ نَاصِبُ |
دَعَانِي لَهُ اسْتِكْمَالُ عَهْدِكَ لِلْمُنَى | وَنُورُكَ لِي هَادٍ وَأَمْرُكَ غَالِبُ |
فَجَاءَ قَلِيلاً مِنْ قَلِيلٍ وَإِنَّمَا | تَوَفَّرَ فِيهِ بَحْثُهُ وَالمَطَالِبُ |
عَتِيقٌ مَعَانِيهِ جَدِيدٌ سِيَاقُهُ | يُعِيدُ شَبَابَ الدَّهْرِ وَالدَّهْرُ شَائِبُ |
يَقُصُّ حَدِيثَ الكَوْنِ مُنْذُ ابْتِدَائِهِ | وَمَا َأخْلَفَتْ أَحْدَاثُهُ وَالتَّجَارِبُ |
وَتَمْثُلُ أَجْيَالُ الوَرَى فِيهِ بَادِياً | خَفِيَّ طَوَايَاهَا لَدَى مَنْ يُرَاقِبُ |
هُنَالِكَ أَقْوَامٌ تَجِيءُ وَتَنْقَضِي | وَتَتْبَعُهَا أَطْوَارُهَا وَالمَذَاهِبُ |
مَمَالِكَ تُبْنَى بِالصَّوَارِمِ وَالقَنَا | وَتَهْدِمُهَا أَوْزَارُهَا وَالمَعَايِبُ |
غَرَائِبُ أَدْيَانٍ وَجِنْسٍ وَمَشْرَبٍ | وَخَلقٍ وَأَخْلاقٍ تَلِيهَا غَرَائِبُ |
تَمُرُّ وَنُورُ النَّقْدِ يُبْدِي خَفِيَّهَا | سِرَاعَاً كَمَا مَرَّتْ بِشَمْسٍ سَحَائِبُ |
وَلَمْ أَرَ شَيْئاً كَالْفَضِيلَةِ ثَابِتاً | نَبَتْ عَنْهُ آفَاتُ البِلَى وَالمَعَاطِبُ |
وَمَنْ يَصْطَحِبْهَا كَاصْطِحَابِكَ رَاشِداً | فَإِنَّ لَهُ المَجْدَ المُخَلَّدَ صَاحِبُ |
سَيَدْرِي بَنُو الأَيَّامِ آخِرَ دَهْرِهِمْ | مَنَاقِبَ عَبَّاسٍ وَنِعْمَ المَنَاقِبُ |
وُتُرْوَى لَهُمْ عَنْهُ فِعَالٌ جَمِيلَةٌ | تُضِيءُ سَمَاءَ الذِّكْرِ مِنْهَا كَوَاكِبُ |
أَطَالَ لَكَ الرَّحْمَنُ عَهْداً مُبَارَكاً | فَوَاتِحُهُ غُنْمٌ لَنَا وَالعَوَاقِبُ |
فَحُكْمُكَ شَمْسُ الحَقِّ فِينَا إِضَاءَةً | وَكُلُّ مُضِيءٍ مَا سِوَى الحَقِّ كَاذِبُ |
وَفَضْلُكَ فِينَا لِلفَضَائِلِ مَنْبِتٌ | مَشَارِقُ مِصْرٍ رَوْضُهُ وَالمَغَارِبُ |
فَمَنْ شَاعرٌ مِنَّا فَحَمْدُكَ نَاظِمٌ | وَمَنْ نَاثِرٌ مِنَّا فَمَجْدُكَ كَاتِبُ |
مَتَى تَصْدَحِ الأَطْيَارُ فَالفَجْرُ صَادِحٌ | وَإِنْ تَسْكُبِ الأَمْطَارُ فَالبَحْرُ سَاكِبُ |