أسألتَني؟ مُتْ أوّلاً، أو فَاشْتعِل كالجُرح |
واهبطْ في رمادي |
واسألْ... أتَسألُ عن بلادي؟ |
جسدي بلادي. |
من أنتَ؟ هل واكبتَ هَرْولةَ الكواكبِ |
وانْحدرتَ مع السّيولِ |
طلعتَ في شفتَيْ جدارٍ |
زَهْرةً؟ |
ألَبِسْتَ أجنحةَ الفَراشةِ، غبْتَ في أحشاء صَخْرهْ |
وبسطتَ راحتَكَ، افترشْتَ الشّمسَ، |
صِرْتَ هسيسَ غابَهْ |
أسمعتَ أجراسَ الجبالِ تَرنُّ في عُنُقِ السّحابَهْ؟ |
مَن أنتَ؟ آ ، ها... ذاتَ مرّهْ |
كنّا، مشينا ذات مرّه: |
أنتَ عبدُ الطّريقْ |
خِرْقةٌ في الطّريقْ. |
أنتَ جبّانَةٌ وعاده... |
وأنا الفتْح والرّياده... |
وتحت أهدابي مَدى أحضنَهْ |
تَشْبَحُ، والأشباحُ والأمكنَهْ |
قوافِلٌ للخبز والبقولْ |
والزّهَرُ الطّالعُ والأنهارُ والسّهولْ |
أحصنةٌ تشبحُ، والصّهيلْ |
جرحٌ، وللجبالِ وَسْوَساتٌ... |
نسَجتُ من معارجي |
أجنحةٌ للصّبرِ |
واحتضنتُ الينبوعَ والجُمانةَ البيضاءَ والمرايا: |
يا شَجر الأيام أيّ شمسٍ |
لبستَ في مداري |
يا شجَر الدّوارِ،- |
وقلتُ - هذي نارُنا، وهذا |
سُرادِقُ الأخوّهْ |
والزّمن الأعجفُ قرنُ ثَوْرٍ يَموتُ |
والنبوّهْ،- |
يا فُقراءَ العالم النبوّهْ |
فقرٌ، |
وكلُّ فقرٍ |
أوّلهُ الفضاءُ - |
...- "رافقيهِ |
يا نجمَة السّؤالِ، علّميهِ الإعصارَ والهبوطَ |
في الأعالي..." |
وليس لي إلا دمي ووجهي |
وليس لي حنينٌ |
إلا لِنار الحلُم |
"انجحرَتَ؟ |
من أنتَ؟ |
آ ، ها ... ذاتَ مرّهْ.... |
مُتْ أولاً..." |
وُلِدتُ في عباءةِ النّبيْ |
وجهيَ نارُ زوجةٍ |
تحلمُ: "كيف تسقطُ السّيوفُ |
كيف يرجعُ الجنديّ..." |
وجهيَ مثلُ كوكبٍ |
يحضُن كلّ جامدٍ وميّتٍ وحَيّ. |
أحلمُ باسْم العُشبْ |
حين يصيرُ الخبزُ كالجحيمْ |
حين يصيرُ الورقُ الميّتُ في كتابِه القديمْ |
مدينةٌ لِلرُّعبْ |
أحلمُ باسْم الطينْ |
كي أمحوَ الرّكامْ |
كي أغمرَ الزّمانَ أستعينْ |
بِالنَّسَم الأوّلِ، أستعيدْ |
مزماريَ الأوّلَ |
كي أغيّر الكلامْ. |
والحلمُ اللّونُ وقوسُ اللّونْ |
بعدَ رمادِ الكونْ |
يُوقظُ هذا الزّمنَ النّائِمَ في بُحيرة الجَليد |
أخرسَ كالمسمارْ |
يُفرغه كجُرْنِ |
يُسلمه للنّارْ |
لِلزّمنِ الطّالع من خميرة الأجيالْ |
في قدم الأطفالْ- |
ألزّارعينَ بذْرةَ البَكارهْ |
ألحاملين الضّوءَ والشّرارهْ. |
غَسلتُ راحتيّ من حياتي - |
من هذه الفراشهْ |
صالَحتُ بين الدّهرْ والهشاشَهْ |
كي أهجر الأيامَ، كي أستقبل الأيّامْ |
أعجنها كالخبزْ |
أسلها من صدأ التّاريخ والكلامْ |
أذوب في نسيجها خرارةً أو رمزْ، |
ففي دمي دهرٌ من السّبايا |
دهْرٌ من الخطايا |
يجرفُه موتي، وحولَ وجهي |
حَضارةٌ تموتْ. |
وها أنا كالنّهرْ |
أجهل كيف أُمسك الضّفافْ |
أجهل غيرَ النّبع والمصبّ والمطافْ |
حيثُ تجيء الشّمسْ |
كالعُشبةِ السّاحرة السّوداءْ |
حيثُ تشبّ الشّمسْ |
كالفرسِ الحمراءْ |
حيثُ تصيرُ الشّمْسْ |
عَرّافة الشّقاءِ والسّعادَهْ |
عَرّافةً أو أسداً، أو نسرْ |
ينامُ كالقلاده |
فوقَ جبين الدّهرْ. |