يُهَنّا بطيب النوم ليلُ الحبائب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يُهَنّا بطيب النوم ليلُ الحبائب | وبالسُّهْد ليل الصب رحب الجوانب |
سهرتُ بليلٍ لا لصبغة لونه | انجلاءُ ولا نجمْ السماء بغارب |
أبثّ به كتب المحبة والأسى | يقابلني فيه ببثِّ الكتائب |
أما للوجوه المسفرات بليلنا | طلوعٌ فإني بعدها في غياهب |
وهل لليالي الماضيات بطيبها | رجوع فحالي في النوى والنوادب |
كأن ليالي الوصل في زمن الصبا | قلائد در في نحور الكواعب |
وريَّانة الساقين ظمآنة الحشى | عظيمة خف الردف بِيضُ الترائب |
مطالعها في آل سعد شوارق | عجبت ويعزى أصلها للغوارب |
غفيلية قلباً لآل مسلَّمٍ | بهاها ولكن لحظها من محارب |
وآل جراد عاذِلوها وما دروا | هواي عريقاً في لؤي بن غالب |
خلوت بها والغصن والظبي والنقا | وبدر السما يبدي كآبة شاحب |
بثثنا الهوى والنجم في صفحة السَّما | ونفس الدّجى للنقل أضبط كاتب |
وليسَ لنا إلا المجرَّةَ حانةٌ | نحنّ لها ما بين سَاقٍ وشارب |
كأنَّ محيّاها بليل فروعها | بياض العطايا في سوادِ المطالب |
جوارحها كادت تذوب لطافةً | جوامد لكن أُمسكت بذوائب |
رهنتُ الحشى في قوس حاجبها هوىً | ولا أرتضي رهناً لها قوس حاجب |
لها حسنُ وجه ضاءَ بين عقودها | كبدرِ سماءٍ زُيّنت بالكواكب |
لها حركات للهوى تجذب النهى | كما يجذب الأهواء عصر الشبائب |
مضى دهرها والخير والفضل إثْرُهُ | ودهر الفتى في زي معطٍ وسَالبِ |
ولم يبق في ذا الدهر من طالب العلا | سوى سادةٍ شمّ الذرى والمناصب |
ولا مات أهل المكرمات وفيهم | خليفة شهماً مصلحاً نجل حارب |
همام دعته كل علياء رغبة | فكان لها كُفئاً وأكرمَ خاطب |
تعرّق في أصل العُلا فاحتواؤه | على شرف حلَّ السما بالمناكب |
أبالخال أم بالعم أم بسليله | وبالأب أم بالجد عز المناسب |
كغيث تدلىّ من سَماء بروضة | فعمّمها بالنبت من كل جانب |
ملوك عظام ترجف الأرض منهم | إذا برزوا يوم الندى والكتائب |
وسيّدنا الشهم الهمام خليفة | شتيتُ العطايا جامع للمناقب |
ففي كل يوم ماله في نوادب | وفي كل يوم حاله في مآرب |
يروقك مثل السيف حُسْناً وبهجة | وكالغيث أبدته ثغور السَّحائب |
ملا هِبَةً أيدي العُفاة وهيبة | صدورهم كالبحر مُبدي العجائب |
فذا واهب يغني النهى بالمناهب | وذا ناهبٌ يحيي اللهى بالمواهب |
بدا طالعاً كالبدر في ربوة العُلا | فبوَّأهُ المقدار أعلى المراتب |
ولمَّا تثنت زنجبار مسرة | به استنهضت في حقها كل واجب |
ولما استوى حكماً على عرشها زهت | كزَهْو عروس في زمان الشبائب |
غدت روضة غنّاء طيّبة الجنى | مُعطّرة الأنفاس خَضْرَا الجوانبِ |
هنيئاً لها إذ صار قيِّمَ أمرها | وهُنّي بها من ربّةِ الحُسن كاعبِ |
ولا زال مبدوءاً بأول مَرّة | بخير ومختوماً بحُسن العَواقب |