من نحن ؟
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مِنّـا الزمـانُ وخطْبُـهُ يتعـلُّـمُ | وعلـى خُطانـا للعُـلا يَتَرسّـمُ |
وإذا طمى جرحُ الزمـانِ فإننـا | نحنُ الشّفـاءُ لجُرحِـهِ والبَلْسَـمُ |
إنْ كنتَ تجهلَ مَنْ نكـونُ فإنّمـا | للعُمْيِ هذي الشمسُ جِـرمٌ مُظْلِـمُ |
عَجَباً أتجهَلُ مـنْ نكـونُ وهـذه | الدنيـا بكـلِّ فِعالِنـا تتكـلّـمُ؟ |
من أنتَ، لا من نحن، يا مُتجاهلاً | أوَ يَجهَلُ البحرَ الخضـمَّ العُـوَّمُ؟ |
إن كنتَ تَجهَلُنـا فـذي آثارُنـا | فـي كـلِّ أرضٍ للهِدايـةِ مَعْلَـمُ |
نحن الذين رؤوسُهُـمْ لا تنحنـي | إلا لخالِـقـهـا ولا تستـسـلِـمُ |
افتَحْ سجِلاتِ القُرونِ فلـن تـرى | إلا أيـاديَ بالمفـاخـرِ تُنْـعِـمُ |
وسَلِ الوقائعَ والصّنائعَ هل رأتْ | أحداً يسوسُ كما يسـوسُ المسلـمُ |
إنّـا لَقـومٌ لا نَغُـشُّ رعـيّـةً | عند السّيـادةِ أو نخـونُ ونظلِـمُ |
وإذا حكمْنـا فالعدالـةُ منـهـجٌ | لا ظالـمٌ فيـنـا ولا مُتَظـلِّـمُ |
أطفالُنا وُلدوا على سُرُر الـرّدى | أرأيتَ طفـلاً بالـرّدى يَتَنَعّـمُ؟! |
وُلـدوا جِبـالًا راسيـاتٍ مثلمـا | وُلِدَتْ على هذي الحيـاةِ الأنجُـمُ |
عشِقوا الشهادةَ من صِباهُم فوقَ ما | عُشِق الشّرابُ لِذي الهوى والمَطعَمُ |
وهُمُ الرّواسي في البلاءِ عزيمـةً | وعقيدةً فـوقَ الجِبـالِ وأعظَـمُ |
لا يعبَؤون بحادثٍ مهمـا دَهَـى | فَهُمُ ومـا تلـدُ الدّواهـي تـوأمُ |
منْ قالَ أطفـالٌٌٌٌ هـمُ؟ لا، إنهـمْ | حِمَمُ القضاءِ، أَلِلقضاءِ مُقـاوِمُ؟! |
انظُرْ إلى الأحجارِ فـي أيديهـمُ | جـذلانـةً بنشيـدِهـم تَتَـرنّـمُ |
أرأيتَ كيفَ الشُّهْبُ في أَيمانهـم | تَهوي وأبناءُ الأبالـسِ تُرجَـمُ؟ |
لأقَلِّ مـا صنـعَ المُدلّـلُ فيهـمُ | تُحنى رؤوسُ الآخريـنَ وتَهـرَمُ |
قبضاتُهـم لانَ الحديـدُ لِعَزمِهـا | "تتحطّـمُ الدنيـا ولا تَتَحَـطّـمُ" |
ألِفوا فلسطينَ الصـراعُ حياتُهـا | أبداً علـى مـرِّ القـرونِ تُقَـاوِمُ |
ما جاءها غـازٍ يُريـدُ هَوانَهـا | إلا يُردُّ علـى الهـوانِ ويُهـزَمُ |
ولها بأَفنـاءِ الجزيـرةِ ناصـرٌ | أُسْدُ الجزيرةِ والمَنـونَ تفاهَمـوا |
لِبنـي قُريظـةَ موعِـدٌ وكتيبـةٌ | يَقضي الرّسولُ بها وسعدٌ يَحْكُـمُ |
يا قَينقاعُ ويـا نَضيـرُ تَأَهّبـوا | أُسْـدُ الجَزيـرةِ للوَغـى تتقـدّمُ |
يا أيها الجُبنـاءُ إنّـا لـم تَـزَلْ | فينـا دمـاءٌ بالعقـيـدةِ تُفـعَـمُ |
هذي فِلَسْطينُ التـي مـا راعَهَـا | لونُ الدّمـاءِ ولا جُيـوشٌ تَهجُـمُ |
هي حُرّةٌ تَرِثُ الطُّغاةَ على المَدى | جاؤوا إليهـا كافريـنَ فأَسْلَمـوا |
والمسجدُ الأقصى يُزيّـنُ جيدَهـا | فَمُكَـرَّمٌ يـزدانُ منـه مُـكَـرَّمُ |
صانَتْ حِماهُ وما تَـزالُ كتائِـبٌ | رصدوا له مُهَجَ النّفوسِ وقّدمـوا |
* * * | |
قالوا السياسةُ أن نكـونَ حمائِمـاً | تسمو على كلِّ الطيـورِ حمائِـمُ |
لينوا وهونوا واخضعوا وتذلّلـوا | إنّ السياسـةَ هـكـذا فتَعَلّـمـوا |
وتعوّدوا حمـلَ الِملفّـاتِ التـي | حُشِيَتْ هواناً أو هوىً، لا تسأموا |
هذا الخيارُ هو المُجـرَّب وحـدَهُ | أمّـا السّـلاحُ وحمْلُـهُ فمُحـرَّمُ |
أمِنَ السّياسةِ أن تكـونَ قلوبُكُـمْ | صخراً فـلا تحنـو ولا تتألّـمُ؟! |
تتصنّعون مـع الشهيـدِ تعاطفـاً | وعلى اليهـودِ قلوبُكـم تَتَرحّـمُ |
ولقد عَلِمتُـمْ بـل رأيتُـمْ حالَنـا | ولهَوْتُـمْ وكأنّكُـم لـم تَعلَـمـوا |
أمِنَ السّياسةِ تلـك أن تتفرّجـوا | والمسجدُ الأقصى يُباحُ ويُهـدَمُ؟ |
ويباحُ لحمُ القدسِ وهـو مُقـدّسٌ | للآكلينَ السُّحـتِ حتـى يُتخَمـوا |
أمِنَ السّياسةِ أن يَصيـرَ جهادُنـا | ذُلاً به نُسقى الـرّدى ونسـاوَمُ؟ |
ويصيرَ صفحـةَ ذلّـةٍ مكتوبـةٍ | والنصُّ عبريُّ الحُروفِ مُترجَـمُ |
أَخَلت مِنَ الفَهمِ السّياسـةُ عندَنـا | حتى غدَوْنـا ساسَـةً لا نَفْهَـمُ؟ |
هذي السّياسةُ قد عَرَفْنـا أهلَهـا | بلْ تلـك شِنشِنَـةٌ وهـذا أَخْـزَمُ |
** | |
الخارجونَ على العقيدةِ مـا لهُـمْ | نَسَـبٌ يُقرّبـهـم إليـنـا أو دَمُ |
ليسـوا لنـا أبـداً ولا منّـا ولا | ما بيننـا قُربَـى ولسنـا منهُـمُ |
خانـوا عقيدتَهـم خيانـةَ عامِـدٍ | والخائِنونَ جزاؤهـم أن يُعدَمـوا |
وتنوّعَتْ سُبُلُ الجريمـةِ عندَهُـمْ | فمُجاهِـرونَ وآخـرونَ تَكتّمـوا |
ويَـدٌ تُذَبِّـحُ أهلَنـا لا تَرْعَـوي | وفَـمٌ يُسبِّـح ذاكـراً ويُتَمـتِـمُ |
ماذا أصابَ ذوي الشّعاراتِ التـي | ظَلّتْ بِمَضْغِ عُقولِنـا تَتَضخَّـمُ؟ |
ومثقّفونَ وكاتبـونَ فمـا دهـى | أفواهَهُم بَكِمَـتْ فليسـت تَبغَـمُ؟ |
خَنَسوا فلا قلـمٌ يَغـارُ ولا يـدٌ | تحنو ولا يَشْكو لمـا نلقَـى فَـمُ |
سأقولُهـا بصراحَـةٍ وأُعيـدُهـا | حتى يَهُبَّ مِـنَ الفـراشِ النُّـوَّمُ: |
"وَجَبَ الجهادُ فيا حـدودُ تمزّقـي | هذي خُيـولُ الفاتِحيـنَ تُحَمْحِـمُ" |