هُوَ الرسْمُ لوْ أغنى الوُقوفُ على الرسْمِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هُوَ الرسْمُ لوْ أغنى الوُقوفُ على الرسْمِ | هُوَ الحَزْمُ لوْلا بُعْدُ عَهْدِكَ بالحَزْمِ |
تجاهَلْتُ عِرْفانِي بِهِ غيرَ جاهِلٍ | وللشوْقِ آياتٌ تدلُّ على عِلْمِي |
وواللهِ ما أدْرِي أبَوْحِيَ نافِعِي | عشيَّة َ هاجَتْنِي المنازِلُ أمْ كَتْمِي |
عَشِيَّة َ جُنَّ القلْبُ فيها جُنُونُهُ | ونازَعَني شوْقِي مُنازعَة َ الخَصْمِ |
وَقفْتُ أُداري الوَجْدَ خَوْفَ مَدامِعٍ | تُبِيحُ مِنَ السِّرِّ المُمَنَّعِ ما أحْمي |
أُغالِبُ بالشَّكِّ اليقينَ صبابة ً | وأدْفَعُ فِي صدْرِ الحقيقَة ِ بالوَهْمِ |
فلمّا أبى إلاّ البُكاءَ لِي الأسى | بكَيْتُ فما أبقَيتُ للرسْمِ منْ رسْمِ |
وما مُسْتفيضٌ منْ غُروبٍ تنازَعَتْ | عُراها السوانِي فهْيَ سُجْمٌ علَى سُجْمِ |
بأغْزرَ مِنْ عَيْنَيَّ يومَ تَمَثَّلَتْ | على الظَّنِّ أعلامَ الحِمى وعلى الرجْمِ |
كأنِّي بِأجْزاعِ النَّقِيبَة ِ مُسْلَمٌ | إلى ثائِرٍ لا يعْرِفُ الصَّفْحَ عَنْ جُرْمِي |
لقدْ وَجَدَتْ وَجْدِي الدِّيارُ بأهلِها | ولوْ لمْ تَجِدْ وَجْدِي لما سقِمَتْ سُقْمِي |
عليهِنَّ وَسْمٌ للفِراقِ وإنما | عليَّ لهُ ما ليسَ للنارِ منْ وسْمِ |
وكَمْ قسمَ البينُ الضَّنى بينَ مَنْزلٍ | وجِسْمٍ ولكنَّ الهوى جائِرٌ القَسْمِ |
منازِلُ أدْراسٌ شجانِي تُحُولُها | فَهَلاَّ شَجاها ناحِلُ القَلْبِ والجِسمِ |
سقاها الحيا قبْلِي فلمّا سقَيْتُها | بِدَمْعِي رأتْ فَضْلَ الوَلِيِّ على الوَسْمِي |
ولوْ أنَّنِي أنصَفْتُها ما عدلْتُها | عنِ الكرَمِ الفيّاضِ والنّائِلِ الجَمِّ |
إذا ما ندى تاجِ المُلُوكِ انبَرى لهَا | فَما عارِضٌ ينهَلُّ أوْ دِيمَة ٌ تَهْمِي |
هوَ المَلْكُ أما حاتِمُ الجُودِ عندَهُ | فيُلْغى ، ويُنسى عندَهُ أحنَفُ الحلمِ |
يجلُّ عنِ التمثيلِ بالماطِرِ الرِّوى | ويعلُو عنِ التَشْبيهِ بالقَمَرِ النِّمِّ |
ويكرُمُ أنْ نرْجُوهُ للأمْرِ هَيِّناً | ويَشْرُفُ أنْ ندعُوهُ بالماجِدِ القَرْمِ |
إذا نحْنُ قُلْنا البدْرُ والبحرُ والحَيا | فقدْ ظُلِمَتْ أوصافُهُ غايَة َ الظُّلْمِ |
وأيسَرُ حَقٍّ للمَكارِمِ عِنْدَهُ | إذا هُوَ عدَّ الغُرْمَ فيها منَ الغُنْمِ |
يَروحُ سَلوباً للنُّفوسِ معَ الوغى | ويَغدو سَليباً للثَّناءِ معَ السِّلْمِ |
ولا يعرِفُ الإحجامَ إلا عنِ الخَنا | ولا يُنْكِرُ الإقدامَ إلا على الذَّمِّ |
خفيفٌ على العلياءِ والحمْدِ والندى | ثقيلٌ عنِ الفحْشاءِ والبَغْيِ والإثْمِ |
سَريعٌ إلى الدّاعِي بَطِيءٌ عنِ الأذى | قريبٌ منَ العافِي بعيدٌ منَ الوصْمِ |
هُمامٌ إذا ما ضافَهُ الهمُّ لمْ يجدْ | سِوى المجْدِ شيئاً باتَ مِنهُ على همِّ |
إذا ذُكِرَ الأحبابَ كانَ ادِّكارُهُ | شِفارَ المَواضِي أوْ صُدُورَ القنا الصُّمِّ |
يرى المالَ بسلاماً ما عداها ولَمْ يَكُنْ | لِيَطْعَمَ لَيْثٌ دُونَ فَرْسٍ ولا ضَغْمِ |
وكمْ في ظُباها منْ ظِباءٍ غريرَة ٍ | وفي قصَبِ المُرّانِ منْ قصَبٍ فَعْمِ |
إذا قارعَ الأعداءَ والخَصْمَ لمْ يقِفْ | على غايَة ٍ بينَ الشجاعَة ِ والحزْمِ |
يُعوِّلُ منهُ العسكَرُ الدَّهْمُ في الوغى | على واحدٍ كمْ فيهِ من عسكرٍ دهْمِ |
إذا حَلَّ فالأموالُ لِلبذْلِ والنَّدى | وإن سارَ فالأعداءُ للذلِّ والوَقْمِ |
حُسامُ أميرِ المُؤمنينَ ابنُ سَيْفهِ | فيا لكَ منْ فرْعٍ ويا لَكَ منْ جذْمِ |
مُكابدُ أيّامِ الجهادِ ومَوْئِلُ الـ | ـعِبادِ وحامِيهمْ وقدْ قلَّ مَنْ يَحْمِي |
وَمُقْتَحِمُ الأجيالِ يوَمَ تَمَنَّعَتْ | ذِئابُ الأعادِي في ذوائِبِها الشُّمِّ |
غَداة َ يَغُورُ السَّهْمُ فِي السَّهْمِ والقَنا | بحيثُ القنا والكلْمُ في موضِعِ الكلْمِ |
ولا فرْقَ فيها بينَ عزْمٍ وصارِمٍ | كأنَّ الظُّبى فِيها طُبِعْنَ مِنَ العَزْمِ |
وما يَومُهُ فِي المُشرِكينَ بواحِدٍ | فنجْهَلَهُ والعالَمُونَ ذَوُو عِلْمِ |
وقدْ عجمَ الأعداءُ منْ قبلُ عُودَهُ | فنجهَلَهُ والعالَمونَ ذَوُو علْمِ |
وقدْ عجمَ الأعداءُ منْ قبْلُ عُودَهُ | فأدْرَدْهمُ ولا نبعُ مُمتنعُ العجمِ |
سموتُ إلى الفخرِ الشريفِ مقامُهُ | ومِثْلِيَ مَنْ يسمُو إليهِ ومَنْ يُسْمِي |
وكنْتُ على حُكْمِ النوائِبِ نازِلاً | فأنْزَلَها تاجُ المُلوكِ على حُكْمِي |
وما العُذْرُ عندِي بعدَ أخْذِي بحبْلِهِ | إذا قدَمِي لمْ أُوْطِها هامَة َ النَّجْمِ |
إذا ما نظَمْتُ الحمدَ عقْداً لمجدِهِ | تمنَّتْ نُجُومُ الليلِ لوْ كُنَّ منْ نظْمِي |
وكمْ للمعالِي منْ معالٍ بمدحِهِ | وللشَّرَفِ المذكورِ منْ شَرفٍ فخْمِ |
ألا ليتَ لي ما حاكَهُ كُلُّ قائِلٍ | وما سارَ في عُرْبٍ منَ المدْحِ أوْ عُجْمِ |
فأُثْنِي علَى العيسِ العتاقِ لقصْدِهِ | بِما جَلَّ مِنْ فِكْرِي وَما دَقَّ مِنْ فَهْمِي |
فلَمْ أقْضِ إبْلاً أوْصَلَتْنِيهِ حَقَّها | ولوْ عُفِّيَتْ مِنها المَناسِمُ بِاللَّثْمِ |
إليكَ ابنَ خَيرِ النَّاسِ ظَلَّتْ رِكابُنا | كأنَّ عليْها السيرَ حتْمٌ منَ الحتْمِ |
إلى مَلِكٍ ما حَلَّ مِثْلُ وَقارِه | على مَلِكٍ صَتْمٍ ولا سيدٍ ضخْمٍ |
جوادٌ وما جادَتْ سماءٌ بقطْرِها | كَرِيمٌ وما دارتْ عليْهِ ابنَة َ الكَرْمِ |
تخوَّنَتِ الأيامُ حالِي وأقْسَمَتْ | عليَّ اللَّيالِي أنْ أعيشَ بلا قِسْمِ |
ولَمْ يُبْقِ مِنِّي الدَّهْرُ إلاّ حُشاشة ً | إلا كما أبقى نداكَ منَ العُدْمِ |
رمى غرضَ الدنيا هوايَ فلمْ يُصِبْ | وَكَمْ غَرَضٍ مِنها أُصيبَ ولَمْ أرْمِ |
وما بعدَ إفضائِي إليكَ وموقِفِي | بربْعِكَ منْ شَكْوى ً لدهْرٍ ولا ذَمِّ |
وها أنا ذا قدْ قُدْتُ وُدِّي ومُهْجَتِي | إلى ذا النَّدى قَوْدَ الذَّلُولِ بلا خَزْمِ |
لتبْسُطَ بالمعروفِ ما كَفَّ منْ يدِي | وَتَجْبُرَ بالإحْسانِ ما هاضَ مِنْ عَظْمِي |