هِيَ الدِّيارُ فعُجْ في رسْمِها العارِي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هِيَ الدِّيارُ فعُجْ في رسْمِها العارِي | إنْ كانَ يُغْنِيكَ تَعْرِيجٌ على دارِ |
إنْ يخلُ طرفُكَ منْ سُكانِها فبِها | ما يملأُ القلبَ منْ شوقٍ وتذكارِ |
يا عمرُو ما وقْفة ٌ فِي رسمِ مَنزِلَة ٍ | أثارَ شوقَكَ فِيها مَحْوُ آثارِ |
أنكرْتَ فِيها الهوى ثُمَّ اعتْرفْتَ بهِ | وما اعترافُك إلا دمعُكَ الجارِي |
تشجُو الديارُ وما يشْجُو أخا كمدٍ | من الهوى مثلُ دارٍ ذات إقفارِ |
يا حبذا منزِلٌ بالسفحِ منْ إضمٍ | ودمنة ٌ بلوى خبتِ وتعشارِ |
ويا حبذا أصلٌ يُمسي يُجَرُّ بِها | ذَيلُ النَّسيمِ على مَيْثاءِ مِعطارِ |
لوْ كُنتُ ناسِيَ عهْدٍ من تَقادُمهِ | نَسيتُ فيها لُباناتي وأوْطارِي |
أيامَ يفتِكُ فيها غيرَ مُرتقَبٍ | ظبْيُ الكِناسِ بليثِ الغابة ِ الضارِي |
يصبُو إليَّ ويُصْبِي كلَّ منفردٍ | بالدَّلِّ والحُسنِ مِنْ بادٍ ومِنْ قارِ |
لا أُرسِلُ اللَّحْظَ إلاّ كانَ موْقِعُهُ | على شُمُوسٍ مُنِيراتٍ وأقمارِ |
ما أطْيَبَ العَيْشِ لَوْ أنِّي وَفَدْتُ بهِ | على شبابٍ ودهْرٍ غيرِ غدارِ |
الآنَ قدْ هجرتْ نفسي غوايتَها | وحانَ بعدَ حلُولِ الشيبِ إقصارِي |
والعَيْشُ ما صحِبَ الفِتيانُ دهرَهُمُ | مُقَسَّمٌ بينَ إحلاءٍ وإمرارِ |
يا مَنْ بمُجْتَمَعِ الشَّطَّيْنِ إنْ عَصفَتْ | بكمْ رياحي فقد قدَّمتُ إعذارِي |
لا تُنكرُنَّ رحيلِي عنْ ديارِكُمُ | ليسَ الكرِيمُ على ضَيمٍ بِصَبّارِ |
يأْبى ليَ الضيمَ فُرسانُ الخلاج وما | حَبَّرتُ مِنْ غُرَرٍ تُهدى وأشعارِ |
وقدْ غدَوْتُ بِعِزِّ الدِّينِ مُعْتَصِماً | إنَّ الكِرامَ علَى الأيّامِ أنصارِي |
مَلْكٌ إذا ذُكِرَتْ يوماً مواهِبُهُ | أثْرى الرجاءُ بها منْ بعدِ إقتارِ |
يُعطيكَ جُوداً على الإقلالِ تحسَبُهُ | وافاكَ عنْ نشبٍ جمٍّ وإكثارِ |
ريانُ منْ كرَمٍ ملآنُ منْ هممٍ | كأنَّهُ السَّيفُ بينَ الماءِ والنّارِ |
ليسَ الجوادُ جَواداً ما جرى مثَلٌ | حتى يكونَ كحَسّانِ بنِ مسمارِ |
الواهِبُ الخَيلَ إمّا جِئتَ زائِرَهُ | أقَلَّ سَرْجَكَ مِنْها كُلُّ طيّارِ |
الطاعِنُ الطعنة َ الفوْهاءَ جائشة ً | ترُدُّ طاعِنَها عَنها بتيّارِ |
يكادُ ينفُذُ فيها حينَ يُنْفِذُها | لولا عُبابُ دمٍ مِن فوْرِها جارِ |
تلقى السِّنانَ بِها والسَّردَ تحسِبُهُ | ما ضَلَّ منْ فُتُلٍ فيها ومِسبارِ |
في كفّه سيفُ مسمارَ الذي شقيتْ | هامُ المُلوكِ بهِ أيامَ سنْجارِ |
لا يأْمُلُ الرزْقَ إلا مِنْ مضارِبِهِ | فرْسُ الهُمامِ بأنيابٍ وأظفارِ |
نِعمَ المُناخُ لِشُعْثٍ فوْتِ مهلَكَة ٍ | ارماقِ مسغَبَة ٍ أنْضاءِ أسْفارِ |
لا يشتَكُونَ لديهِ المحْلَ في سنَة ٍ | يشكو بها السَّغَبَ المَقْرِيُّ والقارِي |
سحابُ جُودٍ على الرّاجينَ مُنْهَمَلٍ | وبَحْرُ جُودٍ علَى العافِينَ زَخّارِ |
إذا ترَحَّلَ عنْ دارٍ أقامَ لهُ | من الصنائِعِ فيها خيرَ آثارِ |
كالغيثِ أقلعَ محموداً وخلَّفَ ما | يُرضِيكَ مِن زهَرٍ غَضٍّ ونُوّارِ |
تبقى الذَّخائرُ مِنْ فضلاتِ نائلهِ | كأنَّها غُدْرٌ مِنْ بعدِ أمطارِ |
مِظفَّرُ العَزمِ ما تألُوا مُوفَّقَة ً | آراؤُهُ بينَ إيرادٍ وإصدارِ |
سامٍ إلى الشرفِ الممنوعِ جانِبُهُ | نامٍ إلى الحسَبِ العارِي منَ العارِ |
مخوَّلٌ في جنابٍ بيتَ مملكة ٍ | عزُّوا بهِ وأذلُّوا كلَّ جبارٍ |
أيامَ كلْبٌ لها ما بينَ جوسيَة ٍ | وبَيْنَ غَزَّة َ مِنْ رِيفٍ وأمصارِ |
يَقُودُها مِنْ سنانٍ عزْمُ مُتَّقِدٍ | أمامَها كسِنانِ الصَّعْدَة ِ الوارِي |
ترمِي بأعْيُنِها في كُلِّ داجِيَة ٍ | مِنهُ إلى كوْكَبٍ بالسَّعدِ سيّارٍ |
يبيتُ كُلُّ ثَقِيلِ الرُّمْحِ حامِلُهُ | فِي سَرْجِ كلِّ خفيفِ اللِّبْدِ مِغْوارِ |
مجدٌ تأَثَّلَ في نجدٍ أوائلُهُ | وشيدَ بالشّامِ منْهُ الطارِفُ الطّارِي |
يا بن الكرام الأُلى مازال مجدهم | مُغْرى ً بقلَّة ِ أشْباهٍ وأنْظارِ |
المانعينَ غداة َ الخوفِ جارُهُمُ | والحافظين بغيْبٍ حُرْمَة َ الجارِ |
بيضُ العوارِفِ أغْمارٌ إذا وَهَبُوا | جُوداً وليسُوا إذا عُدُّوا بأغْمارِ |
لا يصحَبُ الدهرَ منهُمْ طُولَ ما ذُكِرُوا | إلاّ الثَّناءُ وإلاّ طِيبُ أخْبارِ |
إنَّ العشائِرَ مِنْ أحياءِ ذِي يَمَنٍ | لمّا بغَوْكَ جرَوْا في غيرِ مضمارِ |
أصْحَرْتَ إذْ مدَّ بالمِدّانِ سيلُهُمُ | والليثُ لا يُتَّقى مِنْ غيرِ إصحارِ |
سالُوا فأغرَقَهُمْ قطْرٌ نضَحْتَ بهِ | ما كُلُّ سيلٍ على خيلٍ بجرّارِ |
مالُوا فقوَّمَ مِنْهُمْ كلَّ مُنأطِرٍ | طعنٌ يُعدِّلُ منهُمْ كلَّ جوّارِ |
حتى إذا نهتِ الأولى فما انتفَعُوا | بِالنَّهْي، والبغيُ فِيهمْ شرُّ أمّارِ |
أبحْتَها وحَمَيْتَ الشامَ معتقِداً | أنْ ليسَ ينفعُ إلاّ كُلُّ ضَرّارِ |
قدْ نابَكَ الدَّهْرُ أزْماناً بِغيرِهِمِ | فظلَّ يغْمِزُ عُوداً غيرَ خوّارِ |
وكمْ أبتَّ على ثأرٍ ذَوِي ضَغَنٍ | ولمْ تَبِتْ قطُّ منْ قومٍ على ثارِ |
إن زُرْتُ دارَكَ عنْ شَوقٍ فمجْدُكَ بِي | أولى وما كُلُّ مُشتاقٍ بِزَوّارِ |
ليسَ المُطيقُونَ حِجَّ البيتِ ما تركُوا | فريضَة َ الحجِّ عنْ زُهْدٍ بأبْرارِ |
وقدْ أتيتُكَ اسْتعدِي على زمنٍ | لا يَشْرَبُ الحُرُّ فيهِ غيرَ أكدارِ |
موكَّلُ الجَوْرِ بالأحرارِ يقصِدُهُمْ | كأنَّهُ عندهُمْ طَلاّبُ أوْتارِ |
والحمدُ أنْفَسُ مذخُورٍ تفوزُ بهِ | فخُذْ بحظَّكَ مِنْ عُونِي وأبكارِي |
من القوافِي التي ما زِلْتُ أودِعُها | عُلالَة َ الرَّكْبِ مِنْ غادٍ وَمِنْ سارِ |
إنَّ السَّماحَة َ أولاها وآخرَها | في كَفِّ كلِّ يمانٍ يا بْنَ مسمارِ |
لا تسْقني بِسِوى جَدْوَى يدَيْكَ فما | يروِي منَ السُّحْبِ إلا كُلُّ مدرارِ |
ولستُ أوَّلَ راجِ قادَهُ أمَلٌ | قدْ راحَ منكَ على شقْراءِ محضارِ |