تكاثرت الأحزان في كبدي الحرَّى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تكاثرت الأحزان في كبدي الحرَّى | وزادت دموع البين في عينَي الشَكرَى |
وجارت على ضعفي الليالي وأَوقدت | بطيّ فؤَادي من نوائبها جمرا |
وقد أَلَّمتني الحادثات بصَرفها | كما أَلَّمت خنسآءَ إذ فقدت صخرا |
وهيهات ما الخنسآءُ عند بليَّتي | بشيءٍ وصخرٌ صرت أحسبهً صخرا |
فقدتُ أبي مالي وللعيش بعدهُ | فموتي من عيشي غدا بعدهُ أحرَى |
حياةُ الحزين القلب موتٌ وموتهُ | حياةٌ يلاقي عندها الراحة الكُبرَى |
فتَبًّا ليومٍ فرَّق الدهر شملنا | وجمَّع في قلبي مصائبهُ تَترَى |
أَيا قلبي المكسور لِم لم تذب أَسىً | لفقدِ الذي في حَجرهِ لم تَذُق كسرا |
وياناظري لِم لا تسيل لفقد من | بأيامهِ لم تبكِ الاَّ لِما سَرَّا |
وياجسمي المضنى من الحزن مُت أَسىً | لموت الذي قد عشتَ في حَجرهِ عمرا |
حرامٌ على قلبي المسرَّةُ بعدهُ | وكيفَ سروري وَهوَ قد نزل القبرا |
ساندبهُ ما عشتُ دهري وأنهُ | جديرٌ بأَن يُبكَي على فقدهِ دهرا |
نهاري كليلي أسودٌ لا يطيب لي | وليلي كيومي بالسهاد وبالذِكرَى |
فيا ليت كُلّي أعينٌ تذرف الدما | ويا ليت كُلّي اكبدٌ تفقد الصبرا |
أيا عَلَم الشرق المبجَّل والذي | أقرَّت لهُ بالفضل كلُّ الوَرَى طُرَّا |
ويا معدن العلم الذي ضمَّهُ الثرى | وكم معدنِ كان الترابُ لهُ سِترا |
ويا كوكباً لن يُخلف الدهر مثلهُ | تولَّى وأبقى بعدهُ في الحشا وغرا |
ويا بحر فضلٍ كان بالدُرّ زاخراً | لفقدكَ كاد البحر أن يفقد الدُرَّا |
ويامن لهُ في كل فنٍّ طلائعٌ | تبدّلُ ليلَ الجهل من نورها فجرا |
ويا من بمسراهُ تيتَّمت العُلَى | كما يتَّم التأليف والنظم والنثرا |
ينوح عليكَ الشعر دهراً وطالما | بك اهتزَّ فاستعلى على فَلَك الشعرَى |
ويبكي عليك الدهرُ يا تاج رأسهِ | ويا فخر أهليهِ إذا ذكروا الفخرا |
لقد ملتَ يا ركنَ العلوم فأوشكت | لفرط الأسى أوراقهُ تُذهِب الحبرا |
وقد غبتَ يا شمس العلوم وبدرها | فاصبح كلٌّ يندب الشمس والبدرا |
وقد غصتَ من خمر المنون بسكرةٍ | فها أَنا لم أبرح بخمر الأسى سَكرَى |
فيا قبرهُ اكرِم أعز وديعةٍ | بطَيّكَ لم تبرح لأهل الورى ذُخراً |
وياسُحُب الآفاق جودي ضريحهُ | بصوبٍ على اكنافهِ يُنبِتُ الزَهرا |
ويا رحمة الله الكريم تغَّمدي | لهُ نفس حُرٍّ لم تكن تعرف الوزرا |
عليهِ سلام الله ما هبَّت الصَبا | وما رَدَّدت لُسنُ الأنام لهُ ذِكرا |