"الموت! |
فن، ككل شيء آخر |
و أنِّي أتَّقنه تمامًا" |
سيلفيا بلاث |
... |
و أذكر أنَّ المرأة الزرقاء عندما رأتني أبكي جثثًا و فقراء |
قالت: عيناك مرآتان لخمسين قارَّة من الوجع |
و الانتظار |
و قالت المرأة التي ترتدي العاصفة و الوحوش: |
أنت تعرف الكثير عن صبايا الأزقَّة المغلَّفات |
بالأقفال البلاستيكيَّة الملوَّنة |
و الأطفال الأغبياء المتمسِّكين بالأحصنة الخشبيَّة |
و نهود الأمَّهات |
و قالت المرأة بعد أن فتحت شاشتي عينيها: |
(كان ثمَّة عاشق يرعى فيهما شجرًا و معتقلات) |
يداك قاسيتان و وديعتان |
و أصابعك نحيفة و معذَّبة |
فهل لمست بهما الرغيف الثمين أو الشفاه الرماديَّة المرتعشة؟ |
هل قبضت على العالم؟ |
و قالت المرأة لي: |
أنت تهذي كثيرًا بأسماء الأسماك و الأعشاب البحريَّة |
و تفتح مملكة دماغك ليل نهار لقوافل الغجر التائهة |
و تمزِّق بأظافرك لحم الأبواب و الجدران السميكة |
فأيّ الأشياء أحبّ إليك: |
أن تمضغ بشراسة رؤوس العصافير؟ |
أو أن تكسّر الصحون و الموائد المصنوعة |
من خشب الجوز؟ |
و قالت لي أيضًا |
و هي تنظر إلى الرأس |
المشوّه المتوتّر في لوحة لسعد يكن: |
أمك بجانبك تنحني عليك كيمامة |
و أصدقاؤك يقبلون في المناسبات |
و أنا أدفئك في ليالي تشرين الباردة |
و أرسل إليك الأحلام الشاسعة و المكاتيب |
فماذا تطلب غير ذلك؟!.. |
أتريد أن تفجّر النبع؟ أم تودّ أن تحرث المجرّة؟ |
و قالت المرأة القاسية: |
أبتكر لك الدنيا.. |
خمسة جدران بيض |
و سريرًا أبيض |
و وردة بيضاء في كأس: |
.. |
و كان يمكن أن أبتكر نعشًا |
-أنا الرجل السيء- |
لفاطمة العنيفة و نزيه الخائف و البحر التعيس |
للأقفال الكريستالية السوداء. |
للقرى الصاخبة بالعنب و الديوك و البطون المقعرة |
للأغاني الممزقة في سلة المهملات |
للمعاملات العقارية المبطنة بالأختام |
لحبوب الأسربين و العشاق |
لمصارعي الثيران الأذكياء في إسبانيا |
للمجرفة الصلبة و الفلاح الرقيق |
للدم الأخضر و مرتزقة الانقلابات |
أنا الرجل السيء |
كان عليّ أن أموت صغيرًا |
قبل أن أعرف المناجم و الدروب |
المرأة التي تغسل يديها بالعطور |
و الملك الذي يزيّن رأسه بالجماجم |
الولد الخبيث ذا اللثة الطرية الذي يقشر |
الحليب من البكتيريا و الحروب من الانتصارات |
.. |
أنا الرجل السيء |
كان عليّ أن أموت صغيرًا |
قبل أن أعرف الأشجار الارهابية و مافيا السلام |
وفاة بائع المرطبات على سكة القطار |
و الغجرية التي أهدتني تعويذة و قبلة |
و كثيرًا من الأكاذيب |
أنا الرجل السيء |
كان عليّ أن أموت صغيرًا |
قبل أن تفترسني الوردة، |
و ينحت الفنان النظيف من عظامي القلائد |
و الأقراط: |
.. |
الفنان النظيف و الوردة النظيفة |
يرسم الفنان النظيف الوردة النظيفة |
في حجرة ممتلئة بزجاجات البيرة |
و العرايا |
لافتة الفنان النظيف |
الفنان النظيف يحب الوردة |
.. |
الحب للوردة و الوردة للسكاكين. |
أيتها السكاكين المسكينة |
أيها الجسد الإنساني القذر |
أيتها الكلاب المعبأة بالمقانق و المحبة و عبير النعناع |
أنا رياض الصالح الحسين |
عمري اثنتان و عشرون برتقالة قاحلة |
و مئات المجازر و الانقلابات |
و للمرة الألف يداي مبادتان: |
.. |
للمرة الألف يداي مبادتان |
كشجرتي فرح في صحراء |
الشمس الشمس |
الشمس الناضجة |
الشمس المدورة كنهد |
المنتشرة كالطاعون في القرن التاسع عشر |
المضيئة كعيني طفلة بقميص شفاف على البحر |
الشمس الشمس |
تمرّ بأسنانها على عنقي اليانع |
و تقضم أيامي كما يقضم الطفل تفاحة أو قطعة بسكويت |
فتنقفل يداي على صدري |
يداي، كخطى الجنود، مبادتان |
أسأل صديقتي |
(صديقتي لحم و دم و خراب) |
في الشارع أسأل صديقتي |
(الشارع ضيق عندما نبكي |
قليل عندما نشتاق) |
أسأل صديقتي: |
لماذا، للمرة الألف، نباد؟ |
منقطعان عن الحب |
ممتلئان بالخنادق كامتلاء دمية بالقش |
و بعد قليل يغطي الغبار جسدينا |
بعد قليل نتشبث بغصن التعب. |
متعبان اليوم |
و ربما غدًا، أيضًا، نكون متعبين |
فمي مباد و لذا لا أستطيع أن أسرقك |
من البرد |
في المقهى ننام |
في الشارع نبكي |
من الحقل مطرودان |
من المدينة أيضًا |
السيارة أداة للقتل |
و غصن الزيتون مشرط لإقتلاع جلدة الرأس. |