ويلاهُ ويلاهُ كم نشكو وننتحبُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ويلاهُ ويلاهُ كم نشكو وننتحبُ | وكم علينا صروف الدهر تنقلبُ |
وكم تجور الليالي في حوادثها | على فؤَادٍ بنار الحزن يلتهبُ |
قد اشعل البين في قلبي الحزين لظىً | يزيدهُ دمع عيني وهو ينسكبُ |
روحي فدى منبهِ أَيدي القضا نَشِبَت | سهامُها بل بقلبي السهم منتشبُ |
ويحي على غصن بانٍ مال منكسراً | كأنهُ الرُمح غالت قدَّهُ النُوَبُ |
ويحي على بدر تمٍّ بات منخسفاً | تحت الثرى ومَحَت أنوارَهُ التُرَبُ |
يا ويح قلبيَ كم سهمٍ أُصيبَ بهِ | فلم يزل بدماهُ الجفن يختضبُ |
مصائبٌ لست أدري من تكاثرها | فيهِ على أيّها أبكي وانتحبُ |
يا أرض زحلةَ لي في حبها شَغَفٌ | إذ في حماها شقيق الروح محتجبُ |
أَرضٌ لروحي في اكنافها سَكَنٌ | لذاك قلبي لهُ في حبّها أَرَبُ |
يا راحلاً راح صفو العيش يتبعهُ | واستوطنت بعدهُ الأحزان والكُرَبُ |
إن كنتَ عن مقلتي قد غبت محتجباً | فإن شخصك فيها اليومَ منتصبُ |
وإن تكن بتَّ طيَّ التُرب وااسفي | ففي الترائب رسمٌ منك يحتجبُ |
يا قلبُ صبراً على ما قد أُصِبتَ بهِ | ولا ترُعكَ البلايا وهي تعتقبُ |
قد عوَّدتك الليالي الحزن من صِغَرٍ | حتى غدوتَ إِلى الأحزانِ تنتسبُ |
يا قبرُ أَكرِم نزيلاً أَنت مؤتَمنٌ | منَّا على جسمهِ ما كرَّت الحِقَبُ |
يا قبرُ بالله هل زالت محاسنُهُ | وهل تغيَّر ذاك المنظر العَذِبُ |
احرص على ذلك الوجه الصبيح ولا | تدع محاسنَهُ يغتالها العَطَبُ |
واحسرتاهُ فقدنا اليوم جوهرةً | كانت تُزان بها شبَّاننا النُجُبُ |
حلو الشمائلَ ممدوح الخصال لهُ | خَلقٌ جميلٌ وخُلقٌ زانهُ الأَدَبُ |
منزَّه النفس عن ريبٍ إذا لحقت | بأَنفُس الناس من أحوالها رِيَبُ |
ليت المنايا سقتني قبل مصرعهِ | كأساً بها قد عراني دونهُ الطربُ |
قد مرَّ من بعدهِ عيشي وطال بهِ | شجوي وطاب لنطقي الويل والحَرَبُ |
فالدمع منسكبٌ والصدر ملتهبٌ | والقلب مضطربٌ والصبر منغلبُ |
يا رحمة الله زوريهِ ميمّمةً | ترباً لهُ قد سبقت ارجآءَهُ السُحُبُ |
وآنسي من ثراهُ مضجعاً بحمى | لبنانَ فيهِ حبيب القلب مغتربُ |
مني عليهِ سلام الله ما غربت | شمسٌ وما طلعت في أفقها الشُهُبُ |