انظر إلى الدهرِ كيفَ ينقلبُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
انظر إلى الدهرِ كيفَ ينقلبُ | وقاهِر الترك كيفَ ينغلِبُ |
واعجَب لمَن قاد للوَغى أُسُداً | تنقَضّ فيها كَأنها شُهُبُ |
كيفَ غدَت تنثَني عزَائمهُ | وَصَارَ أمضى سلاحهِ الهرَبُ |
المُمتَطي الخَيلَ وهيَ سابِحَةٌ | في بحر حربٍ عُبابهُ اللّهب |
كَأنّهُ لم يَطَأ مَنَاكِبَهضا | وحولهُ الجيشُ وهوَ مختَضِبُ |
ولم تصُدّ المَنون هاجمَةً | كَتائِب كالبُحورِ تضطَرِبُ |
إنَ الألى خَرّتِ العدى لهمُ | في الحربِ أمسوا ينوشهم حَرَبُ |
ما شاعَ ذكرٌ لهم بمكرُمَةٍ | حتى تَلاشى كَأنّهُ كَذِبُ |
قد كَرّمَتهُم بطيّها كُتُبٌ | وقَبّحَتهُم بطيّها الكُتُبُ |
مَن مُبلِغُ القَوم بعدما طمعوا | بأنّهم مثلَما أتوا ذهَبُوا |
يا يومَ فَتحٍ لهُم بأرنَةٍ | لَهُ وَطيسٌ ذابَت بِهِ القُضُبَ |
في وقعَةٍ والكماةُ عاكِفَةٌ | حَولَ المَنايا تخونها الرّكَبُ |
لمّا انجَلَت فوقَهُم بيارقُهُم | والنصرُ مستَوطِنٌ بها طربوا |
أمسوا سَكارَى بخمرِ فَتحِهِمِ | كَأنّهم للمُدامِ قد شربوا |
لم يَنفَعِ التركَ ما بَنَوهُ وقد | تَحَصّنوا بالقِلاعِ واحتَجَبوا |
ظَنّوا حُصُوناً لهم تصُونهمُ | فكانَ ذا الفَتحُ فوق ما حَسبوا |
قُل لِلأُلى قد صَفا الزّمانُ لهم | فأوغلوا في البلاد واغتَصَبوا |
بل زَعموا أنها تَدومُ لهُم | فسوقَ يدري الوَرَى بأن كذبوا |
فالرّوس في الأرض إن مشوا فِرَقاً | تميدُ من بطشهم وترتعِبُ |
وطالما قد رَعوا لهم ذمَماً | واليومَ يحمونهم كما يَجِبُ |
يا قائدَ الجيشِ تحتَ ألوِيَة | تُعزَى لأسد الشرَى وتنتَسِبُ |
وطالِب المَجدِ يبتَغي رُتَباً | لمّا عَلاها هَوَت بهِ الرّتبُ |
هذا زمانٌ وصفوُه كَدرٌ | وهيَ الليالي وصرفُها عَجبُ |
وَرُبّ ناءٍ ترَاهُ مُبتَسِماً | يُرَاقِبُ النجمَ وهوَ مُكتَئِبُ |
يبكي على موطِنٍ غَدا أبَداً | يُبكي على حالِهِ ويَنتَحِبُ |
وفكرَةٍ تنظمُ القَريضَ وَلَو | سَطَت عَلَيها الهُمومُ والكرَبُ |
لا شاعَ شعري بما احتوَى دُرَراً | ولا تباهَت بنظميَ العربُ |
وشلّ زندٌ قد انتضى قَلَماً | منهُ يَسيلُ القريضُ والأدبُ |
إن لم أصغ من قصائدي قُضُباً | تهتَزّ منها العِدى وترتَهِبُ |
فَلَستُ ممّن صبا إِلى رُتَبٍ | ولستُ ممن يغُرّهُ الذّهَبُ |