مَرارة الصَبر خَصَت بِالحَلاوات
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
مَرارة الصَبر خَصَت بِالحَلاوات | وَجَدت في مرها حُلو السَلامات |
صِيانَتي في كُهوف الصَبرِ أَمنَع لي | مِن حِصن كسرى وَمِن أَعماق اغمات |
كَما باتَ دَهري يُريني نَهج ترببتي | فَيَنثَني بِقَبولي وَاِمتِثالاتي |
وَما اِحتِجابي عَن عَيب أَتَيتُ بِهِ | وَاِنَّما الصون من شَأنى وَغاياتي |
وَكُلَّما شَب دَهري في مُعانَدَتي | لَم يَلقَ مِني لَه اِلّا اِطاعاتي |
كَم قابَلَتني لَيال ريحُها سعر | بَطيئَة السَير تَرمي بِالشَرارات |
لاقيتُها بِجَميل الصَبرِ مِن جَلدي | وَبت أَسفى الثَرى مِن غَيث عبراتي |
كَم أَقعَدَتني أَيّامُ بصدمتها | وَقُمت بِالعَزمِ مَشهور العنايات |
وَكَم حَليفَة سعد اِذ تَعنفني | تَقولُ سَعيك مَذموم النِهايات |
فَأَخفِض الطرف من حُزن أكابِده | وَاِهمِل الدَمع من تِلكَ المَقالات |
وَكَم لَصقت بِأَرض الظُلم ناصِيَتي | فَقُمتُ من سجدَتي أَتلو تَحِيّاتي |
وَكَم شَكَرت بِفَضل العَدلِ عاذلتي | اِن أَحسَنتَ أَو اِطالَت في اِسآتي |
وَما مَنَحت بِيَوم قَد اِتى غلطا | بِالانسِ اِلّا وَقامَت فيهِ غاراتي |
وَمُذ أَتَت عذلي تَبغي مُصادَرَتي | ظُلماً مَنحتهمو أَسنى الكَرامات |
وَكُلَّما عددوا ذَنبا رَميت بِهِ | بَسَطت لِلعَفو راحات اِعتِرافاتي |
وَكُلَّما حَرَّروا مَنشور مظلَمتي | وَاِثبَتوا في الوَرى ظُلما جِناياتي |
اِظهَرت شُكرى لَهُم بِالرَغمِ عَن اِسفى | وَكانَ ما كانَ مِن فَرط التِهاباتي |
وَلَم أَفه لِذَوى رد لِمَعرِفَتي | اِنَّ الحَبيب حَبيب في المَسَرّات |
أَقوم وَالضيم تَطويني تَوائِبه | طَيّ السجل وَلَم اِسمَعُه أَناتي |
أَخفى الأَسى اِن حَسود جاءَ يَسأَلني | لِأَين تَسعى وَأَومى لاِبنِها جاتي |
اِن ضَل سَعي فَهادى الصَبر يُرشِدُني | اِلى طَريقِ رَشادي وَاِستِقاماتي |
وَلَم ازَل اِشتَكي بثى وَمَظلَمَتي | لِعالم الجَهر مِني وَالخفيات |
علت ولاة الصفا اِشهى نَجائِبها | لتقنص الفوز مِن وادي المودات |
وَبت بِاليَأسِ في بَطحاء متربتي | وَكان شغلي لضيمي دق راحاتي |
أَقول لِلصَّبرِ لا عتب عَلى زَمَن | أَعطى لِأَبنائِه أَسمى العطيات |
فَقال مَهلا وَلا تَغررك شَوكَتِهِم | فَالصَحو يَعقُبه سود الغَمامات |
فَلَيسَ كُل ملوم دام مُكتَئِباً | وَما السَعيدُ سَعيد لِلمُلاقاة |
فَدَهرِهِم غرهم جَهلا وَما عَلِموا | اِنَّ الزَمانَ قَريب الاِلتِفاتات |
فَما تَوارَت بغاة الغَم من أَسفى | حَتّى أَناخوا بِاِجبال النكايات |
تَذكر الدَهر عادات لَه سَلَفَت | وَقَد نَسوها بِحانات الخَلاعات |
وَرد دَهرى سِهام الحِقد صائِبَة | اليَهمو فَغَدوا في شَرَّ حالات |
فَما اِستَطابوا أَمانيهِم وَلا قَنَصوا | حَتّى اِستَوينا بِكَهف الاِعتِكافات |
قالَ الدهاة سِهام الدَهر قَد وَقَعَت | مِن ذلِكَ الجمع في كَشح وَلبات |
فَقُلت أَنعم بِهِ مِن حاذِق فَطن | وَاِنه لَحقيق بِالعدالات |
ظَنّوا الزَمانَ اِباح السَعد طالعهم | وَاِنَّهُ اِختَصَّ تحمى بِالنحوسات |
وَالصَبر أَشهَدَني ما كنت اِغبطهم | عَلَيهِ عاد اِعتِبارا في العبارات |
فَلا يَهولنك حرمان بليت بِهِ | وَلا يغرنك اِقبال غَدا آتي |
كِلاهُما وَالَّذي اِنشاكَ من علق | يَفنى وَبعدم في بَعض اللَميحات |
اِينَ المُلوكِ الاولى كانَت اِوامِرُهُم | مَحدودَة كَسُيوفِ مُشرفيات |
تَمحى وَتثبت ما رامَت وَما رَفَضَت | بَينَ الاِنامِ بِاِقوالِ سميات |
قَد اِحكُم الدَهر مرماهُم فَما لَبِثوا | حَتّى اِنطَووا في الثَرى طي السجلات |
فَكَم مَضى عَزمُهُم في عِز سَطوَتِهِم | قَولا وَفِعلا بِتَسديد الرِياسات |
وَكَم سَرى في الوَرى مَنشور سلطتهم | شَرقا وَغَربا بِاِنواعِ السِياسات |
يَؤوب بِالعَجزِ اِقواهُم اِذا الم | بِهِ أَلَم وَيبدى شَر حَسرات |
يَلوذ ضَعفا بِأَذيالِ الطَبيب وَما | يَغنى الطَبيب لَدى فَتكِ المنيات |
وَكَم لِفَقد عَزيز مَنهمو سكبت | مَدامِعَ كُن بِالنعما مَصونات |
وَطالَما أَحرَقت حَسراتِهِم كَبدا | تَضعضعت مِنهُ أَركان بِالنُعما مَصونات |
فَلا تَقُل لي مَتاع وَهو عارِيَة | وَاليَأس عِندي راحات اِستِراحاتي |
وَقَد بَسَطت أَكف الذل ضارِعَة | لِخالِق الخَلق جبار السموات |
وَبت أَدعو عَليم السر قائِلَة | يا غافِرَ الذَنب جدلى بِاستِجابات |
يا كاشِف الضُر عَن أَيوب مرحمة | حينَ اِستغاثَك من مس المَضَرّات |
وَصاحِب الحوت قَد أَنحببته كرما | لِما دَعا بِاِبتِهال في الضَراعات |
أَنقذته يا اله العَرش مِن ظُلم | لِظُلمَة النَفس لاقته بِاِعنات |
وَاِبيضت العَين من يَعقوب وَاِنسَكَبَت | حُزنا عَلى سُيوف في فَيض عِبرات |
وَمُذ شَكا البث لِلرحمن عادَ لَهُ | نور العُيونِ قَرينا بِالمَسَرّات |
وَيوسف السَيد الصَديق حينَ دَعا | في ظُلمَة السِجن من بَعد الغِيابات |
أَوليته الحُكم وَالمُلك العَظيم كَما | آتَيتُهُ العِلم مِن اِسنى العِنايات |
وَمُذ عَلِمت بِاِخلاص الخَليل غَدا | وَالنار من حَولِهِ في رَوض جنات |
عادَت سَلاما وَبَردا بَعد ما اِشتَعَلَت | وَلَم يَفه من يَقين بِالشِكايات |
وَقَد رَفَعَت يَمينَ الذُل داعِيَة | اِلَيكَ يا رَب أَرجو غَفر زلاتي |
رَبّي اِلهي مَعبودي وَمُلتَجىء | اِلَيكَ أَرفَعُ بثى وَاِبتِهالاتي |
قَد ضَرَّني طَعن حسادي وَأَنتَ تَرى | ظُلمي وَعِلمُكَ يَغنى عَن سُؤالاتي |
فَاِمنُن عَلى بِالاف لِتُخرِجُني | مِنَ الضَلالِ اِلى سبل الهِدايات |
أَنت الخَبير بِحالي وَالبَصيرُ بِهِ | فَاِفتَج لِهذا الدعا بابَ الاِجابات |
فَكَيفَ أَشكو لِمَخلوق وَقَد لَجَأت | لَكَ الخَلائِق في يسر وَشدات |
فَيا لَها من جراح كُلَّما اِتسعت | أَعيت طبيب رُغما عَن مُداواتي |
أَنتَ الشَهيد عَلى قَول أَفوه بِهِ | ما دُمت عائِشة فَالحَمدُ غاياتي |