قَدِ اِطَّلَعتَ عَلى سِرّي وَإِعلاني
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قَدِ اِطَّلَعتَ عَلى سِرّي وَإِعلاني | فَإِذهَب لِشَأنِكَ لَيسَ الجَهلُ مِن شاني |
إِنَّ الَّتي كُنتُ أَنحو قَصدَ شِرَّتِها | أَعطَت رِضىً وَأَطاعَت بَعدَ عِصيانِ |
حَسبي بِما أَدَّتِ الأَيّامُ تَجرِبَةً | سَعى عَلَيَّ بِكَأسَيها الجَديدانِ |
دَلَّت عَلى عَيبِها الدُنيا وَصَدَّقَها | ما اِستَرجَعَ الدَهرُ مِمّا كانَ أَعطاني |
إِما تَرَيني أُزجّي العيسَ مُنتَظِراً | وَعدَ المُنى أَرتَعي في غَيرِ أَوطاني |
فَقَد أَروحُ نَديمَ الدَهرِ يَمزُجُ لي | كَأسَ الهَوى وَيُحَيِّني بِرَيحانِ |
سائِل جَديدَ الهَوى هَل كُنتُ أُخلِقُهُ | إِذ لِلصِبى مُهجَةٌ تَمشي بِجُثماني |
أَيّامَ لِلعَذلِ إِكثارٌ وَمَعصِيَّةٌ | وَالراحُ تُسرِعُ في عَقلي وَأَحزاني |
لا أُوحِشُ الخِدرَ مِن شَخصي وَبَيضَتَهُ | وَلا أُوَحِّدُ بِالصَهباءِ نُدماني |
وَلَيلَةٍ ما يَكادُ النَجمُ يَسهَرُها | سامَرتُها بِقَتولِ الدَلِّ مِفتانِ |
إِذا أَطاعَت عَصاها ثِقلُ رادِفِها | كَالدِعصِ يَفرَعُهُ غُصنٌ مِنَ البانِ |
كَأَنَّها بَعدَ ما قامَ الصَباحُ بِها | وَسنى تَمَشَّت بِها أَعطافُ نَشوانِ |
وَلَّت كَما اِنسابَ ثُعبانٌ وَقَد نَهَضَت | إِلّا وَقيذَةَ أَردافٍ وَأَركانِ |
أَدرَكتُ في الدَهرِ أَيّاماً بَلَغتُ بِها | رِضى الشَبابِ الَّذي قَد كانَ عاصاني |
سَعَت عَلَيَّ لَياليها بِزائِرَةٍ | زَفَّ الكَرى طَيفَها وَهناً فَحَيّاني |
باتَت تَأَبّى وَما تَدري بِما صَنَعَت | بِنائِمٍ وَرَّثَتهُ سُؤلَ يَقظانِ |
فَالآنَ أَقصَرتُ إِذ رَدَّ الزَمانُ يَدي | وَنافَرَتني اللَيالي بَعدَ إِذعانِ |
حاشى لِعَينَيَّ أَن تَفنى دُموعُهُما | عَلى هَوى نازِحٍ أَو نَأيَ جيرانِ |
ما كُنتُ أَدَّخِرُ الشَكوى لِحادِثَةٍ | حَتّى اِبتَلى الدَهرُ أَسراري فَأَشكاني |
إِلى الأَمامِ تَهادانا بِأَرحُلِنا | خَلقٌ مِنَ الريحِ في أَشباحِ ظُلمانِ |
كَأَنَّ إِفلاتَها وَالفَجرُ يَأخُذُها | إِفلاتُ صادِرَةٍ عَن قَوسِ حُسبانٍ |
نَستَودِعُ اللَيلَ أَسرارَ الهُمومِ إِذا | باحَ النُعاسُ بِعَجزِ الصاحِبِ الواني |
تَهوى بِأَشعَثَ لَو يَسطيعُ أَعقَبَها | تَفري مَجاهِلَ غيطانٍ لِغيطانِ |
قَضَت عَلى اللَيلِ بِالإِدلاجِ هِمَّتُهُ | فَقَدَّهُ بِسَؤُورِ اللَيلِ مِذعانِ |
تَلَوَّمَ الصُبحُ فيهِ ثُمَّ قَوَّضَهُ | وَاِرتَدَّ وَجهُ النَهارِ الفاقِعِ القاني |
يَنسابُ في اللَيلِ لا يَرعى لِهاجِسِهِ | كَأَنَّهُ راكِبٌ في رَأسِ ثُعبانِ |
لَم يُغمِدِ السَيفَ مُذ نيطَت حَمائِلُهُ | يَوماً وَلا سَلَّهُ إِلّا عَلى جانِ |