يا أَيُّها المَعمودُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا أَيُّها المَعمودُ | قَد شَفَّكَ الصُدودُ |
فَأَنتَ مُستَهامٌ | خالَفَكَ السُهودُ |
تَبيتُ ساهِراً قَد | وَدَّعَكَ الهُجودُ |
وَفي الفُؤادِ نارٌ | لَيسَ لَها خُمودُ |
تَشُبُّها نيرانٌ | مِنَ الهَوى وُقودُ |
إِذا أَقولُ يَوماً | قَد أُطفِئَت تَزيدُ |
يا عاذِلَيَّ كُفّا | فَإِنَّني مَعمودُ |
أَكثَرتُما تَفنيدي | لَو يَنفَعُ التَفنيدُ |
قَد أَقصَدَت فُؤادي | خُمصانَةٌ خَريدُ |
بَهَنانَةٌ لَعوبٌ | غَرثى الوِشاحِ رُودُ |
هِجرانُها قَريبٌ | وَوَصلُها بَعيدُ |
كَلامُها خَلوبٌ | إِلى الصِبا يَقودُ |
وَطَرفُها مَريضٌ | وَلَحظُها صَيودُ |
وَهوَ لِنَفسِهِ إِذ | يَظلِمُ مُستَفيدُ |
وَسنى وَلا كَوَسنى | تُميتُ مَن تُريدُ |
كَالبَدرِ بَعدَ عَشرٍ | قارَنَهُ السُعودُ |
وَثَغرُها شَتيتُ | وَريقُها بَرودُ |
كَأَنَّ فيهِ مِسكاً | خالَطَهُ قِنديدُ |
وَقَدُّها مَمشوقٌ | مُنَعَّمٌ مَقدودُ |
وَكَشحُها لَطيفٌ | مُهَفهَفٌ خَضيدُ |
كَأَنَّهُ قَضيبٌ | في غَرسِهِ يَميدُ |
وَرِدفُها ثَقيلٌ | بِخَصرِها يَميدُ |
كَأَنَّهُ كَثيبٌ | لَبَّدَهُ الجَليدُ |
لَها مِنَ الظِباءِ | مُقَلَّدٌ وَجيدُ |
كَأَنَّهُ غَزالٌ | بِبَلدَةٍ فَريدُ |
أَو صَنَمٌ بَهِيٌّ | في دَيرِهِ مَعبودُ |
أَحسُدُهُ مِراراً | وَمِثلُهُ مَحسودُ |
قَد جَحَدَت هَواها | هَل يَنفَعُ الجُحودُ |
مَن لامَ في هَواها | فَنُصحُهُ مَردودُ |
يا سِحرُ واصِليني | فَإِنَّني عَميدُ |
إِنّي لِما أُلاقي | مِن حُبِّكُم مَجهودُ |
جودي لِمُستَهامٍ | عَذَّبَهُ التَسهيدُ |
يَسهَرُ مِن هَواكُم | وَأَنتُمُ رُقودُ |
حَتّى مَتّى مُنايَ | لا يُنجَزُ المَوعودُ |
صارَ الهَوى بِقلبي | يُبدي كَما يُعيدُ |
وَيحي أَنا الطَريدُ | وَيحي أَنا الشَريدُ |
وَيحي أَنا المُعَنّى | وَيحي أَنا الفَريدُ |
وَيحي أَنا المُمَنّى | وَيحي أَنا الوَحيدُ |
وَيحي أَنا المُبَلّى | وَيحي أَنا الفَقيدُ |
أَبادَني هَواكُم | وَالحُبُّ لا يَبيدُ |
وَالحُبُّ يا مُنايَ | أَهوَنَهُ شَديدُ |
وَالحُبُّ لي نَديمٌ | وَالحُبُّ لي قَعيدُ |
وَالحُبُّ لي طَريفٌ | وَالحُبُّ لي تَليدُ |
وَالحُبُّ لي إِذا ما | أَخلَقتُهُ جَديدُ |
أَشهَدُ أَنَّ قَلبي | عَلى الهَوى جَليدُ |
يَحمِلُ كُلَّ هَذا | وَحَملُهُ كَؤودُ |
لَو كانَ مِن جُلمودٍ | تَفَتَّتَ الجُلمودُ |
وَسادَةٍ سُراةٍ | ما فيهِمُ مَسودُ |
كُلُّهُم جَليدٌ | ما فيهِمُ حَريدُ |
بانَ السِفاهُ عَنهُم | فَرَأيُهُم سَديدُ |
يُسقَونَ صَفوَ راحٍ | لَذيذُها مَوجودُ |
كانَت بِعَهدِ نوحٍ | وَهُم لَها جُنودُ |
حَتّى إِذا أُبيدوا | أَورَثَها ثَمودُ |
شَمسِيَّةٌ شَمولٌ | شَيطانُها مَريدُ |
مِن عَمَلِ النَصارى | لَم تَغذُها اليَهودُ |
وَعِندِنا غَزالٌ | بِطَرفِهِ يَصيدُ |
مُبَتَّلٌّ غَريرٌ | تُزهى بِهِ العُقودُ |
حَتّى كَأَنَّهُ مِن | غُرَّتِهِ بَليدُ |
فَلَم يَزَل يَسقينا | وَعَيشُنا رَغيدُ |
مُدامَةٌ لَها في | خُدودِنا تَوريدُ |
كَأَنَّ شارِبيها | في سوقِهِم قُيودُ |
حَتّى اِنثَنَت عُيونٌ | وَاِحمَرَّت الخُدودُ |
في مَجلِسٍ نَضيرٍ | يَزينُهُ الشُهودُ |
غَطارِفٌ كِرامٌ | بيضُ الوُجوهِ صيدُ |
مِن فَوقِهِم أَطيارٌ | صِياحُها تَغريدُ |
وَتَحتَهُم جِنانٌ | نَباتُها نَضيدُ |
أَكواسُهُم مِلاءُ | طافِحَةٌ رُكودُ |
قَد قُلِّدَت بِآسٍ | فَزانَها التَقليدُ |
مِثلُ بَناتِ ماءٍ | أَفزَعَها الرُعودُ |
فَمَرَّةً رُكوعٌ | وَمَرَّةً سُجودُ |
وَعِندَهُم دِفافٌ | وَزامِرٌ وَعودُ |
خاضوا بِبَحرِ قَصفٍ | تَجري لَهُ مُدودُ |
حَتّى اِنتَشَوا وَقاموا | مَجلِسُهُم مَحمودُ |
مَن قالَ مِثلَ هَذا | فَإِنَّهُ سَعيدُ |
هَذا الخُلودُ عِندي | لَو دامَ لِيَ الخُلودُ |