لَيلي عَلَيَّ بِهِم طَويلٌ سَرمَدُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لَيلي عَلَيَّ بِهِم طَويلٌ سَرمَدُ | وَهَوىً يَغورُ بِهِ الفِراقُ وَيُنجِدُ |
وَإِذا تَمَنَّت عَينُهُ سِنَةَ الكَرى | مَنَعَ الكَرى عَينٌ عَلَيهِ وَمَرصَدُ |
يا شَكلَ كَيفَ يَنامُ صَبٌّ هائِمٌ | غَلَبَت عَلَيهِ غَوايَةٌ لا تَرشُدُ |
في الرَأسِ مِنها نَبتُ جَثلٍ فاحِمٍ | وَأَنامِلٌ في اللينِ مِنها تُعقَدُ |
وَمُعَقرَبِ الصُدغَينِ يَشكو طَرفُهُ | مَرَضَ الَّذي حَنَّت عَلَيهِ العُوَّدُ |
ما سامَني البَينَ الَّذي بَعَثَ الهَوى | فَأَشاقَني خَدٌّ عَلَيهِ مُوَرَّدُ |
ما لِلعَذارى البيضِ سُمنَ مَوَدَّتي | خَسفاً سَقاهُنَّ الغَمامُ المُرعِدُ |
وَزُجاجَةٍ غَرَضَت عَلَيكَ شُعاعَها | وَاللَيلُ مَضروبُ الدَوالي أَسوَدُ |
تَخفى الثُرَيّا في سَوادِ جَناحِهِ | وَيَضِلُّ فيهِ عَن سُراهُ الفَرقَدُ |
فَكَأَنَّها فَوقَ الزُجاجَةِ لُؤلُؤٌ | وَكَأَنَّ خُضرَتَها عَلَيهِ زُمُرُّدُ |
غَلَبَ المِزاجُ بِها فَظَلَّت تَحتَهُ | تَرغو بِمَكنونِ الحَبابِ فَتُزبِدُ |
رَقَّت بِجَوهَرَةٍ وَوافَقَ شَكلُها | فَحُلِيُّها مِن جَوفِها يَتَوَلَّدُ |
وَالشِعرُ داءٌ أَو دَواءٌ نافِعٌ | وَمُحَمَّقٌ في شِعرِهِ وَمُبَرَّدُ |
خُذ لِلسُرورِ مِنَ الزَمانِ نَصيبَهُ | فَالعَيشُ يَفنى وَاللَيالي تَنفَدُ |
وَالمالُ عارِيَةٌ عَلى أَصحابِهِ | عَرَضٌ يُذَمُّ المَرءُ فيهِ وَيُحمَدُ |
يَدنو وَيَنأَى عَنكَ في رَوَغانِهُ | كَالظِلِّ لَيسَ لَه قَرارٌ يوجَدُ |
كَم كاسِبٍ لِلمالِ لَم يَنعَم بِهِ | نَعِمَ العَدُوُّ بِمالِهِ وَالأَبعَدُ |
يا مورِيَ الزَندِ المُضيءَ لِغَيرِهِ | بِحِسابِهِ تَشقى وَغَيرُكَ يَسعَدُ |
كَأَمانَةٍ أَدَّيتَها لَم تَرزَها | حَتّى أَتاكَ مُعَجَّلاً ما توعَدُ |
لا تَذهَبي يا نَفسُ وَيحَكِ حَسرَةً | فَالناسُ مَعدولٌ بِهِ وَمُشَرَّدُ |
وَاِبنُ الفَتى الزِيّاتِ عِندي واعِظٌ | وَمُذَكِّرٌ لي لا يَجورُ وَيَقصِدُ |
راحَت عَلَيهِ الحادِثاتُ بِنَكبَةٍ | عَظُمَت فَرَقَّ لَها العِدى وَالحُسَّدُ |
وَلَرُبَّما اِعتَلَّ الزَمانُ عَلى الفَتى | وَلَرُبَّما اِنقَصَفَ القَنا المُتَقَصِّدُ |
وَكذا المُلكِ في تَدبيرِهِ | وَالعِزُّ دونَ فِنائِهِ وَالسُؤدَدُ |
ضَخمُ السُرادِقِ ما يُرامُ حِجابُهُ | جَبَلٌ مِنَ الدُنيا وَبَحرٌ مُزبِدُ |
حَتّى إِذا مَلَأَ الحِياضَ وَغَرَّهُ | كَيدُ اللَيالي طابَ فيهِ المَورِدُ |
حَزَّتهُ أَسنانُ الحَديدِ فُروحُهُ | بَينَ اللَهاةِ وَعَينُهُ لا تَرقُدُ |
يا وَيحَ أَحمدَ كَيفَ غَيَّرَ ما بِهِ | غِشُّ الخَليفَةِ وَالزَمانُ الأَنكَدُ |
هذا مِنَ المَخلوقِ كَيفَ بِخالِقٍ | لِعِقابِهِ يَومَ القِيامَةِ مَوعِدُ |
مَلِكٌ لَه عَنَتِ الوُجوهُ تَخَشُّعاً | يَقضى وَلا يُقضى عَلَيهِ وَيُعبَدُ |
لَم تولِ أَيّامَ الإِمامِ حَفيظَةً | تُنجيكَ مِن غَمَراتِها يا أَحمَدُ |
فَزَرَعتَ شَوكاً عِندَهُ فَحَصَدتَهُ | وَكَذا لَعَمري كُلُّ زَرعٍ يُحصَدُ |