تذكرت شجواً من شجاعة منصبا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
تَذَكَّرتَ شَجواً مِن شَجاعَةَ مُنصِبا | تَليداً ومُنتاباً مِنَ الشَوقِ مُحلبا |
تَذَكرتَ حيّاً كانَ في مَيعَةِ الصِبا | وَوَجداً بِها بَعدَ المَشيبِ مُعَقِّبا |
إِذا كانَ يَنساها تَرَدَّدَ حبُّها | فَيالَكَ قَد عَنّى الفؤادَ وَعَدَّبا |
ضَنىً مَن هَواها مُستَكِنٌّ كأَنَّهُ | خَليعُ قِداحٍ لَم يَجِد مُتَنَشَّبا |
فَأَصبَحَ باقي الودِّ بَيني وَبينَها | رَجاءً عَلى يأَسٍ وَظَنّاً مُغَيَّبا |
وَيَومَ عَرَفتُ الدارَ مِنها بِبَيشَةٍ | فَخِلتُ طُلولَ الدارِ في الأَرضِ مِذنَبا |
تَبَيَّنتُ مِن عَهدِ العِراصِ وأَهلِها | مرادَ جَواري بِالصَّفيحِ وَمَلعَبا |
وأَجنَفَ مأَطور القَرى كانَ جُنَّةً | مِنَ السَيلِ عالتَهُ الوَليدَةُ أَحدَبا |
بِعَينيك زالَ الحَيُّ مِنها لنيَّةٍ | قَذوفٍ تَشوقُ الآلِفَ المُتَطَرَّبا |
فَزَمُّوا بِلَيلٍ كُلَّ وَجناءَ حُرَّةٍ | ذَقونٍ إِذا ما سائقُ الرَكبِ أَهذبا |
وأَعيَسَ نَضّاخِ المَقَذِّ تَخالُهُ | إِذا ما تَدانى بِالظَعينَةِ أَنكَبا |
ظَعائنَ مُتباعِ الهَوى قَذَفِ النَوى | فَرودٍ إِذا خافَ الجَميعُ تَنكَّبا |
فَقَد طالَ ما عُلِّقتَ لَيلى مُغَمَّراً | وَليداً إِلى أَن صارَ رأَسُكَ أَشيبا |
فَلا أَنا أُرضي اليَومَ مَن كانَ ساخِطاً | تَجَنُّبَ لَيلى إِن أَرادَ تَجَنُّبا |
رأَيتُكِ مِن لَيلى كَذي الداءِ لَم يَجِد | طَبيباً يُداوي ما بِهِ فَتَطَبَّبا |
فَلَمّا اشتَفى مِمّا بِهِ عَلَّ طِبَّهُ | عَلى نَفسِهِ مِمّا بِهِ كانَ جَرَّبا |
فَدَع عَنكَ أَمراً قَد تَوَلّى لِشأَنِهِ | وَقَضِّ لُباناتِ الهَوى إِذ تَقَضَّبا |
بِشَهمٍ جَديَليّ كأَنَّ صَريفَهُ | إِذا اصطُكَّ ناباهُ تَغَرُّدُ أَخطَبا |
بَرى أُسَّهُ عِندَ السِفارِ فَرَدَّهُ | إِلى خالِصٍ مِن ناصِعِ اللَونِ أَصهبا |
بِهِ أَجتَدي الهَمَّ البَعيدَ وأَجتَزي | إِذا وَقَدَ اليَومُ المَليعَ المُذَبذَبا |
أَلا أَيُّهَذا المُحتَدينا بِشَتمِهِ | كَفى بيَ عَن أَعراضِ قَوميَ مُرهَبا |
وَجازَيتَ مِنّي غَيرَ ذي مثنويةٍ | عَلى الدَفعَةِ الأَولى مُبِرّاً مُجَرَّباً |
لِزازَ حِضارٍ يَسبِقُ الخَيلَ عَفوهُ | وَساطٍ إِذا ضَمَّ المَحاضيرَ مُعقبا |
سَجولٌ أَمامَ الخَيلِ ثاني عَطفِهِ | إِذا صَدرُهُ بَعدَ التَناظُرِ صَوَّبا |
تَعالَوا إِذا ضَمَّ المَنازِلُ مِن مِنىً | وَمَكّةُ مِن كُلِّ القَبائِلِ مَنكِبا |
نواضِعُكُم أَبناءَنا عَن بَنيكُمُ | عَلى خَيرِنا في الناسِ فَرعاً وَمَنصِباً |
وخَيرٍ لِجادٍ مِن مَوالٍ وَغيرِهِم | إِذا بادَرَ القَومُ الكَنيفَ المُنَصَّبا |
وَأَشرَعَ في المِقرى وَفي دَعوَةِ النَدى | إِذا رائِدٌ لِلقَومِ رادَ فأَجدَبا |
وأَقوَلنا لِلضَّيفِ يَنزِلُ طارِقاً | إِذا كُرِهَ الأَضيافُ أَهلاً وَمَرحَبا |
وأَصبرَ في يَومِ الطِعانِ إِذا غَدَت | رِعالاً يُبارينَ الوَشيجَ المُذَرَّبا |
هُنالِكَ يُعطي الحَقَّ مَن كانَ أَهلَهُ | وَيَغلُبُ أَهلُ الصِدقِ مَن كانَ أَكذَبا |
وإِن تسأَموا مِن رِحلَةٍ أَو تُعَجِّلوا | إِنى الحَجِ أُخبِركُم حَديثاً مُطَنِّبا |
أَنا المَرءُ لا يَخشاكُمُ إِن غَضِبتُمُ | وَلا يَتَوَقّى سُخطَكُم إِن تَغَضَّبا |
أَنا ابنُ الَّذي فاداكُمُ قَد عَلِمتُمُ | بِبَطنِ مُعانٍ والقيادَ المُجَنَّبا |
وَجَدّي الَّذي كُنتُم تَظلَّونَ سُجَّداً | لَهُ رَغبَةً في مُلكِهِ وَتَحَوُّبا |
وَنَحنُ رَدَدنا قَيسَ عَيلانَ عَنكُمُ | وَمَن سارَ مِن أَقطارِهِ وَتأَلَّبا |
بِشَهباءَ إِذ شُبَّت لِحَربٍ شُبوبُها | وَغَسّانَ إِذ زافوا جَميعاً وَتَغلِبا |
بِنقعاءَ أَظلَلنا لَكُم مِن وَرائِهِم | بِمُنخَرِقِ النَقعاءِ يَوماً عَصَبصَبا |
فَأُبنا جِدالاً سالِمينَ وَغُودِروا | قَتيلاً وَمَشدودَ اليَدَينِ مُكَلَّبا |
أَلَم تَعلَموا أَنّا نُذَبِّبُ عَنكُمُ | إِذا المَرءُ عَن مَولاهُ في الرَّوعِ ذَبَّبا |
وَإِنّا نُزَكِّيكُم وَنَحمِلُ كَلَّكُم | وَنَجبُرُ مِنكُم ذا العيالِ المُعَصَّبا |
وَإِنّا بإِذنِ اللَهِ دَوَّخَ ضَربُنا | لَكُم مَشرِقاً في كُلِ أَرضٍ وَمَغرِبا |
عَلَينا إِذا جَدَّت مَعَدٌ قَديمَها | ليَومِ النِجادِ مَيعَةً وَتَغَلُّبا |
وَإِنّا أُناسٌ لا نَرى الحِلمَ ذِلَّةً | وَلا العَجزَ حينَ الجَدُّ حِلماً مَؤَرَّبا |
وَنَحنُ إِذا عَدَّت مَعَدٌ قَديمَها | يُعَدُّ لَنا عَدّاً عَلى الناسِ تُرتَبا |
سَبَقنا إِذا عَدَّت مَعَدٌ قَديمَها | ليَومِ حِفاظٍ مَيعَةً وَتَقَلُّبا |
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى الحِلمَ ذِلَّةً | وَلا نُبسِلُ المَجدَ المُنى والتَجَلُّبا |
وإِنّا نَرى مِن أُعدِمَ الحِلمَ مُعِدماً | وإِن كانَ مَدثوراً مِنَ المالِ مُترِبا |
وَذو الوَفرِ مُستَغنٍ وَيَنفَعُ وَفرُهُ | وَلَيسَ يَبيتُ الحِلمُ عَنّا مُعَزَّبا |
وَلا نَخذُلُ المَولى وَلا نَرفَعُ العَصا | عَلَيهِ وَلا نُزجي إِلى الجارِ عَقرَبا |
فَهَذي مَساعينا فَجيئوا بِمثلَها | وَهَذا أَبونا فابتَغوا مِثلَهُ أَبا |
وَكانَ فَلا تُودوا عَنِ الحَقِّ بِالمُنى | أَفَكَّ وأَولى بِالعَلاءِ وَأَوهَبا |
لِمَثنى المِئينَ والأَساري لأَهلِها | وَحَملِ الضياعِ لا يَرى ذاكَ مُتعِبا |
وَخَيراً لأَدنى أَصلِهِ مِن أَبيكُمُ | ولِلمُجتَدى الأَقصى إِذا ما تَثَوَّبا |