أنا والسر الضائع
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما زلت والدرب بعيد طويل | أبحث في المجهول عبر الزمان | عن ضائع أبحث ، عن سرّ | ظننته أنأى من المستحيل | ما انفك يجري خلفه عمري | وهو وراء الغيب في لا مكان | كان دعاني صوته المفعم | والعمر فجرٌ والصّبا برعم | ولم يزل يعمر قلبي صداه | عذباً ، قوياً، فائراً كالحياة | مستغلقاً ، كأنه طلسم | ولم أزل أبحث عنه سدى | في ألف وجه من وجوه الحياة | في الليل ، في الإعصار ، في الانجم | وهو يناديني وينأى مداه | ولم أزل أبحث حتى رمى | بي اليأس في ظلامه المعتم | وسرت والايام أمشي إلى | لا غاية ، لا مأمل ، لا رجاء | وسرت شيئاً ميّت الروح لا | أبحث عن شيء، | وفي نفسي | ثلج وليل ، ووطأة اليأس | تخنق في نفسي بقايا النداء | وكان يوم ، كان صبح رطيب | فتحت عيني على ضوئه | وخلف أجفاني حلمٌ قريب : | وجه أليف ومكان غريب | تفتّحت روحي في فيئه | وثلج قلبي ذاب في دفئه | فتحت عينيّ وكان النهار | صافي المجالي ضاحك الشمس | وكان بي حسّ خفي الدبيب | توقّعٌ مستبهم ، وانتظار | مأتاهما من أين ؟ | لم أدر . . | لم أدر إلا أن في صدري | يداً من الغيب مضت كفّها | تمسح عنه عتمة اليأس | ورحت ، في نفسي صفاء وفي | قلبي حنين وانجذاب خفي | وبغتة ، في لفتة عابرة | لقيته يملأ دربي سناه | لقيته ، لم أدر من ساقه | إليّ ، من وجّه نحوي خطاه | لقيته لا حلماً ، إنما | حقيقة ساطعة باهرة | عانقت فيها حين عانقتها | الله والحبّ وسرّ الحياة | يا جذل الروح ونعمى الوصول | لقيت سرّي الضائع المبهما | لقيت سرّي بغتةً بعدما | ظننته أنأى من المستحيل | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (فدوى طوقان) .