المبغى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بغداد مبغى كبير | لواحظ المغنّية | كساعة تتكّ في الجدار | في غرفة الجلوس في محطّة القطار | يا جثة على الثرى مستلقية | الدود فيها موجة من اللهيب و الحرير | بغداد كابوس ( ردى فاسد | يجرعه الراقد | ساعاته الأيام أيامه الأعوام و العام نير | العام جرح ناغر في الضمير ) | عيون المها بين الرصافة و الجسر | ثقوب رصاص رقشت صفحة البدر | و يسكب البدر على بغداد | من ثقبي العينين شلالا من الرماد | الدور دار واحدة | و تعصر الدروب كالخيوط كلّها | في قبضة ماردة | تمطّها تشلّها | تحيلها دربا إلى الهجير | و أوجه الحسان كلهنّ وجه ناهدة | حبيبتي التي لعابها عسل | صغيرتي التي أردافها جبل | و صدرها قلل | و نحن في بغداد من طين | يعجنه الخزّاف تمثالا | دنيا كأحلام المجانين | و نحن ألوان على لجها المرتجّ أشلاء و أوصالا | بالأمس كان العيد عيد الزهور | الزاد تحثوه الربى و الخمور | و الرقص و الأغنيات | و الحب و الكركرات | ثم انتهى إلا بقايا طيور | تلتقط الحبّ و إلاّ دماء | مما نماه الحقل طير وشاء | و غير أطفال يطوفون أور | العيد من قال انتهى عيدنا | فلتملأ الدنيا أناشيدنا | فالأرض ما زالت بعيد تدور | بالأمس كان العيد عيد الزهور | و اليوم ما نفعل | نزرع أم نقتل | أهذه بغداد | أم أن عامورة | عادت فكان المعاد | موتا و لكنني في رنّة الأصفاد | أحسست ماذا صوت ناعورة | أم صيحة النّسغ الذي في الجذور | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (بدر شاكر السياب) .