أسافر منك.. وقلبي معك
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
وعلمتنا العشق قبل الأوان | فلما كبرنا ودار الزمان | تبرأت منا.. وأصبحت تنسى | فلم نر في العشق غير الهوان | عشقانك يا نيل عمرا جميلا | عشقناك خوفا وليلا طويلا | وهبناك يوما قلوبا بريئة | فهل كان عشقك بعض الخطيئة؟! | * * * | طيورك ماتت.. ولم يبق شيء على شاطئيك | سوى الصمت والخوف والذكريات | أسافر عنك فأغدو طليقا | ويسقط قيدي | وأرجع فيك أرى العمر قبرا | ويصبح صوتي بقايا رفات.. | * * * | طيورك ماتت | فلم يبق في العش غير الضحايا | رماد من الصبح.. بعض الصغار | جمعت الخفافيش في شاطئيك | ومات على العين.. ضوء النهار | ظلام طويل على ضفتيك | وكل مياهك صارت دماء | فكيف سنشرب منك الدماء..؟ | * * * | ترى من نعاتب يا نيل قل لي.. | نعاتب فيك زمانا حزينا.. | منحناه عمرا.. ولم يعط شيئا.. | وهل ينجب الحزن غير الضياع | ترى هل نعاتب حلما طريدا.. | تحطم بين صخور المحال | وأصبح حلما ذبيح الشراع.. | ترى هل نعاتب صبحا بريئا | تشرد بين دروب الحياة | وأصبحا صبحا لقيط الشعاع | ترى هل نعاتب وجها قديما | توارى مع القهر خلف الظلام | فأصبح سيفا كسيح الذراع | ترى من نعاتب يا نيل قل لي.. | ولم يبق في العمر إلا القليل.. | حملناك في العين حبات ضوء | وبين الضلوع مواويل عشق.. | وأطيار عشق تناجي الأصيل.. | فإن ضاع وجهي بين الزحام | وبعثرت عمري في كل أرض.. | وصرت مشاعا فأنت الدليل.. | ترى من نعاتب يا نيل قل لي.. | وما عاد في العمر وقت | لنعشق غيرك.. | أنت الرجاء | أنعشق غيرك..؟ | وكيف وعشقك فينا دماء | تعود وتغدو بغير انتهاء.. | * * * | أسافر عنك | فألمح وجهك في كل شيء | فيغدو الفنارات يغدو المطارات | يغدو المقاهي.. | يسد أمامي كل الطرق | وأرجع يا نيل كي أحترق | * * * | وأهرب حينا | وأصبح في الأرض طيفا هزيلا | وأصرخ في الناس أجري إليهم | وأرفع رأسي لأبدو معك | فأصبح شيئا كبيرا.. كبيرا | طويناك يا نيل بين القلوب | وفينا تعيش.. ولا نسمعك | تمزق فينا.. | وتدرك أنك أشعلت نارا | وأنك تحرق في أضلعك | تعربد فينا | وتدرك أن دمانا تسيل | وليست دمانا سوى أدمعك | تركت الخفافيش يا نيل تلهو | وتعبث كالموت في مضجعك | وأصبحت تحيى بصمت القبور | وصوتي تكسر في مسمعك | قد غبت عنا زمانا طويلا | فقل لي بربك من يرجعك | فعشقك ذنب.. وهجرك ذنب | أسافر عنك.. وقلبي معك | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (فاروق جويدة) .