أُسَرِّحُ نَفْسِي قليلا .. |
لِتَلْقَى الرَّبِيعَ فَيَرْشِفَهَا |
في الطَّرِيقِ الجَدِيدِ |
وَيَجْعَلَهَا كَالْحَمَامَةِ |
تَنْقُرُ حَبَّ القَصِيْدِ |
وَتَهْدِلُ حتَّى تُجَنَّ |
هَدِيْلاَ .. |
* |
هَوَاءٌ لآذَارَ يَبْدُو ثَقِيلاَ |
وَيَتْرُكُ آثَارَهُ فَوْقَ جِلْدِي |
رَحِيْقَاً |
وَحُزْناً .. |
وَصَوْتُ البَعيدِ يُنَاشِدُني |
كي أُعَتِّقَ خَمْرِي |
وَأَدْلُقَهَا في دُرُوْبِ الحَنِينِ |
لِيُصْبِحَ وَجْهُ الفَنَاءِ جَمِيلاَ .. |
* |
وَإِنِّي قَرِيبٌ |
أُجِيْبُ النِّدَاءَ المُعَطَّرَ |
قَبْلَ النِّدَاءِ .. |
ولا أَتَخَيَّلُ |
أنّي تُرَابٌ |
تَطَاوَلُ مِنِّي القَصَائِدُ |
حَتَّى تَصِيرَ نَخِيلاَ !.. |
ولا أَتَخيَّلُ أَنِّي مَجَازٌ |
وَحُبُّكِ فَجَّرَ فِـيَّ الحَقِيقَةَ |
حَتَّى حَمَلْتُ المَجَرَّةَ |
تَقْطُرُ مِنْهَا الشُّمُوسُ .. |
وَتَسْكَرُ فيها النُّجُومُ .. |
ولا أَتَخيَّلُ أَنِّي سَأَغْفُو قليلا !.. |
* |
أنا جَسَدٌ ثَابِتٌ في الزَّوَالِ .. |
أُقَلِّبُ أَوْرَاقَ هذا الرَّبِيعِ |
وَأَقْرَأُ فيهِ مَآلي .. |
وَأَفْتَحُ |
بَابَاً على الخَوْفِ .. |
باباً على اليَأْسِ .. |
أَفْتَحُ |
بابَ المُحَالِ .. |
كَثِيفٌ هُوَ الصَّمْتُ .. |
بَوْحُ الطَّبِيعَةِ لُغْزٌ يُحَيِّرُ .. |
حَلَّ الظَّلاَمُ .. |
وَأَقْفَزَ دَرْبُ الخَيَالِ .. |
* |
هُنَا في مَسَاءِ الرَّبِيعِ |
صَبَاحٌ يُطِلُّ على كَائِنَاتي |
التي أَحْتَوِيْهَا .. |
وَيَجْعَلُ نَبْضِي |
يُوَزِّعُ نُوْرَاً على الجَائِعِينَ |
إلى النُّورِ |
فِيَّ .. |
أنا لا سِوَايَ |
أُعَانِقُ صَحْوِي .. |
وَأُطْلِقُ شَدْوِي |
كَنَهْرٍ يُحَلِّقُ تَحْتَ الْجِنَانِ |
وَيَسْكُبُ فَوْقي الحَيَاةَ |
وَيَمْسَحُ عَنِّي الغَلِيلاَ ... |
وَوَجْهُكِ يَحْضُرُ |
حَتَّى يُغَيِّبَ وَجْهَ النِّهَايَةِ |
حِينَ أَكُونُ عَلِيلاَ !.. |
* |
وَلَسْتُ بعيداً .. |
ولكنَّ أُغْنِيَةً لِلْحَيَاةِ |
تُرَسِّخُنِي في الوُجُودِ البَعِيدِ |
وَتَرْفَعُ عَنِّي الْحِجَابَ |
لأَكْشِفَ ما قَدْ تَوَارَى .. |
وَأُخْرِجَ مِنْ مَنْجَمِ الرُّوْحِ |
جَوْهَرَةً لِلتَّلاَقي |
وَجَوْهَرَةً لِلْخُلُودِ .. |
أَنَا المُنْطَوِي في ظِلاَلِ المَعَاني |
على صَهْوَةِ الكِلْمَةِ المُشْتَهَاةِ |
غَمَرْتُ السَّمَاءَ صَهِيْلاَ .. |
وَلَمَّا غَرِقْتُ |
تَأَكَّدْتُ أَنِّي |
اشْتَعَلْتُ بِمِصْبَاحِ رُوْحِي |
فَتِيْلاَ !.. |