الأوباش..
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
جهِلنا ما يُراد بنا فقُلنا | نواميسٌ يدبِّرها الخفاءُ |
فلما أيقَظَتْنا من سُباتٍ | مكائدُ دبَّرتها الاقوياء |
وليس هناكَ شكٌ في حياةٍ | تدوسُ العاجزين ولا مِراء |
لجأنا للشرائعِ بالياتٍ | لتحمِينا وقد عزَّ احتماء |
فكانتْ قوَّةٌ أخرى وداءُ | رَجَونا ان يكونَ به الدواء |
حثيثٌ سيرُهنَّ إلى ضعيفٍ | تلقَّفُه وعنْ أشِرٍ بِطاء |
تسيرُ وشأنَها حتى اذا ما | تصدَّتْ قوَّةٌ فبها التواء |
وقام السيفُ يُرهِب دفَّتيها | تؤيِّدهُ ميولٌ وارتشاء |
إذا لم تُرضِه منها سطورٌ | تولَّتْ محوَ ما فيها الدِّماء |
فيا أضحوكةَ السيفِ المُدَّمى | تفايضَ مِن جوانبكِ الغباء |
أتُصلِحُ ما الطبائعُ أفسدتَه | قوانينٌ مفسَّخةٌ هُراء |
وماذا غيَّرتْ نظمٌ وهذي | حياتُكَ جُلُّ ما فيها شقاء |
وما عُدِم الهناءُ بها . ولكنْ | تُنوزِعَ فيه فاحتُكِر الهناء |
ولم تتفاوتِ الطبقاتُ إلاّ | لتنحصرَ الرَّفاهةُ والنَّماء |
وما اختلفت عصورٌ عن عصورٍ | نعم غطَّى على الصُوَرِ الطِّلاء |
فسوقُ الرِّق لم يكسُد ولكن | تبدَّلَ فيه بيعٌ أو شِراء |
وقد قمتْ على التشريعِ سوقٌ | بها احتشدتْ عبيدٌ أو إماء |
ولكنْ تحت أغطيةٍ وماذا | ترى عينٌ لو انكشفَ الغِطاء |
ترى أبداً رعايا أذكياءً | تسوسُهمُ رُعاةٌ أغبياء |
وأحراراً رجالاً أو نساءً | تُسخِّرهم رجالٌ أو نساءٌ |
فتفتقرُ المواهبُ والمزايا | وتندَحرُ العزيمةُ والفَتاء |
وتخمُد جذوةٌ لولا تردِّي | نظاماتٍ لألهبها الرَّجاء |
يُزهِّد في المحامدِ طالبيها | يقينٌ أنَّ عُقباها هباء |
فقد تأتي الفظيعَ ولا عقابٌ | وقد تُسدى الجميلَ ولا جزاء |
وتتَّفقُ المجاعةُ والمزايا | وتلتئِم المحاسنُ والعراء |
وفي التاريخِ أتعابٌ كِثارٌ | مضتْ هدَراً وطار بها الهواء |
وأعمالٌ مشرِّفةٌ ذويها | تولاَّها فضيَّعها الخفاء |
وأُخرى جرَّ مغنمَها دنيٌّ | فسرَّته ، وصاحبُها يُساء |
تكون وقاحةٌ فيود مرءٌ | لو أنَّ مكانَها كانَ الحياء |
فان وُجِدَ الحياءُ سطا عليه | فسخَّرهُ أناسٌ أذكياء |
مزاحمةً كأنَّ دهاءَ مرءٍ | وطِيبةَ نفسهِ ذئبٌ وشاء |
وكلُّ محسِّنينَ إذا استتمّا | فخيرُهما لشرِّهما الفداء |
وإن أشرَّ ما يلقى أريبٌ | وأوجعَ ما يَحار به الدَّهاء |
نفوسٌ هدَّها شرفٌ ونبلٌ | وأرهقها التمنُّعُ والإِباء |
وقد عاشت إلى الأوباشِ تُعزى | وماتتْ وهي مُعدَمةٌ خَلاء |
وأُخرى في المخازي راكساتٌ | كأصدق ما يكونُ الأدنياء |
مشتْ في الناسِ رافعةً رؤوساً | تنصِّبُها كما رُفعَ اللواء |
فلا الأرضونَ قد خُسِفت بهذي | ولا هذي أغاثتها السماء |
أتعرف من هم الأوباشُ " زَولا " | يُريكهم ُ كأحسنِ ما يُراء |
يُريكهمُ أُناساً لم يُلَصَّقْ | بهم غدرٌ ولم يُُنكر وفاء |
تطيحُ بيوتُهمِ حِفظاً لبيتٍ | يضمُّهم - وصاحبَه – الإِخاء |
أتعرفُ " لانتييهِ " وما أتاهُ | من الشرفِ الذي فيه بلاء |
وهل شرفٌ بلا نكَدٍ وضُرٍّ | يُتمِّمُ خِلقةَ الشرف العناء |
تولَّت " لا نتييهِ " يدُ الرزايا | وأنشبَ فيهِ مِخلَبه " القضاء " |
قضاء الله قلتُ ..وإنْ تُرِدْه | قضاء حكومةٍ فهما سواء |
ودَهْورهَ الوفاءُ ونعمَ عقبى | الصداقةِ أنْ يدهوركَ الوفاء! |
ومنْ يذهبْ بثروتهِ ضمانٌ | لصاحبهِ فقد حسُنَ الجزاء! |
وقامتْ صيحةٌ من كلِّ بابٍ | تراجَع ْ " لانتييهِ " فلا نجاء |
ستعلمُ أينَ أهلُ المرءِ عنه | وإخوتُه ، إذا ذهبَ الثراء |
وقد صدَقوا فانَّ يديكَ تهزا | على رجليكَ إنْ نضبَ الرخاء |
وقد كذِبوا . فـ "بايارٌ " لديه | وكانَ له بـ" بايار " العزاء |
وكلُّ الناسِ من قاصٍ ودانٍ | لِمن واساكَ في ضيقٍ فداء |
فجاءَ يَزين موقفَه لسانٌ | كحدِّ السيفِ أرهفه المُضاء |
محاماةً مشرِّفةً وليستْ | محاماةً يُرادُ بها الرِّياء : |
صديقٌ ضامنٌ نجَّتْ صديقاً | ضمانتُه وقد عزَّ الأداء |
وليسَ بمُنكرٍ دفعاً ولكنْ | مُقاسَطةً يحتِّمها اقتضاء |
" فلانتييةٌ " له شرفٌ وجاهٌ | وأطفالٌ وأهلٌ أبرياء |
ومعملُه تعيشُ بهِ مئاتٌ | سيُعوزِهُم – إذا سُدَّ – الغذاء |
ولكنَّ " القضاء " أجلُّ مِن أنْ | يُصدِّقُ ما يقولُ الأصدقاء |
فأصبح " لانتييه " وكلُّ ما في | يديهِ من نَثا الدُّنيا جُفاء |
وبينا " لانتييه " يفيضُ بؤساً | ويطفحُ بالشقاءِ له إناء |
إذا " بالعدل" يكبِسهُ ، لماذا ؟ | لانَّ العدلَ يكبس من يشاء ..! |
لأن " العدل " يُشغِلُه أناسٌ | همُ فوقَ " المنصَّةِ " أنبياء..! |
وهبْ ذهبت ضحايا " العدل " ظُلماً | نفوسٌ من تظنِّيه بُراء |
فلا لومٌ عليهِ وإنْ تلوَّثْ | سياط ٌ فوقَهم أو فارَ ماء..! |
سيجلِدُهم إلى أنْ يُقنِعوه | بأنهم أناسٌ أبرياء..! |
فان هلكوا وخلْفَهمُ بيوتٌ | خوتْ من بعدهم فله البقاء! |