الى داليا .. بعد سنين ومجازر |
أرضٌ وسماءٌ |
سماءٌ وأرضٌ من الضحايا |
تضطربان تحت أنامله. |
يجلس الشاعر في ركن المقهى |
يقذف جملته المرتبكة في مدلهمّ الليالي. |
كانت الحربُ قد بدأت في رأسه |
وامتدّت الى هشيم العالم. |
يحدّق في فنجان القهوة بتلاله الداكنة. أحلام ذئاب تندفع نحو طرائدها المتـْرَفة |
وعول تعشق ضوء القمر |
بحّـارةٌ يعبرون المحيط الهنديّ |
مدفوعين بالرياح الموسميّـة |
نحو ممباسا |
حيث أقام العُـمانيّـون ممالكهم البهيجة. |
وهناك أيضاً كواكب أخرى تلمع في ليل المخيّلة: |
نخلة ترتجف تحت ضلع الفيضان |
فأسٌ نسيَها حطابٌ في أزمنة بعيدة، |
زهرة تركها العاشق قبل رحيله. |
البراكين التي تجاور أنهار الجليد في إيسلندا |
وقوس قزح البلدات وقد اضمحلت بسكانها قبل قليل. |
يرمق طرف فنجانه |
يرى المصائرَ تتداعى كسفنٍ تقتربُ |
من جبلها المغناطيسي. |
ينظر الى الفنجان الذي اختفي |
وربما استحال الى جملة شعريّة |
تجــــدّف في ليل النسيان. |
مســـاء جنائزي |
في ضياء المساء |
في بهو البحر الفسيح |
في الفراغ الفاغر شدقيه كهاويةٍ في مضيق.. |
يتحوّل الفضاء المحتدم بالهوام والأسلاف. |
غابة صياح وعويل. |
الغربان تسبح في اصفرار المغيب |
مالك الحزين يمد عنقه نحو سماء الرحمة، |
وحيدا يحمل عشّــه المتناثر |
من جزيرة الى أخرى |
على مفارق بحار مهجورة. |
الحمام والزيزان تغرق في صمت كئيب. |
وهناك طيور أخرى تولول |
كاتمةً صرخة الرحيل. |
الفضاء بكامله يتمدّدُ |
كجنازة تسيّجها الجبال |
مشيّعوها طيور قذفتها الصدفةُ |
وضيق الحال. |
وحده الموج أطلق المساء سراحه |
مزمجراً في الكهوف الغائرة |
كنيرانٍ مضطرمة |