أربعةً كُنّا مُصابينَ بِداءٍ |
أَعْجَزَ الطبيبَ والعَطّارَ في مدينةٍ |
جميعُ أهليها يُعانونَ من التَعاسَهْ . . . . |
وَمَرَّتِ الأيامُ |
حتى حَلَّ في البلدةِ شيخٌ طاعنٌ |
مِهْنَتُهُ الفِراسَهْ . . . . |
زُرْناهُ نَسْتَفْهمُ عن أَمراضِنا |
بادَرَني بقولِهِ: من أَيِّ شئٍ تشتكي؟ |
قلتُ: من الضَبابِ في بَصيرتي |
ومن شعورٍ غامضٍ أَفْقَدَني الوقارَ والكِياسَهْ |
فتارةً أشعرُ أَنَّ بلدتي مئذنةٌ |
تَرِشُّنا بالنورِ والأريجِ |
حتى تستحيلَ جَنَّةً أرضيةً . . . . |
وتارةً أشعرُ أَنَّ بلدتي إذاعةٌ |
تنهى عن المعروفِ أو تأمرُ بالمُنْكرِ |
حتى تستحيلَ حانةً لنخبةٍ |
ومخدعاً لساسهْ |
فلم أَعُدْ أُمَيِّزُ العهرَ من القداسَهْ |
أشارَ للثاني : وأنتَ ؟ أيَّ شئٍ تشتكي؟ |
أجابَهُ : من عَدَمِ النسيانِ . . . . |
من علائمِ انتكاسَهْ |
بَدَتْ على وجهِ غَدي . . . . |
فَعُمْدَةُ البلدةِ – قبل أنْ يكونَ عُمْدَةً – |
كان بشوشاً وتقيّاً . . . . |
يبدأُ الحديثَ بالذِكْرِ |
ولا يرفعُ حينما يسيرُ راسَهْ |
لكنه من بعدما صَيَّرَ منه " الغرباءُ " عُمْدَةً |
صارَ جهوماً …… كاسِراً |
مثلَ كلابِ الصَّيْدِ والحراسَهْ ! |
والتَفَتَ الشيخُ إلى ثالثِنِا |
( وكان لا زال على مقاعدِ الدراسَهْ ) : |
وأَنتَ مم تشتكي ؟ |
أجابه : أشعرً حين أفتحُ الكتابَ |
أَنَّ مَدفعاً يطلع من بين السطورِ |
فاتحاً شدقيهِ لي . . . . |
فأستحيل أرنباً يبحث في الصفِ عن الكِناسِ . . . |
تغدو لغتي تمتمةً . . . . . |
ودفتري كًناسَهْ ! |
وأشتكي من صَدَأٍ |
طالَ مَرايا الفكرِ في عالمِنا |
فلستُ أدري مَنْ بِنا البائعُ والمُباعُ |
في " عولمةٍ " النخاسَهْ |
. . . . . . . . . . |
. . . . . . . . . . . . |
وقالت الرابعةُ " العانِسُ " : |
أشكو هاجِسَ الأرملةِ الثكلى |
فهلْ من بلسمٍ يوقفُ زحفَ العمرِ |
ريثما يمرُّ عابراً شواطئَ البلدةِ حوتُ الحربِ . . . |
أو توقِفُ دَوّرانَها طاحونةُ السياسه؟ |
فأَطْرَقَ الشيخُ مَليِّاً . . . . . . |
ثم قال جازماً : |
أمراضُكًمْ جميعُها مصدرُها |
" جرثومةُ الكرسيِّ " في " مستنقعِ الرئاسهْ " ! |