كلُّ قصيدةٍ هي بدايةُ الشعر |
كلُّ حبٍّ هو بدايةُ السماء. |
تَجذري فيّ أنا الريح |
اجعليني تراباً. |
سأعذبكِ كما تُعذب الريحُ الشجَرَ |
وتمتصّينني كما يمتصُّ الشجرُالتراب. |
وأنتِ الصغيرة |
كلُّ ما تريدينه |
يُهدى إليكِ الى الأبد. |
مربوطاً إليكِ بألم الفرق بيننا |
أنتَزعُكِ من نفسكِ |
وتنتزعينني، |
نتخاطف الى سكرة الجوهريّ |
نتجدّد حتى نضيع |
نتكرّر حتى نتلاشى |
نغيبُ في الجنوح |
في الفَقْد السعيد |
ونَلِجُ العَدَم الورديّ خالصَين من كلّ شائبة. |
ليس أنتِ ما أُمسك |
بل روح النشوة. |
... وما إن توهّمتُ معرفةَ حدودي حتى حَمَلَتني أجنحةُ التأديب الى الضياع. |
لمنْ يدّعي التُخمةَ، الجوعُ |
ولمن يعلن السأمَ، لدغةُ الهُيام |
ولمن يصيح » لا! لا!«، ظهورٌ موجع لا يُرَدّ |
في صحراء اليقين المظفَّر. |
ظهورٌ فجأةً كدُعابة |
كمسيحةٍ عابثة |
كدُرّاقةٍ مثلَّجة في صحراء اليقين، |
ظهوركِ يَحني الرأسَ بوزن البديهة المتجاهَلَة |
فأقول له » نعم! نعم! «، |
والى الأمام من الشرفة الأعلى |
كلّما ارتميتُ مسافة حبّ |
حرقتُ مسافةً من عمر موتكَ |
كائناً من كنتَ!... |
ترتفعُ |
ترتفع جذوركِ في العودة |
تمضي |
واصلةً الى الشجرةِ الأولى |
أيّتها الأمُّ الأولى |
أيتها الحبيبةُ الأخيرة |
يا حَريقَ القلب |
يا ذَهَبَ السطوح وشمسَ النوافذ |
يا خيّالةَ البَرق المُبْصر وجهي |
يا غزالتي وغابتي |
يا غابةَ أشباح غَيرتي |
يا غزالتي المتلفّتة وسط الفَرير لتقول لي: اقتربْ، |
فأقترب |
أجتاز غابَ الوَعْر كالنظرة |
تتحوّل الصحراء مفاجرَ مياه |
وتصبحين غزالةَ أعماري كلّها، |
أفرّ منكِ فتنبتين في قلبي |
وتفرّين منّي |
فتعيدكِ إليّ مرآتكِ المخبأة تحت عتبة ذاكرتي. |
يداكِ غصونُ الحرب |
يداكِ يدا الثأر اللذيذ مني |
يدا عينيكِ |
يدا طفلةٍ تَرتكب |
يداكِ ليلُ الرأس. |
تُسكتينني كي لا يسمعونا |
ويملأُ الخوفُ عينيكِ |
مُدَلّهاً مختلجاً بالرعب |
كطفلٍ وُلد الآن. |
تنسحب الكلمات عن جسدكِ |
كغطاءٍ ورديّ. |
يَظهر عُريكِ في الغرفة |
ظهورَ الكلمة الأوحد |
بلا نهائيّةِ السراب في قبضة اليد. |
مَن يحميني غابَ النهار |
مَن يحميني ذَهَبَ الليل. |
ليس أيَّ شوقٍ بل شوقُ العبور |
ليس أيَّ أملٍ بل أملُ الهارب الى نعيم التلاشي. |
فليبتعد شَبَحُ الخطأ |
ولا يقتحْمنا باكراً |
فيخطف ويطفىء |
ويَقتل ما لا يموت |
لكي يعيش بعد ذلك قتيلاً. |
الحبّ هو خلاصي أيّها القمر |
الحبّ هو شقائي |
الحبّ هو موتي أيّها القمر. |
لا أخرج من الظلمة إلاّ لأحتمي بعريكِ ولا من النور إلاّ لأسكر بظلمتك. |
تربح عيناكِ في لعبة النهار وتربحان في لعبة الليل. |
تربحان تحت كلّ الأبراج وتربحان ضدّ كل الأمواج. |
تربحان كما يربح الدِين عندما يربح وعندما يَخْسر. |
وآخذ معي وراءَ الجمر تذكارَ جمالكِ أبديّاً كالذاكرة المنسيّة، |
يحتلّ كلَّ مكان وتستغربين |
كيف يكبر الجميع ولا تكبرين. |
ذَهَبُ عينيكِ يسري في عروقي. |
لم يعد يعرفني إلاَّ العميان |
لأنهم يرون الحبّ. |
ما أملكه فيكِ ليس جسدكِ |
بل روحُ الإرادة الأولى |
ليس جسدك |
بل نواةُ الجَسد الأول |
ليس روحكِ |
بل روحُ الحقيقة قبل أن يغمرها ضباب العالم. |
الشمس تشرق في جسدكِ |
وأنتِ بردانة |
لأن الشمس تَحرق |
وكلّ ما يَحرق هو بارد من فرط القوّة. |
كلّ قصيدةٍ هي قَلْبُ الحبّ |
كلّ حبٍّ هو قلبُ الموت يخفق بأقصى الحياة. |
كلّ قصيدةٍ هي آخرُ قصيدة |
كلّ حبٍّ هو آخرُ الصراخ |
كلّ حبٍّ، يا خيّالةَ السقوط في الأعماق، كلّ حبٍّ هو الموت حتى آخره، |
وما أُمسكه فيكِ ليس جسدكِ |
بل قَلْبُ الله |
أعصره وأعصره |
ليُخدّر قليلاً صراخُ نشوتِهِ الخاطفة |
آلامَ مذبحتي الأبديّة. |