قولوا هذا موعدي وامنحوني الوقت. |
سوف يكون للجميع وقت، فأصبروا. |
إصبروا عليَّ لأجمعِ نثري. |
زيارتُكم عاجلة وسَفَري طويل |
نظرُكم خاطف وورقي مُبعْثَر |
محبّتُكم صيف وحُبّيَ الأرض. |
مَن أُخبر فيلدني ناسياً |
إلى مَن أصرخ فيُعطيني المُحيط؟ |
صــار جسدي كالخزف ونزلتُ أوديتي |
صـارت لغتي كالشمع وأشعلتُ لغتي، |
وكنتُ بالحبّ. |
لامرأةٍ أنهَضتُ الأسوار فيخلو طريقي إليها. |
جميلةٌ كمعصيةٍ وجميلةٌ |
كجميلة عارية في مرآة |
وكأميرةٍ شاردة ومُخمَّرة في الكرْم |
ومَن بسببها أُجليتُ وانتظرتُهاعلى وجوه المياه |
جميلةٌ كمَركب وحيد يُقدّم نفسه |
كسريرٍ أجده فيُذكّرني سريراً نسيتُه |
جميلةٌ كنبوءة تُرْسَل الى الماضي |
كقمر الأغنية |
جميلةٌ كأزهارٍ تحت ندى العينين |
كسهولة كلّ شيء حين نُغمض العينين |
كالشمس تدوس العنب |
كعنبٍ كالثّدْي |
كعنبٍ ترْجع النارُ عليه |
كعروسٍ مُختبئة وراء الأسوار وقد ألقتْ عليَّ الشهوة |
جميلةٌ كجوزةٍ في الماء |
كعاصفةٍ في عُطلة |
جميلةٌ أتتني |
أتت إليّ لا أعرف أين والسماء صحو |
والبحر غريق. |
من كفاح الأحلام أقبلتْ |
من يَناع الأيّام |
وفاءً للنذور ومكافأةً للوَرد |
ولُمّعتُ منها كالجوهرة. |
سوف يكون ما سوف يكون |
سوف هناك يكون حُبّنا |
أصابعه مُلتصقة بحجار الأرض |
ويداه محفورتان على العالم. |
أُنقلوني الى جميع اللّغات لتسمعني حبيبتي |
أُنقلوني الى جميع الأماكن لأحْصرَحبيبتي |
لترى أنّني قديمٌ وجديد |
لتسمَعَ غنائي وتُطفىء خوفي. |
لقد وَقعْتُها وتهتُها |
لقد غِرْتُها |
أعيروني حياتكم لأنتظر حبيبتي |
أعيروني حياتكم لأُحبّ حبيبتي |
لأُلاقيها الآن والى الأبد. |
لَكُم أنتم لتدقَّ الساعات |
من سراجكم ليؤخذْ نور الصباح |
فأنا بريءٌ وحبيبتي جاهلة |
آه ليُغدَق علينا |
لنُوفَّرْ لنُجْتنَبْ |
وليُغدَقْ علينا |
فحُبّي لا تكفيه أوراقي وأوراقي لا تكفيها أغصاني |
وأغصاني لا تكفيها ثماري وثماري هائلةٌ لشجرة. |
أنا شعوبٌ من العُشّاق |
حنانٌ لأجيالٍ يقطر منّي |
فهل أخنق حبيبتي بالحنان وحبيبتي صغيرة |
وهل أجرفها كطوفانٍ وأرميها؟ |
آه من يُسعفني بالوقت من يُؤلّف ليَ الظلال مَن يوسّع الأماكن |
فإنّي وجدتُ حبيبتي فلِمَ أتركها... |
ما صَنَعَتْ بيَ امرأةٌ ما صنعتِ |
رأيتُ شمسكِ في كآبة الروح |
وماءكِ في الحُمّى |
وفمكِ في الإغماء. |
وكنتِ في ثيابٍ لونُها أبيض |
لأنّها كانت حمراء. |
وأثلجَتْ |
والثلج الذي أثلجت كان أحمرَ |
لأنّكِ كنتِ بيضاء |
ورَدَدْتِ عليَّ الحُبّ حتّى |
لا أجد إعصاراً يطردكِ |
ولا سيفاً |
ولا مدينةً تستقبلني من دونكِ. |
هذا كُلّه |
جعلته في ندَمي |
هذا كُلّه جعلْته في أخباري |
هذا كُلّه جعلْته في فضاءٍ بارد |
هذا كُلّه جعلْته في المنفى |
لأنّي خسرْتكِ |
إذ ملأتُ قلبي بالجنُون وأفكاريَ بالخُبث |
فكتمتِ وانفصَلتِ |
وكنتُ أظنّكِ ستصرخين وتبكين وتُعاودين الرضى |
ولكن كتمتِ وانفصَلتِ |
وكنتُ أظنّكِ ستعرفين أنّ نفسيَ بيضاء برغم الشرّ |
وأنّي لعباً لعبتُ وحماقتي طاهرة |
وكنت أظنّ أنّكِ وديعةٌ لتغفري لي |
أنّكِ وديعةٌ لأفعل بكِ كالعبيد |
وكنتُ أظنّ أنّي بفرحٍ أظلمكِ وبفرحٍ تتنفّسين ظلمي |
وكنتُ أظنّ أنّي ألدغكِ فتتّسع طمأنينتي |
وأنقضكِ كالجدار فَتَعْلَقين كالغبار بأطرافي |
لكنّي ختمتُ الكلام وما بدأتُه |
وأتفجّع عليكِ لأنّي لم أعرف أنْ أكون لكِ حُرّاً |
ولا عرفتُ أنْ أكون كما تكون اليد للزهرة |
فكنتُ مغنّياً ولكِ ما غنّيت |
ومَلِكاً وأنتِ لم أملك |
وأُحبّكِ |
وما أحببتكِ إلاّ بدمار القلب وضلال المنظر |
وأُحبّكِ |
وطاردتكِ حتّى أشاهد حُبّكِ وهو نائم |
لأعرف ماذا يقول وهو نائم |
فحمَله الخوف وروّعه الغضب |
وهرب الى البُرج عالياً |
كاتماً قد انفصل |
وأنا في جهلي أطوف وفي حكمتي أغرق |
على موضعٍ أدور على موضعٍ أهدأ |
وحُبّكِ يقظان وجريح وراء الأسوار |
وحُبّي بارّ بعد الأوان |
نارُ البِرّ تأكله بعد الأوان. |
أحفظُ مظالمي وأعطي مبرّاتي |
أحفظُ مظالمي فمن يُعطيني مظالمه |
ومن يأخذ مبرّاتي ويُعطيني الرجاء |
لأنّي لم أعد ألمح نوراً في الغابة. |
تذهب الريحُ بالثلج وبالثلج تعود. |
جسدي كالخزف ولُغتي كالشمع. |
إتّخذتُ آفاقاً عظيمة وجعلتُها حفراً |
إتّخذتُ اللّيل فأطفأتُه والنهار فأسلمتُه |
إتّخذتُ الأكاليل فاحتقرتُها |
إتّخذتُ الحُبّ فكسرتُه |
إتّخذتُ الجَمال وكرَجلٍ أفقرْتُه |
إتّخذتُ الحُبّ |
إتّخذتُ الحُبّ الشبيه ببَرّ لا يحدّه ماء |
الشبيهَ بمياهٍ لا تحدّها برّيّة |
إتّخذتُ الحُبّ عوضَ كُلّ شيء مكانَ كُلّ مكان |
بدَلَ الجوهر ومحلَّ الشرّ والخير |
أخذتُه أخذتُ الحُبّ وشكاني |
الذين صاروا في فاقة |
وتعالت جُفونهم الذين حسدوني |
ونهش ضحكهم الهواء الذين تهكّموني |
فماذا صنعتُ بالحُبّ |
وأخذتُ ذهَبَ النساء وردةَ الذهب |
فماذا صنعتُ بالذهب وماذا فعلتُ بالوردة؟ |
أُنقلوني الى جميع اللّغات لتسمعني حبيبتي |
ثبِّتوها على كُرسيّ وجِّهوا وجهها إليّ |
أمسكوا رأسها نحوي فتركض إليّ |
لأنّي طويلاً وبّختُ نفسي ويأسي قد صار مارداً. |
أطيعي دمعكِ يا حبيبتي فيُطرّي الحصى |
أطيعي قلبكِ فيُزيلَ السياج |
ها هو العالم ينتهي والمُدنُ مفتوحةٌ المُدنُ خالية |
جائعةٌ أنتِ وندَمي وليمة |
أنتِ عطشانة وغُيومي سودٌ والرياح تلطمني. |
العالمُ أبيض |
المطرُ أبيض |
الأصواتُ بيضاء |
جسدُكِ أبيض وأسنانُكِ بيضاء |
الحبرُ أبيض |
والأوراقُ بيضاء |
إسمعيني اسمعيني |
أُناديكِ من الجبالِ من الأودية |
أُناديكِ من أعباب الشجرِ من شفاه السحاب |
أُناديكِ من الصخر والينابيع |
أُناديكِ من الربيع الى الربيع |
أُناديكِ من فوق كُلّ شيء من تحت كُلّ شيء ومن جميع الضواحي |
إسمعيني آتياً ومحجوباً وغامضاً |
إسمعيني اسمعيني مطروداً وغارباً |
قلبيَ أسوَدُ بالوحشة ونفسيَ حمراء |
لكنَّ لوحَ العالم أبيض |
والكلمات بيضاء. |