لابسات الشنوف
مدة
قراءة القصيدة :
10 دقائق
.
لابسات الشنوف و الأطواق ِ | جَدَّ منهن في الحشا ما ألاقي |
بعد عهد ٍ لهنّ أخلَفَهُ دَهـ | رٌ حريصٌ على أذى العشاق ِ |
ويحَ عيني و قد تَقَرّحَ جَفن | اها وخَدّي أمَا لها اليوم راق ِ! |
ذهبت جِدَّةُ الشبابِ و رَثَّتْ | و هواهنّ في فؤاديَ باق |
كلما أخلَقَ التأوُّهُ جسمي | جَدّد الوجدَ في الحشا الخفّاق ِ |
ألَمٌ بالِغُ النِّكايةِ ، لكن | هو عندي كالشهد و الترياق |
يائساً أدرأ المواجع عنّي | بالأماني و الذكرياتِ العِتاق ِ |
مثل أم الفصيل ، تَرأم بَوّاً | فَرّقوا لحمه على الطُرّاق ِ |
آنسَتْ أنّ حشوَهُ التبنُ ، لكنْ | أنسُها في شَميم ريح الصِّفاق ِ |
عجباً ، مَلّني العَشيرُ وأهلي | و أنا و اليراعُ خِدْنا وفاق ِ ! |
ليس لي في الحياة صاحبَ صدق ٍ ، غيرُ | طِرسي .. و ريشتي .. و لِياقي |
و طُيوفٍ يَرُدْنَ رَوْضَ خيالي | يبتعثن السرورَ باستنطاقي |
فتصاغ الهمومُ شِعراً مقفّى | كجُمان العقود ذي الأنساق ِ |
فأنا كالصِّلاء ، يُحرَقُ بالنـ | ار ِ ، و يهدى العبير للنُشّاق |
ذاك حظي مع الزمانِ ، وليس الـ | حظ شيئًا يُشرى من الأسواق |
حتفَ نفس ٍ نذرتُها لهواهنّ | وعهد ٍ أصيبَ بالإخفاقِ |
كان عهداً نقشنَهُ في فؤادي | في زمانٍ مُذهّبٍ بَرّاقِ |
ثم لمّا نقضنَهُ و افترقنا | مسحته الدموعُ من آماقي |
قتلُ نفس ٍ في مذهب الغيد أمرٌ | هو إحدى مكارم الأخلاقِ |
هن أذكَيْنَ في حشايَ سعيراً | لم يُبالينَ لوعتي و احتراقي |
و تَصدَّيْنَ للفؤاد بِرَشق ٍ | من سهام اللحاظِ و الأحداقِ |
فبعثن الحياة في جسد ٍ ، بل | جدَثٍ ، كان مُعتِمَ الأنفاق ِ |
قد وأدتُ الشبابَ فيه ، وحُبّاً | حال بيني و بينه إملاقي |
هنّ أقصَدنَ مهجتي عن تَرَوٍّ | في اقتناصي وليس محضَ اتفاقِ |
كِدْنَ لي في تَبرُّج ٍ و ابتذالٍ | و حديثٍ منمّق ٍ .. أفّاقِ |
تجعل العابدَ المهيمن ينسا | هُ ، و يغدو من زمرة الفُسّاق |
و لقد حِدتُ عن هواهنّ لأياً | خوف هتكي في غيِّهِ وانزلاقي |
غير أن الشقاءَ لاشك يرقى | نحو أهل الشقاءِ دون مَراقي |
و سقتني من خمرة الثغر كأساً | مزجَتها بخمرةِ الآماق ِ |
صيّرَتْني في حبها مع نفسي | بين حالَيْ تألُّفٍ و شِقاق |
تارةً أطمِعُ العذولَ ، و أخرى | حِلفَ همّي و دمعيَ المُهراق |
و العزاء الجميلُ أنْ لستُ وحدي | من قضى نَحْبَهُ بداء الفراق |
ذاك قيسُ ابنُ عامر ٍ ذاق ورداً | من تَجَنّي ليلاهُ مُرَّ المَذاقِ |
و جميلُ ابنُ مَعْمَر ٍ مات وَجداً | حين ضنّتْ بثينةٌ بالتلاقي |
و كُثَيْرٌ و عروةُ ابن حِزام ٍ | في رعيل ٍ مضى من العشاق |
كلهم قد تجرَّعوا الموتَ قبلي | فأنا مُنذَرٌ بِوَشْكِ لحاق |
ينتقي الموتُ كلَّ أروعَ ، والأغـ | مارُ باتوا عن عينه في مَتاقي |
عيبُ هذا الزمانِ في أنهُ أخْـ | رَقُ ، يَفدي السقاطَ بالأعلاقِِ |
*** *** | |
يجد المُسعدون أفراحَهم في | ها ، وينسى الحزينُ ما هوَ لاق |
وامزجَنْها من ريق حسناءَ كي يَـ | حلو اصطباحي بشربهاواغتباقي |
ما شفاءُ الجنون ِ في مذهبِ العـ | شاق ، إلاّ ترَشُّفُ الأرياقِ |
امزجنها من ريق (بسمةَ) فهو الـ | بلسمُ الحق و الدواء الحُذاقي |
طَفلةٌ يغمر القلوبَ مُحَيّا | ها ، بنور ٍ مهلهل ِ الإشراق |
عَبًّدَتْني لحسنها الظالم اللَّذِّ | فَرقّي أحَبُّ من إعتاقي |
أيّ خَوْدٍ لذيذةٍ في التمَلّي | مثلما هي لذيذةٌ في العِناق |
بدعةٌ مّا من جنة الخلد ما في | الأرض مِثْلٌ لها على الإطلاقِ |
قلت لمّا رأيتُها : سلِمَتْ إذ | أبدعَتها أناملُ الخَلاّقِ |
من لَماها فامزج لي الخمرَ حِلاّ ً | أو حراماً و لا تؤمِّلْ فُواقي |
ثم دعني لصبوتي أتغنّى | بـ ( ألاتِ الشنوف و الأطواق ِ) |
لا تعظني بموقف الشيخ من فَضـ | ح العذارى أو نضح ِ ماءِ الزِّقاق |
فشيوخ التحديث منهم شيوخٌ | حسبوا الدين باللِّحى والطواقي |
غايةُ الأمر عندهم ليس إلاّ | مصدراً من مصادر الأرزاق ِ |
كسبُ أتقاهُمُ حجابٌ لمرب | وط ٍ تعيس ٍ أو أجْرُ فتوى طلاق ِ |
هم يذمّون في المجامع دنيا | شغفتهم بحبها الحَرّاق |
و يَغُضّون أعيُناً مُقذياتٍ | عن مخاز ٍ طُبِعن في الحِملاق |
إنما تُغمض القطاطُ خداعاً | أهبةً للوثوبِ للإستراقِ |
يستعفُّ الإمام في المنتدى عن | ذكر ِ راح ٍ و قُبلةٍ و عِناقِ |
و لو امتُحِن الإمامُ خَليّاً | حَلّلَ السُّكر واختلى بالساقي ! |
*** *** | |
تَرحَض الهمَّ عن قلوب أ ُلي الهـ | مِّ و تشفي من وطأة الإرهاق ِ |
شُجَّها لي بالصابِ ، واسق حزيناً | مُتأقَ الصدر أيّما إتئاق ِ! |
لا تجادل بالعيش في زمن ٍ ، قد | عَمَّ فيه البلاءُ في الأشفاق ِ |
أيُّ عيش ٍ يطيبُ في وطن ٍ ، صا | رَ ، مثالاً للخسف بعد الفَواقِ |
فولاة الأمور ِ في وطن الأم | جاد ، باعوا أمجاده بالأواقي |
شَيّدوا للشهيد نُصْباً و قاموا | حوله يهتفون في أنساق |
و ثَنَوْا رُجّفَ الأنامل ِ ، وهناً | عن صِيالٍ ، و جاهدوا بالنُّعاقِ |
جعلوا من جماجم الشعب أدرا | جاً ، شَأَتْهُمْ على ذُرى الآفاقِ |
فاستكانوا في عزِّهِمْ وعُلاهُمْ | ثم لا غَرْوَ أن يموتَ الباقي |
حُمُرٌ حُمِّلَت من الآي أسفاراً | و لا تستطيع غيرَ النُّهاقِ |
لا تثق في مزاعم ٍ ألبَسوها | حُسْنَ ديباجةٍ و حسنَ سِياق |
لا تصدق مبادئاً بهرجوها | سطّروها حبراً على الأوراقِ |
و الذي يدَّعونه من ولاءٍ | إنه محضُ فريةٍ و اختلاقِ |
كم سحيق ٍ في أربُع الوطن الغا | لي ، وقيذِ النيوب و الأرواقِ |
و غريق ٍ في لجّةِ الكذبِ أضحى | ضاق ذرعاً ما بين آهٍ و غاقِ |
و فريق ٍ يثور ضد فريقٍ | موغلاً في الإرعاد و الإبراقِ |
و طريق ٍ يُشَقُّ عكسَ طريقٍ | و مؤدّى كليهما لانغلاقِ |
و شقيق ٍ يلوكُ لحمَ شقيقٍ | فتراهم في عِزّةٍ و شِقاقِ |
يتمنّى أن يغمرَ السيلُ يوماً | جُحرَه كلُّ ضفدع ٍ نَقّاقِ |
*** *** | |
اسقني بالكبير من عَكَر ِ الدَّنِّ | سُلافاً من كرمةٍ مبساقِ |
تغسل الصدرَ من أساهُ و تجلو | صَدَأ الروح ِ من هموم ٍ طِباق |
اسقنيها حمراءَ من دم هابيـ | لَ و أنكِرْ مروأتي و خَلاقي |
اسقنيها بقحفِ آدمَ ، إن كا | نَ له في الوجود رمٌّ باق |
شُجَّها بالحميم واسق شجيّاً | أشرفت روحُه على الإزهاقِ |
لهيَ بئس المضمارُ للحُر يعدو | موثَقاً من عنائها بوَثاقِ |
مهّدتْ للبغال ِ أرضاً فعَزّ | الفوزُ فيها على الجياد العِتاقِ |
جعلت غاية السباق ِ ثراءَ الـ | كفِّ ، ياذُلَّ غايةٍ و سِباقِ |
فترى المُسحتينَ فيها بِطاناً | و ذَووا الإتِّقا على الأرماقِ |
و النعيمَ المقيمَ و الرَّغَدَ الدا | ئمَ فيها حِكراً على المُرّاقِ |
يتساقَوْن من رحيقِ جَناها | نخب لذّاتِهم بكأس ٍ دهاقِِ |
توَّجَتهم بعزِّها ، و أظلّت | هم بعافي لوائِها الخَفّاقِ |
منحتهم جلالةً و سُمُوّاً | بعد أكل الدَّبى وحَلْبِ النِّياقِ |
بينما المُرمِلون قد ضربتْ بي | ن حِلاها و بينهم برواقِ |
حرمَتهم لُبَّ الحياة ، فلم يَرْ | ضَوْا بَديلاً عن لُبِّها بالزُّواقِ |
فأقرّت أن لا يَقَرّوا عيوناً | أو يكونوا من جملةِ السُرّاقِ |
و جَزَتهم من غير رفق ٍ ، بأن لا | يعتلي شأنهمْ كباقي الرِّفاقِ |
يظمأ الماجدُ المُرَزًّأ منهم | أو يُسَقّى نقيعَ سُمٍّ زُعاق |
و يموت الشريف غرثان ، أو يمـ | شي ذليلاً على دروب النفاقِ |
منطقٌ شَذَّ يقتضي أن يشذّ الـ | مرءُ كرهاً عن مقتضى الأخلاق |
خطّةٌ مُوِّهت علينا فصارت | شِرعةً للغلول و الإرتزاقِ |
جنّدت بعضَنا لإفناءِ بعض ٍ | سلّطتهم بالسيف و المخراقِ |
ثم شَدّت من أزرهم بلفيف ٍ | من فلولِ الشُذّاذِ والأ ُبّاقِ |
غيرَ أن الضياءَ لا بدّ يوماً | أن سيُؤوي الظلامَ للإخفاقِ |
و يزُمَّ الخطوبَ صوبَ عُلاها | كلُّ نَدْبٍ إلى العُلا تَوّاقِ |
خَبِّر ِ الظالمينَ أن هديراً | قادمٌ بالطبول و الأبواقِ |
فليُعدّوا للإنحدار ِ مَهاو ٍ | و ليمُدوا للإرتقاء مَراقي |
ليجِدّوا في كل فَجٍّ فِراراً | و ليسُدّوا عليهمُ كلَّ طاقِ |
لا يغُرنَّهم تجامُلُ شعبٍ | شِدًّ ما فاقةٍ بهِ و انسراقِ |
بَشِّر الصابرين أن قريبٌ | من دُجى الليل موعدُ الإشراقِ |
أن أمراً من بُهمةِ الغيبِ آتٍ | في يديه مفاتحُ الأغلاقِ |
و يدورُ الزمانُ دورتَه الأخـ | رى ، و يزهو في روعةٍ واتساقِ |
فإذا الحق دامغٌ و إذا البا | طِلُ ، ظلٌّ معَجَّلُ الإزهاق |
عسفُ هذا الزمانِ أمر من الأمـ | ر عُجابٌ في النفي والإحقاقِ |
و كأيٍّ من محنةٍ قد تجلّتْ | ليس حالٌ على الزمان بباقِ |
يتعدى أوارُها الجلدَ و اللحمَ | و يسطو دبيبُها في المَناقي |
خُصَّني بالكبير دون نَداما | يَ ، بقَعبٍ مكيالَ سبع ِ أواقِ |
شُجّها بالمُرار ِ أو ناقع السمِّ | فإنّي سئمتُ عيش النفاقِ |
لا تُخفني بالموت فهو قضاءٌ | ماله من تميمةٍ أو راق ِ |
نحن رُسْلُ المقالِ إن جَلّ ما نُل | قي ، فهيْنٌ من أجله ما نُلاقي |
كلُّ حَيٍّ ، و إن تأخَّرَ حيناً | فهو حتماً مآلُه للنًّفاقِ |
فمن الغابرين مَن صَدَعَتهُ | أعينُ البيض من حِسانٍ رشاقِ |
و من الحاضرين من صرعَتهُ | ألسُنُ البيض ِ من حِداد ٍ رقاقِ |
و من الناس من يموت اعتباطاً | حين بَسط ٍ من عيشه و ارتفاق ِ |
سَنَنُ الدهر ، و اختلافُ المنايا | كاختلافِ الحظوظِ و الأرزاقِ |
أفأرضى و في يديّ و في عُنْ | قي ثقالُ الأغلال والأرباق |
ما حياتي إن يبق رأسيَ في الوَ | حْل ِ وأن أبلُغَ السماءَ بساقي ! |
ما حياة الكريم إن حكمت في | ه فلول الأهواء و الأذواق ِ ! |
ما حياة الهِِزَبْر ِ إن عاد يستَج | دي غذاهُ ممّا تصيدُ السَّلاقي ! |
أتُراني أهوى الحياةَ و قد أطـ | بق كفُّ الزمانِ حول خِناقي !! |
لا وعين ِالحبيبِ ما مكثُها في الـ | صدر ِأحلى من نزعِها في التراقي |
أنا آسى من الحيا(ة) لا من المو | تِ ، فخذ من أيام عمري البواقي |
و علام الأسى و كشحيَ طاو ٍ | و السفيهُ الجهولُ رَحْبُ النِّطاقِ |
و علام الأسى و مطرَفُ غيري | من حرير ٍ و بُردتي من لِفاقِ |
و علام الأسى و كفّيَ صِفرٌ | و هيَ دوماً وأختَها في اصطفاقِ |
أنا لي كبرياءُ نفس ٍ تضيقُ الـ | يوم عنها فسائحُ الآفاقِ |
من أعاريبَ ماجدينَ نَمَتهمْ | للمعالي مَراتبٌ و عَراقي |
طَوعَ أمري تجري الرياحُ فينقا | دُ شراعُ السفين ِ حسْبَ مَراقي |
و إذا الناس أسرَجوا الخيلَ يوماً | لنفير ٍ ركبتُ متنَ البُراق |
أنا دينٌ ، لا تعكسُ الشمسُ إلاّ | بعضَ ما تستفيدُ من إشراقي |
أنا كَوْن ٌ ، و ما الثرى ، و الثريّا | غيرُ أشياءَ في حدود نطاقي |
أنا لا أرتضي الخلودَ لقيّاً | في سجوفِ الأقباءِ و الأنفاق ِ |
تأنَفُ الذلَّ طينةٌ أنا منها | و تُنافي رُغامَهُ أعراقي |
أنا في آخر المطاف فلسطي | نيةٌ همّتي ، وعزمي عراقي . |