أمس استوقفني في الشارع يسأل عن (( بارْ )) |
يقضي فيه بقيّةَ ليله |
زنجي بحّار |
يعمل عتّالا في إحدى سفن الدولار |
و تحدّثنـا فإذا بي أستلطف ظلّهْ |
_هل نشرب كأساً يا صاحب ؟.. |
و لدى مائدةٍ واجمةٍ في المقهى الثرثار |
كان صديقي يشربُ.. يشربُ باستهتار |
هذا الزنجيُّ يحبّ النسيان |
فلماذا؟.. من أيةِ أغوار |
ينبع هذا الإنسان ؟ |
_قل لي.. حدّثني عنكم في أميركا الحرّة |
عن مدرسة البيِض، كنيستهِم، فندقهم، و عبارات |
كتبتْ بالفوسفور و جابت كل الحارات: |
((ممنوع إدخال كلاب و يهودٍ و زنوج )) ! |
_او.. وه.. اتركني باسم الشيطان |
هل حولَكَ لي أُنثى؟ فقُبَيْلَ الفجر |
سنُسيّبُ هذا الميناء.. و نمضي عبر الأخطار ! |
_حسناً ! حدثني عن وطنِ النارِ السوداءْ |
هل تسمع عن أسدٍ يُصطاد |
عن أدغالٍ تهوي تحت الليل رماد |
عن حقل مزروع شهداء |
عن شعب يَنْبَتُ في أرضٍ |
بدماء القتلى مرويّه |
عن شمسٍ تولّد حاملةً |
خبزاً.. أحلاماً.. حريّه |
هل تسمع عن افريقيّة ؟! |
_أسمع.. أسمع.. دقات طبول (( السمبا )) |
و أرى الحسناء الزنجيّه |
تترجرج كالنار الغضبى |
في رقصة حبّ دمويّه |
_حسناً.. حسناً.. حدّث عن كوبا |
هل تعرف شيئاً عن شعبٍ |
ما عاد مسيحاً مصلوبا |
لو أنشد هذي الليلةَ أغنيّه |
_كوبا؟ لو أحمل هذه الليلة قيثاره أغنيّه |
فتزاح ستاره |
عن جسدٍ بضّ في إحدى الشرفات |
*** |
يا ساقية الحانه |
وَيْلمِّكِ.. فارغةٌ كأسي |
و أنا ما زلتُ أُحُسُّ على عنقي، رأسي |
و رفيقُكِ.. ما لرفيقِكِ أخمدَ ألحانه ؟ .. |
أمس استوقفني في الشارع يسأل عن بار |
و اليوم صباحاً كان من الأخبار |
أمريكيٌ أبيض مات |
مات و في شفتيه نداءٌ: |
فلتسقط كلمات |
كتبت بالدمّ و بالأحزان |
فليسقط عارُ الإنسان |
يرفعه الفاشست على وحل الرايات |
((ممنوع إدخال كلابٍ و يهود و نزنوج )) ! |