"إلى أين تسعى يا كلكامش |
إنَّ الحياةَ التي تبغي لن تجدَ.." |
- من خطاب صاحبة الحانة لكلكامش - |
"إذا كان المستحيل يجبُ أنْ لا يُرتاد |
فلماذا أيقظتِ في قلبي الرغبةَ |
التوّاقةَ إليهِ…" |
- كلكامش - |
لا شيءَ يهدّيءُ هذه الروحَ المُلتاعةَ |
لا الشوارعُ |
ولا أنتِ |
ولا الكتبُ |
ولا ظلالُ اليوكالبتوز |
ما للمدينةِ، تنسلُّ من بين أصابعي |
تنفرطُ شوارعها كحبَّاتِ الرُمَّانِ الحامضِ |
تاركةً دبقَها |
ما لروحي، لا تستقرُّ على حجرٍ أو كلمةٍ |
ما لأشجارِ اليوكالبتوز، لا تُفرِّقُ بين ظلالِ قامتها، وظلالِ حُزني |
ما للدقائقِ، تكيلُ رمادي بملاعِقها، وتَذروهُ في الريحِ |
ما لكِ… بل ما لي - لمْ نتقاسمْ فجيعةَ كلِّ هذا، بالتساوي |
فتأخُذين حِصَّتَكِ |
من جنونِ التشرّدِ في شوارعِ روحي |
وآخذُ حِصَّتي |
من جنونِ الحرب |
في لافتاتِ العالمِ السوداء |
* |
أصفَرُ… |
أصفَرُ… |
كلُّ شيءٍ أصفَرُ… |
من زهوركِ المكتظَّةِ بالبوحِ.. حتى قميصكِ الأخيرِ |
من بحيرةِ البجعِ... وحتى ورقِ رسائلِكِ |
يجتاحُني حصارُكِ الأصفرُ |
فألوذُ بغرفتي الصغيرةِ |
تطالعُني الجُدرانُ |
غابة يابسة من الخريفِ اللانهائي |
وروحي أقدامٌ تائهةٌ تجوسُ الأوراقَ الصفراءَ المتساقطةَ |
ما أجملَ خريفَكِ |
ما أجملَكِ حتى في خريفكِ |
* |
يتمدّدُ الليلُ على سريري - هذه الليلة |
تتبعهُ أيائلُ النجومِ |
وعندما يطبقُ جفنيهِ أو يكادُ |
تقفُ على مقربةٍ من النافذةِ المفتوحةِ |
تَحْرِسُهُ بهدوءٍ ورهبةٍ |
بانتظارِ يقظته |
لتعودَ أدراجَها إلى مراعيها البعيدة |
أذرعُ الغرفةَ، جيئةً وذهاباً |
وأنا أتفرّسُ في جسدِ الليلِ الهائلِ |
وهو يغوصُ في سريري |
أسحبُ اللحافَ عن وَجْههِ، فجأةً… |
أتطلَّعُ إلى تقاطيعهِ جيداً |
ياه…!! |
إنَّهُ مَيِّت! |
* * * |