ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ | شُغلها عنهُ بالدموعِ السجامِ |
أيُّ نومِ من بعد ما حل بالبصْ | رَة ِ من تلكمُ الهناتِ العظام |
أيُّ نومِ من بعد ما انتهك الزَّنْ | جُ جهارا محارم الإسلام |
إنَّ هذا من الأمورِ لأمْرٌ | كاد أن لا يقومَ في الأوهام |
لرأينا مُسْتَيْقظين أموراً | حسبُنا أن تكونَ رُؤيا منام |
أقدم الخائنُ اللعينُ عليها | وعلى الله أيَّما إقدام |
وتسمى بغير حقٍّ إماماً | لا هدى اللَّهُ سعيه من إمام |
لهفَ نفسي عليكِ أيَّتُها البص | رة ُ لهفاً كمثل لهْبِ الضِّرام |
لهف نفسي عليك يا معدن الخي | رات لهْفاً يُعضُّني إبهامي |
لهف نفسي يا قُبَّة َ الإس | لام لهفاً يطولُ منه غرامي |
لهف نفسي عليكِ يا فُرضة َ البل | دانِ لهفاً يبْقى على الأعوام |
لهف نفسي لجمعكِ المتفاني | لهف نفسي لِعِزكِ المُستضام |
بينما أهلُها بأحسنِ حالٍ | إذ رماهمْ عبيدُهمْ باصطلامِ |
دخلوها كأنهم قِطع اللْي | لِ إذا راحَ مُدْلَهِمَّ الظلام |
طلعُوا بالمُهَنَّداتِ جِهْراً فألقتْ | حملها الحاملات قبل التمَّام |
وحقيقٌ بأن يُراع أناسٌ | غومضوا من عدوهم باقتحام |
أيَّ هَوْل رأوا بهمْ أيّ هَوْلٍ | حُقَّ منه تشيبُ رأسُ الغلام |
إذ رموْهُمْ بنارهم من يمينٍ | وشِمال وخلفِهمْ وأمام |
كم أغصُّوا من شاربٍ بشراب | كم أغصُّوا من طاعمِ بطعام |
كم ضنينِ بنفسهِ رامَ مَنْجًى | فتلقّوا جبينه بالحسام |
كم أخٍ قد رأى أخاهُ صريعاً | تِربَ الخَدِّ بينَ صَرْعى كرامِ |
كم أبٍ قد رأى عزيزَ بنيه | وهْوَ يُعلَى بصارمِ صمصام |
كم مُفدًّى في أهلهِ أسْلمُوه | حين لم يحْمِه هنالك حامي |
كم رضيع هناكَ قد فطموه | بشبا السيف قبل حينِ الفطام |
كم فتاة بخاتم الله بكر | فضحوها جهر أبغير اكتتام |
كم فتاة ٍ مصونة قد سبوْها | بارزاً وجهها بغير لثام |
صبحوهُمْ فكابدَ القومُ منهم | طولَ يومٍ كأنه ألفُ عامِ |
ألفُ ألفٍ في ساعة ٍ قتلُوْهم | ثم ساقوا السِّباءَ كالأغنام |
من رآهُنَّ في المساقِ سبايا | دامياتِ الوجوهِ للأقدام |
من رآهنَّ في المقاسم وسْطَ الزْ | نج يُقَسَّمْنَ بينهمُ بالسِّهام |
من رآهُنَّ يتَخذن إماءً | بعد ملْكِ الإماء والخُدَّام |
ما تذكرتُ ما أتى الزنج إلاَّ | أُضرم القلب أيّما إضرام |
ماتذكرتُ ما أتى الزنج إلاَّ | أوجعْتَني مرارة ُ الإرغام |
رُبَّ بيعٍ هناك قد أرخصُوهُ | طال ما قدْ غلا على السُّوَّام |
رُبَّ بيتٍ هناك قد أخرجُوهُ | كان مأوى الضِّعافِ والأيتام |
رُبَّ قصْرٍ هناك قدْ دخلوه | كان من قبلِ ذاك صَعْبَ المرام |
رُبَّ ذي نعمة ٍ هناك ومالٍ | تركوهُ مُحالفَ الإعدام |
رب قوم باتوا بأجمعِ شَمْلٍ | تركوا شملَهُمْ بغير نظام |
عرِّجا صاحبيَّ بالبصرة ِ الزَّهْ | راء تعريج مُدنف ذي سقام |
فاسْألاها ولا جوابَ لديها | لسؤال ومن لها بالكلام |
أين ضوضاءُ ذلك الخلقِ فيها | أين أسواقُها ذواتُ الرِّخام |
أين فُلْكٌ فيها وفُلْكٌ إليها | مُنشآتٌ في البحر كالأعلام |
أين تلك القصورُ والدورُ فيها | أين ذاكَ البنيانُ ذو الإحكام |
بدِّلتْ تِلكُمُ القصورِ تِلالا | من رمادٍ ومن تُراب رُكامِ |
سُلِّطَ البَثْقُ والحريقُ عليهم | فتداعت أركانُها بانهدامِ |
وخلتْ من حُلولها فهْي قَفْرٌ | لاترى العين بين تلك الأكام |
غيرَ أيْدٍ وأرْجُلِ بائناتٍ | نُبذَتْ بينهنَّ أفلاقُ هام |
ووجوهٍ قد رمَّلْتها دماءٌ | بأبي تلكمُ الوجوه الدوامي |
وَطِئتْ بالهوانِ والذُّلِّ قسراً | بعد طولِ التبجيلِ والإعظام |
فتراها تَسْفي الرياحُ عليها | جارياتٍ بهبوة وقتام |
خاشعاتٍ كأنها باكيات | باديات الثغور لا لابتسام |
بل ألِمَّا بساحة ِ المسجدِ الجا | مع إنْ كُنْتُما ذَوِي إلمام |
فاسألاهُ ولا جوابَ لدْيهِ | أين عُبَّادهُ الطوالُ القيام |
أينَ عُمَّاره الأُلى عمَّروهُ | دَهْرهُمْ في تلاوة وصيام |
أين فِتيانه الحِسانُ وجُوهاً | أين أشياخُهُ أولو الأحلام |
أيُّ خَطْبٍّ وأيُّ رُزْء جليلٍ | نالنا في أولئكَ الأعمام |
كم خذلنا من ناسكٍ ذي اجتهادٍ | وفقيهٍ في دينهِ علاَّم |
واندامي على التَّخلُّفِ عنهمْ | وقليل عنهُم غناء نِدامي |
واحيائي منهُمْ إذا ما التقينا | وهُمُ عند حاكم الحُكّام |
أيُّ عُذْرٍ لنا وأيُّ جوابٍ | حين نُدْعَى على رؤوسِ الأنامِ |
يا عبادي أما غَضِبْتُم لوجهي | ذي الجلال العظيم والإكرام |
أخذلتُمْ إخوانكَمُ وقعدْتُمْ | عنهُمُ ويحْكم قُعودَ اللئام |
كيف لم تعطفوا على أخواتٍ | في حِبال العبيدِ من آل حام |
لم تغاروا لغيرتي فتركتُم | حرماني لمن أحلَّ حرامي |
إنَّ من لم يَغَرْ على حُرُماتي | غيرُ كُفْءٍ لقاصراتِ الخيام |
كيف ترضى الحَوراء بالمرءِ بَعْلاً | وهو من دونِ حُرمة لا يُحامي |
واحيائي من النَّبيِّ إذا ما | لامني فيهم أشدَّ الملام |
وانقطاعي إذا هُمُ خاصموني | وتولَّي النبيُّ عنهُمْ خصامي |
مثِّلُوا قولهُ لكُمْ أيُّها النَّا | سُ إذا لامكُمْ مع اللُّوام |
أُمَّتي أينَ كُنْتُمُ إذْ دَعتْني | حُرَّة ٌ من كرائمِ الأقوام |
صرختْيامُحمّداهُفهلاَّ | قام فيها رعاة ُ حقي مقامي |
لم أجبْها إذ كنتُ مَيْتاً فلولا | كان حيٌّ أجابها عن عِظامي |
بأبي تلكُمُ العِظامُ عظاما | وسقَتْها السماءُ صوْبَ الغمام |
وعليها من المليك صلاة ٌ | وسلامٌ مؤكَّدٌ بسلام |
انفروا أيها الكرام خفافاً | وثقالاٍ إلى العبيد الطغام |
أبْرمَوُا أمرهُمْ وأنتُمْ نِيامٌ | سوءة ً سوءة ً لنوْمِ النيام |
صدِّقوا ظنَّ إخوة أمَّلوكم | ورجوْكُمْ لنبوة ِ الأيامِ |
أدْرِكوا ثأْرَهُمْ فذاك لديْهِم | مثلُ ردِّ الأرواحِ في الأجسامِ |
لم تُقِرُّوا العيونَ منهم بِنَصْرٍ | فأقِرُّوا عيونهمْ بانتقام |
أنقِذُوا سَبْيُهُمْ وقلَّ لهُمْ ذا | ك حفاظاً ورعْيَة ً للذِّمام |
عارُهُمْ لازمٌ لكُمْ أيُّها النَّا | سُ لأنَّ الأديانَ كالأرحام |
إن قعدتُمْ عن اللعينِ فأنْتُمْ | شركاءُ اللَّعينِ في الآثامِ |
بادروهُ قبلَ الروَّية ِ بالعَزْ | م وقبل الإسراج بالإلجام |
من غدا سرجُهُ على ظهرِ طِرف | فحرامٌ عليه شدُّ الحزام |
لا تطيلوا المقام عن جنَّة الخل | دِ فأنتمْ في غير دار مُقام |
فاشتروا الباقيات بالعرض الأد | نى وبِيعوا انقطاعه بالدَّوام |