أرشيف الشعر العربي

ألا ليس شيبُك بالمتَّزعْ

ألا ليس شيبُك بالمتَّزعْ

مدة قراءة القصيدة : 7 دقائق .
ألا ليس شيبُك بالمتَّزعْ فهل أنت من غَيّه مرتدِعْ
وهل أنت تاركُ شكوى الزمان إذاً لست تشكو إلى مستمعْ
عتبتَ على المُقرِض المقتضِي وما ظَلَمَ المُسلِفُ المرتجِعْ
بلى إن من ظُلْمِهِ لوْمَه وما ألأَمَ المعطِيَ المنتزِع
وطول البقاء حبيبُ الفتى ولكن بأيِّ مَقيت شُفِع
نحب البقاءَ وفيه الغَنا ءُ والعيش متَّصلٌ منقطِع
إذا المرءُ طالت به مدّة ٌ علا الشيبٌ مفرِقه أو صلِع
فمحبوبُهُ مع مكروهه إذا ما اجتنى منه أَرْيا لُسعْ
وشيخوخة المرء أمنية ٌ متى ما تناهى إليها هَلِعْ
ألا فعزاءَكَ عمَّا مضى فليس يؤوب إلى من جَزعْ
ولا تعدلُ الدهر في غدره بإخوانه فعليه طُبع
ألا وازدرِعْ ما جدا مِدحة ً فإنك حاصدُ ما تزدرع
ولا تعدوَنَّ ابن عبد العزي ز والحكمُ حكمك إن لم يَرع
ولمْ لا يَريع لزُرَّاعه كريمٌ أثير ومدحٌ زُرع
ألا فامْرِ أخلافَ معروفه فإنك إن تَمْرها ترتضع
يُكنَّى بليلى على أنه ينوبُ عن الفَلق المنْصدِع
وإن كان كالليل في ظلِّه وفي وُسْعه كلَّ شيء وسعْ
فتى ضاف بغدادَ يقري اللُّهى فكلُّ بريِّقه مُرتبع
ولم يُر ضيفٌ قَرَى قبله مَضيفاًولا كان فيما سُمعْ
فتى لا تزال لسؤَّاله عطايا على سائل تقترع
تنادتْ قرائنُ أمواله ألا للتفرق ما نجتمعْ
جوادٌ غدا كل ذي خَلة ٍ بما ضرَّ ثروته منتفعْ
جلا عِرضه وجلا سيفه جميعاً فما فيهما من طَبِعْ
فهذا لزينته آمنا وذاك لِبذلتِه إن فَزع
يُلاقي القوافيَ في درعه ويَلقى الحروبَ ولم يدَّرع
وما يعرف الدرعَ إلا الندى أو الصبرَ في كل يوم مَصِع
إذا قيل عافيه عافٍ أُني ل قلتُ لهم بل جَنابٌ رُبع
إذا امتِيح جَمَّ لممتاحِه ويأبى صفَاه إذا ما قُرع
قريبُ النوال بعيدُ المنا ل يقْربُ في شرفٍ مرتفع
كمثل السحاب نأَى شخصُهُ ولم يَنْأ منه صبيبٌ هَمِع
ولا عيب فيه سوى نائلٍ يلاقي السؤال بخدٍّ ضرع
على أنه قد كفى السائلي ن فاتّرعوا وهو لا يتَّرع
أعفَّ العُفاة َ فقد أصبحت عطاياه تنتجع المنتجِع
فسائله شامخ باذخٌ ونائله خاشعٌ منقمِعْ
تولَّتْ سماحتُه أمرَه وفيها خلال الخليع الورِعْ
فخانتْهُ واقتطعت ماله ألا حبذا الخائنُ المقتطِعْ
ولكنَّها وفَّرت عرضه وصانته عن كل قِيلٍ قذِعْ
ولم تضطلع باختزان الثرا ء لكنها بالعلا تضطلعْ
أطاع السماحة َ في ماله فأيُّ الثناء له لم يُطع
فلا يعجِب الناسُ من مِقولٍ غدا في مدائحه ينْزرع
وحسبُ الكريم إذا ما حبا وحسب اللئيم إذا ماشبع
يرى المالَ يُعطَى كمثل القذا أُميط وليس كأنفٍ جُدع
متى ينخدِعْ لك عن ماله فليس عن المجد بالمنخدع
يُميت الرياءَ ويحيى الندى فيُعطي ويُخفي الذي يصطنع
على أنه المسكُ يأبى ثنا ه إلا انتشاراً وإن لم يَمع
يُسِرُّ العطايا وآلاؤُه يَرَيْنَ إذاعة َ ما لم يُذِع
ومن فعل الخير مستخفياً أشاعتْ مساعيه ما لم يُشِعْ
أبا ليلة ِ البدر خُذها إلي ك تصْدقُ فيك ولا تخترع
مهذَّبة مثل ممدوحها من الخِلع الَّلائي لا تُختَلَع
هي الدهرُ تاجٌ على ربِّها وقُرْطانِ في أُذنَيْ مستمع
يقول الوعاة ُ إذا أُنشدتْ أألصخرُ يقتلِع المقتلع
أتيتُ نوالَك من بابه ولستُ الخدوعَ ولستَ الخِدِع
وما ساءني فوتُ ما فاتني وإن كان كالعضو منِّي نُزع
لأني على ثقة ٍ أنَّني متى رمتُ رِفْدك لم يمتنع
سَبقتَ بأشياء أسديتَها وأنت المَخيلة ُ لا تَنْقشِع
ومُدَّتْ وسائلُ أُعدِمتُها وأنت الوسيلة ُ لا تنقطع
فما فاتني فكأنْ لم يفتْ وما ضاع لي فكأنما لم يضِعْ
وأقسم باللَّه إن لم أهبْ نصيبيَ منك وإن لم أبِع
ولكنَّني في يدَيْ عِلَّة ٍ وأرجو بيُمنك أن تَتَّزع
وإن يكُ لي سببٌ قاطع فما أملي فيك بالمنقطعْ
ومن يعترض مثلكم لا يقف ومن يقتحم مثلكم لا يكِعْ
وكم من مسيءٍ أتى سابقاً ويا رُبَّ محسن قومٍ تَبِع
ومن حارِبتْه اللَّيالي اشتكى ومن سالمته الليالي مُجِعْ
ومسبعَة ُ الدهر مشحونة ومن حلَّ بين سِباعٍ سُبِع
فلا تحرمنِّي على علَّتي فأحظى بحظَّيْ لهيفٍ وجِع
جرى الشعراءُ لكي يُبْدعوا فلم يجدوا غير ما تصْطنع
وحاولتَ إبداعَ أكرومة على أوَّليك فلم تستطع
فأصبحتُمُ قد تكافأتُمُ ولا بدْعَ حاولتُمُ مُمتنِع
فلا تطلبوا بعدها بدعة وكونوا كسائر من يَتَّبع
أقولُ وقد أرهنوك الأمي ر لا بالذميم ولا بالجدعِ
ولا بالهِدَان ولا بالدَّدا نِ كلا ولا بالجبان الهلعِ
ولا بالقليل ولا بالذلي لِ كلاَّ ولا بالبخيل الجشِع
وَفَى للأَمير أناسٌ غدا رهينَتَهُمْ كلُّ مرعى ً مَرِعْ
وفَى للأمير أناسٌ غدا رهينتَهُمْ كلُّ طودٍ فرع
فأنَّى يَخيس أناسٌ غدتْ رهينتُهم كلَّ خَير جُمِع
وفى حاجبٌ راهناً قوسَه وراقَب فيها الحديثَ الشَّنعْ
وقومكَ أحْنَى على رهنهم وما البدرُ من عودِ نبع فُرعْ
وآلُ أبى دُلفٍ معشرٌ يروْن المكارم دِيناً شُرع
إذا أُبدىء الطَّوْلُ منهم أُعي د أو أُوتر العُرف فيهم شُفِع
ترى في ذَرَاهُم غنى المجتدي وعزَّ الذليل وأمنَ الفَزع
وفيهم مذاقان للذائقي ن حلوٌ لذيذ ومرٌّ بشِع
بنوا في الجبال جبال العلا فتلك الجبال لها تختشع
وما امتنعوا من عدوٍّ بها ولكنها بهمُ تمتنع
سمتْ بجدودهمُ رتبة ٌ جدودُ الملوك لها تصطرع
هُمُ المبدِعون بديعَ العلا إذا كان غَيْرَهُمُ المتَّبع
وما الدين إلاَّ مع التابعي ن لكنَّما المجد للمبتدِعْ
يضيق على مادحي غيرهم مَقالٌ لمدَّاحهم يتَّسِعْ
هُمُ يبسطون لسان العَيي ي مجداً يُصنَّعُ غير الصَّنعْ
وهم يقطعون لسان البلي غ جُوداً يُقنِّع غير القنع
يفوِّه مُداحَهُمْ أنهم يمدُّونهم من إناء تَرِع
ويُسكتُ مداحَهم أنهم يجودونهم من نَجاء هَمِع
فكم بسطوا من لسان امرىء ٍ فأسرف في الطُّول حتى ذُرع
وكم قطعوا من لسان امرىء ٍ وإن كان لم يَدْمَ لمَّا قُطع
هُمُ غضبوا للعلا فاشتروا مدائح بيعتْ فلم تَسْتَبع
سمَوْا فاشتروها بأحسابهم ولم يشتروها لِوَهْيٍ رُقعْ
وكم راقعٍ حسباً واهياً بمدحٍ وإن كان لا يرتقعْ
ولم يُعلهم جودُهم بل عَلَوا فجاءوا بكل نوال مُنع
علوا فَسَقَوْا كلَّ من تحتهم فكم من عليلٍ بهم قد نُقع
كسقف السماء أغاث العبا دَ شكراً لرفعه إذ رُفعْ
وحقُّ العلوِّ على المعتلي حُنوٌّ وعطفٌ على المتَّضِعْ
كأنكُمُ يا بني قاسمٍ كواكبُ من قمرٍ تنقلعْ
هو البدرُ أدَّاكُمُ أنجماً تواضع في فَلَكٍ يرتفع
كساكمْ أبو دلفٍ خِيمَهُ فكلٌ بسكَّته منطبع
وكنتم أناساً لكم شيمة ٌ قد استشعر اليأسَ منها الطَّمِع
وفي الناس مما خُصصتُمْ بهِ تفاريقُ لكن متى تجتمع
وما بات عانيكُمُ كانعاً ولا هَمُّ جارِكُمُ مكتنِع
وقِدْماً وُددتم وعُودِيتُمُ وهيهات من ضُرَّ ممن نُفع
فليس يعافكُمُ ذائقٌ وليس يُسيغكُمُ مبتلع

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ابن الرومي) .

أرى ماءً وبي عطشٌ شديدُ

أكُفُّ الغواني بالخنا خَضِراتُ

كأن الكأس في يدها وفيها

وقينة ٍ أبردَ من ثلجه

أيا بنَ رجاءٍ وابنَهُ الخيرَ لا يزلْ


المرئيات-١