أكُفُّ الغواني بالخنا خَضِراتُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أكُفُّ الغواني بالخنا خَضِراتُ | وهن بأقران الهَوى ظَفِراتُ |
ضَعُفنَ وكان الضعفُ منهن قوة ً | فهنَّ على الألباب مقتدراتُ |
ومُنتقباتٌ بالضياءِ وضاءة ً | كما هن بالظَّلماء مُعتجراتُ |
خُلقن من الأضداد فاسودَّت الذُّرا | سوادَ الدجى وابيضَّت البَشَراتُ |
ومِسْنَ وكثبانُ المآزر رُجَّحٌ | وقضبانُ ما وُشِّحن مُضْطمِراتُ |
بَكَرْنَ على باكورتي فابتكرنَها | وهن لها إذ ذاك مُبتكِراتُ |
كِلانا اجتنى ما يشتهي من خليله | فأغصانُ ما نهواهُ مُنهصراتُ |
ذَكَرتُ الصبا وهناً فلا الوجْدُ مُقْلِعٌ | لشيء ولا الأحشاءُ مُصطبراتُ |
غليلٌ أَبى أن يُطَفيء الدمعُ نارَهُ | ويُضرمهُ أن تَعصِب الزفراتُ |
ألا إنما الدنيا الشبابُ وإنما | سرور الفتى هاتيكمُ السَّكراتُ |
ولا خيرَ في الدنيا إذا ما رعيتُها | وقد أيبستْ أجنابُها الخَضِراتُ |
نُراعُ إذا لاحت نجومُ مشيبنا | كأن نجوم الليل مُنكدراتُ |
وتنفطرُ الأكبادُ عند شُمولهِ | كأنّ الطِّباق السبع منفطِراتُ |
سيُنسيكَ أيامَ الشباب وبردَها | فتى ً ماجدٌ أيامُه سَبِراتُ |
مُواصِلة ٌ آصالُها غُدواتها | من اللاءِ لم تُخْلق لها جمراتُ |
ولم تُسلِكَ الأيامُ عن زَهَرَاتها | بمثل فتى ً أخلاقه زَهراتُ |
كمثل أبي العباس إن كان مثلُهُ | وهل مثلُه دامت له الخيراتُ |
أخو السَّرو من آل الفرات وكلُّهُمْ | سَراة ٌ ولكن للسَّراة ِ سَراة ُ |
يدُ الله يا آل الفرات عليكُم | وأيديكُمُ بالعُرفِ منهمراتُ |
تَحلّ أياديكم بحقٍ وإنها | لديكم بلا حق لمُحتقَراتُ |
أيادٍ بوادٍ لا تُفيق وشاية ً | بأيدِ انتهاءٍ وهي مُستتَراتُ |
قِرى ً لكُم تُخْفونه وهو ظاهرٌ | سجاياكُمُ قِدْماً به يَسراتُ |
وكيف بأن يخفَى قِراكم وإنما | بلادُ بني الدنيا لكم حَجَراتُ |
أزَرتُمْ قراكم كلّ قومٍ فجاءهم | هنيئاً ولم تُقطع له القَفراتُ |
جريتُم مع السُّبَّاق في كل حلبة ٍ | فجئتم ولم تُرْهِقْكُمُ الفَتراتُ |
رَجَحْتُم على أَكفائكُم إذا وُزِنتُم | وهل يستوي الآلافُ والعَشَراتُ |
لنا أثَرَاتٌ دونكم بثرائكم | ولكن لكم بالسؤُدد الأَثَراتُ |
حلمتم وفيكم مَنعة ٌ فأكفُّكُمْ | قوادر لا يعجزنَ مُغتفِراتُ |
أَكفٌّ عن الهافينَ طراً صوافحٌ | وهن من الباغين مُنتصراتُ |
كأنكُمُ لينا وحدَّا مَناصلٌ | لها الصفحاتُ المُلس الشَّفراتُ |
إذا افتخرَ السادات يوماً سكتُّمُ | ولم تَسكُتِ الأحلامُ والأَمراتُ |
وما فَخْرُ قومٍ والمَفاخرُ كلُّها | بهم عند ذكر الفخر مُفتخِراتُ |
لهم شِيمٌ إنْ لم تكن أزلية ً | فإن بحارَ الأرض مُحتفَراتُ |
مفجَّرة ٌ قبل السؤال وبعدَهُ | صوافي جِمام الماء لا كَدِراتُ |
تكلَّمُ عنكم ما تبين صنائعٌ | سُترن وهُنَّ الدهرَ مُشتهراتُ |
ومنكم أبو العباس ذاك الذي لهُ | تقاصَرُ في أبدانها القَصَراتُ |
فتى ً لا قضاياه علينا بوادرٌ | ولا الجود منه باللُّهى خَطَراتُ |
ولكن قضاياه سدادٌ وَجُودُهُ | ينابيعٌ بالمعروف مُنفجراتُ |
هو المرءُ يسعى والمساعي ثقيلة ٌ | ويسبِقُ والأنفاسُ مُنبهراتُ |
له ضحكاتٌ حين يُسألُ حاجة ً | إذا كثُرت من غيرِهِ الضَّجراتُ |
يقول ويُولي منّة ً بعد مِنّة | فيُطنبُ والأقوالُ مُختصراتُ |
فلو أنزلتْ بعد النبيِّينَ سورة ٌ | إذاً أنزلت في مدحهِ سُوراتُ |
جرى وجرتْ أقلامُهُ خيلَ حَلْبة ٍ | وأقلامُ قومٍ عنده حُمُراتُ |
نصيحاً إذا غشَّ الولاة ُ كُفاتَهُمْ | وفيَّا إذا ما خِيفتِ الغَدَراتُ |
أَميناً على مال الملوك وفيئهِم | وسوقِهمُ ليست له خثراتُ |
ضليعاً إذا ما اسْتُحْملَ الخطبَ ناهضاً | بأعبائه ليست له عثراتُ |
يُرَوِّي فَتُسْتَلُّ السيوفُ ولم تزلْ | له هَدآتٌ في غِبِّها نَفَراتُ |
وكم هَدآتٍ للأرِيبِ أَريبة ٍ | يخالُ الأعادي أنها فَتَراتُ |
أخُو الفِكَر اللاَّئي إذا فَكُرَ الوَرَى | تَنَاسَتْ هُدَاها فهي مدَّكِرَاتُ |
لقد خِيرَ فيه للوزير ولم يزلْ | أبو الصقر مختاراً له الخِيَرَاتُ |
به تَتَعَرَّى المرْهَفَاتُ وتارة ً | تَسَتَّرُ والأغمادُ منحَسِرَاتُ |
أمنْتُ ولو غاض الفراتُ من الصَّدَى | لأنك لي يا ابن الفرات فُراتُ |
ترى الدَّهْرَ مُرْتاعاً إذا ما تَتَابَعَتْ | إلى صَرْفِهِ من أحمدٍ نظراتُ |
مُحَاذَرة ً ممن إذا ما تحرَّرتْ | عوارفُهُ زالتْ بها النَكِراتُ |
أساءتْ ليَ الأيامُ يا ابن مُحَرَّرٍ | وهُنَّ إليَّ الآنَ مُعْتَذِراتُ |
رأَيت مطافي حول حقْوَيْكَ عائذاً | فهنَّ لمن أبصرته حَذِراتُ |
وأَوْعَدتُهَا تَنْكِيرَكَ النُّكْرَ صادقاً | فقلت رُوَيْداً تَنْجَلي الغمراتُ |
إلى الله أشكُو سوءَ رَأْي مُؤَمَّلٍ | معارفُ شِعْرِي عنْده نَكِرَاتُ |
وقدْ كنتُ منْ حرمانه في بَليَّة ٍ | فقد أرْدفَتْ حرمانَهُ الحَسَراتُ |
توَالتْ على العافينَ آلاءُ عُرْفِهِ | وأخْفَقْتُ والآمالُ مُنْتظِرَاتُ |
فأَنَّى أَثاب الثِّيباتِ ولم يُثبْ | عَذارى ولم تُفْضَضْ لها عُذُراتُ |
أعِذْ كلماتي فيه من قول قائل | أرى شَجَراتٍ ما لها ثَمراتُ |
أمُنْطَوِيَاتٌ دون كفِّي صِلاتُهُ | وأسرابُ مدْحي فيه منتشراتُ |
أرى الشعر يُحْيي المجد والبأْس والندى | تُبَقِّيهِ أرواحٌ لها عَطراتُ |
وما المجد لولا الشِّعْرُ إلاَّ مَعاهدٌ | وما النَّاسُ إلا أعْظُمٌ نَخِراتُ |
وقد صُغْتُ ما التيجانُ أشباهُ بعضِهِ | وقد حِكْتُ ما أشْبَاهُهُ الحَبِرَاتُ |