أرشيف الشعر العربي

هل تعرفُ الدار بذي الأَثْأَب

هل تعرفُ الدار بذي الأَثْأَب

مدة قراءة القصيدة : 6 دقائق .
هل تعرفُ الدار بذي الأَثْأَب والمُنحنَى والسفح من كَبْكَبِ
بكى بها الغيثُ على أهلها بكل عينٍ ثَرَّة ِ المَسكَبِ
وحال من بعدهم قَطْرُهُ ملْحاً أجاجاً غير مُستعذَبِ
من ذاقَهُ لم يختلج رأيُهُ في أنه دمعٌ ولم يَرْتَبِ
وظلّ فيه برقُهُ كالحاً ورعدُهُ يُعوِلُ في مَنْدبِ
وكم سقاها الغيثُ إذ هُمْ بها من سَبَلٍ كالشهد لم يُقطَبِ
وكم رأينا بَرْقَهُ ضاحكاً فيها إلى ذي مَضْحكٍ أَشْنَبِ
وكم سمعنا رعدَهُ ناعراً من طَرَبٍ فيها على مَطْربِ
دارٌ عفاها بعد سُكانها سافٍ من الشَّمْأل والأَزْيَبِ
وقد نرى الأرواح تُهدي لنا نشراً من الأَطْيبِ فالأطيبِ
أنفاسُ نُوّار يَمُج الندى خلال روضٍ سَبِطٍ أَهْلبِ
كأنها أنفاسُ حُلاَّلها ولُجَّة ُ الظَّلماء لم تَنْضبِ
طوراً وطوراً كلُّ واهي الكُلى يكاد يغشى الأرض بالهَيْدَبِ
يُعلُّ ذاتَ الخالِ ريقاً لَهُ كأنه من ريقها الأَعذبِ
رياً وسُقياً أُعقبت منهما تلك المغاني شرَّ مُستعقَبِ
ملابسٌ ليست لها بهجة ٌ حِيكتْ من البطحاء والتَّيربِ
وعَبرة ٌ للغيثِ مسفوحة ٌ إذا سقاها الأرضَ لم تُخْصِبِ
لم تَغْنَ تلك الدارُ من بعدهمْ بمثلِ ذاك القَصَبِ الخَرْعبِ
بل عُلَّلَتْ عنهم بأشباههمْ في الحسن من سِرْبٍ ومن رَبْربِ
أقولُ والعبرة ُ قد أقلعتْ ولاعجُ اللوعة ِ لم يذهبِ
وشرُّ ما كابَدْتُهُ لاعجٌ متى تُكفكَفُ ناره تُلْهَبِ
يا قمراً وَكَّلَني بينُهُ برِعْيَة الكوكب فالكوكبِ
ماذا جنى البينُ لنا ساقَهُ سَمِّيُهُ البينُ إلى المَعْطبِ
قل لغرابِ البين تبّاً لهُ إذا تعاطى القولَ في مَذهبِ
أو رَفَعَ الصوتَ بشدوٍ لهُ مثلَ سَقيطِ الدَمَق الأشهبِ
أُسكتْ لحاك اللَّه من قائلٍ أَجْنفَ عن قَصْد الهدى أنكبِ
لا تَنْطِقنَّ الدهرَّ في مَحْفلٍ واغضُض على الكَثْكَث والأَثلبِ
أنت غرابٌ خيرُ أحواله ما لَزم الصمتَ ولم يَنْعَبِ
فاترك نعيباً شُؤمُهُ راجعٌ عليك يحدوك إلى مَعْطَبِ
يا بينُ أنت البينُ في عزَّة ٍ بين غراب البين الأخطبِ
ينتقلُ الناسُ وأحوالُهمْ وأنت في الدنيا من الرُّتَّبِ
إذا جلا عن منزلٍ أهلُهُ فأنت في أوتاده الرُّسَّبِ
أنتَ أثافيُّهُ وآناؤُهُ يُشعَبُ أهلوهُ ولم تُشعَبِ
يا بني حُسين بن هشامِ الذي فاز بقِدح المُنجِب المُنجَبِ
قولا فقد أصبحتما معدِناً للظرف قوَّالينِ بالأَصوب
جالستُما الشُّمَّ بني هاشم والسادَة َ الصِّيدَ بني مُصعبِ
هل في غراب البين مُستمتَعٌ حيّاً ولم يُقتل ولم يُصلبِ
ما فيه من مُستمتَع خِلْتُهُ إذا امرؤٌ جدَّ ولم يلعبِ
إلاَّ لسيفٍ بعدَهُ مَرْكَبٌ في رأس جذعٍ شرُّ ما مَركبِ
منظرُهُ في العين مثلُ القذى أعيا علاجَ الحُوَّل القُلَّبِ
قُبحاً وإن حَدَّثَ ظَلَّ الورى من هاربٍ أو صابرٍ مُتعب
تُكدِّرُ الأنفاسَ أنفاسُهُ مثلَ فُساءِ البَشِمِ الأجربِ
أو كدُخانِ النفط في مُطْبَقٍ من يُمسِ من سُكَّانه يُنْدَبِ
وربما غَنَّى غناءً لهُ لولاهُ لم نحزنْ ولم نَكْربِ
يقول من يسمعُ مكروهَهُ حُيّيتَ لا بالسهلِ والمَرْحبِ
ويهمس المولى إلى عبدِهِ قَلْنِسْهُ بالصفْعِ ولا تَرهبِ
طَوِّقْهُ بالأفعى ثواباً له وقَرِّط الصَّفْعانَ بالعقربِ
مُستَرِقُ النغمة مَخْنونُها مستحشِفٌ في خِلقة العَنْكبِ
ذو صلعة ٍ برصاءَ مغسولة ٍ من صِيغة المُذهَب والمُشرَبِ
لم تجرِ فيها حيوانية ٌ فهي كمثلِ الحَجَر الصُّلَّبِ
أو قَرعة ِ القَصَّارِ أو بَيْضَة ٍ لِلهَيْق في داويّة سَبْسبِ
كأنها لم يُكْسَ يافوخُها جلداً ولم تُلْحَم ولم تُعصبِ
مُنْتنة ٌ تضحى قَلنساتُها أنتنَ أرواحاً من الجوربِ
تمتنع النفسُ إذا فكّرت فيها من المأكل والمشربِ
مشحونة ٌ جهلاً بأمثاله يُشحَنُ رأسُ الجاهل المِشْغَبِ
لو فُلِقَتْ عنْهُ لأبصرتَهُ مثلَ الظلام الحالك الغيهبِ
له دعاوٍ وله جُرأة ٌ كجُرأة ِ الليث على الغُيَّبِ
حتى إذا شاهده عالمٌ ألفيتَهُ أروغَ منْ ثعلبِ
يَنتحل الآدابَ مُسْحَنْفِراً وأيُّها المسكينُ لم تُسلبِ
حتى إذا المحنة ُ لاحتْ له مرَّ مع الزئبق في مَسْرَبِ
مُنتقلاً لا زال في نُقلة ٍ إلى المحلِّ الأبعد الأجدبِ
من نِحلة ٍ زُورٍ إلى نحلة زُورٍ فما ينفك من مهربِ
وفيه مَعْ ما قد تجاوزْتُهُ خزيٌ طويلٌ غير مُستوعبِ
شتّى عيوبٍ لم يُعَبْ غيرُهُ بها من الناس ولم يُثلبِ
تفاحشتْ حتى لقد أُلقيتْ من صُحُف الحفظ فلم تُكتبِ
يُجزَى بها يوماً وإن أُغفلتْ قُبحاً فلم تُكتب ولم تُحسبِ
عجبتُ مِنهُ وحديثٍ له حُدِّثْتهُ عنه ولم أُكذبِ
سُوئل ما الأيرُ وما نفعُهُ فاسمعْ لما جاء بهِ واعجَبِ
قال طَهورُ الدُّبرِ من داخلٍ لمن به مسٌّ من المَذْهَبِ
رأيٌ رآه البين ما إنْ له عنه إلى الآراءِ من مَرْغبِ
وحكمة ٌ للبَيْنِ مقلوبة ٌ وأيُّ أمرِ البينِ لم يُقْلَبِ
ما يجتبيهِ غيرُ مُستجلِبٍ للأجر من أبعد مُستجلَبِ
رأى امرأً سَدَّتْ غَثاثاتُهُ عليهِ بابَ الكسب والمكسبِ
فجاده من فضله جَودة ً أضحى لها ذا فننٍ أَهدبِ
وخافَ أن يسلمَهُ للردى ما فيه من جهلٍ ومن نَيْرَبِ
فرفرفتْ رحمتُهُ فوقَهُ حتى كَفاهُ نكدَ المطلبِ
ولم يزل يَضْمنُ عن ربّهِ مذ كان رِزقَ الخائب الأَخيبِ
وهّابُ ما ليس بمستأهَل مِعطاءُ ما ليس بمستوجَبِ
ذاك أميرٌ لم يزل دونه جَدٌّ إذا غولب لم يُغلَبِ
واقية ُ اللَّهِ على عبدِهِ مِنه ومِن صمصامة ِ المِقْضَبِ
بلوتُهُ أكذبَ مِن يَلْمَعٍ أو بارقٍ يلمع في خُلَّبِ
نعوذ بالرحمن من شؤمه فإنه أمضى من المِثْقبِ
أحالَهُ اللَّهُ على نحرهِ وحدَّ سيفٍ صارمِ المَضْربِ
يعيبُ مثلي وَيْلَهُ واسمُهُ في الناس طراً هدفُ العُيَّبِ
يسطو بلا حولٍ ولا قوة ٍ منهُ ولا ناب ولا مِخْلبِ
تَقَيَّلَ الأخلاقَ أُماً لهُ نيكتْ ولم تُمهَرْ ولم تُخطبِ
كانت إذا لاحظها فاسقٌ أدارها اللحظُ بلا لولبِ
لِطيزِها في كلّ أيرٍ زنى رأيٌ كرأي الصّقر في الأرنبِ
وأنها قد حَمَّلَتْ رأسَهُ مثلَ قرونِ الأيّل الأَشْعبِ
خَبَّرَ عنها شيخُهُ أنه صادفها مفتوحة َ المَثْعب
تُجْذَبُ باستنشاقة ٍ رخوة ٍ وربما انقادت ولم تُجذبِ
يا لكِ من أُمٍ لها فضلُها ومن أبٍ أكْرِم به من أب
ماذا دعا البينُ إلى حَيَّة ٍ صمَّاء من يَنْصِبْ لها يَنْصَبِ
قد كان في مرأى وفي مسمعٍ عنها ولكن من يَخُنْ يُجلَبِ
يظل يسترهُبني موعداً هَوْنَك ما مثلي بمُسترهَبِ
هَجهجْ بكلبٍ كَلبٍ نابحٍ مثلك لا بالأَسَد الأَغلبِ
لأعرفنَّ البين مُستعتبي يوماً وليس البينُ بالمُعْتَبِ
إذا غدا وهو على آلة ٍ من منطقي ذاتِ قَرا أحدبِ
وغنت الرُّكبانُ في شتمه شدواً متى يسمعْهُ لا يَطْربِ
دونكها كأساً وأمثالَها صِرفاً من المكروه لم تُقطبِ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ابن الرومي) .

بؤساً لقومٍ تحدَّوني بجهلهمُ

قالت شقائق قبره

في كبدي جمرة ٌ نَكَتْ كبدي

الحبُّ داءٌ عياءٌ لا دواء له

بأبي وجهٌ مضيءٌ


ساهم - قرآن ٢