دعِ اللومَ إن اللوم عون النوائِب
مدة
قراءة القصيدة :
61 دقائق
.
دعِ اللومَ إن اللوم عون النوائِب | ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ |
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ | ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ |
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ | وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ |
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً | على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ |
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ | لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ |
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي | طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ |
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً | من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ |
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى | إليَّ وأغراني برفض المطالبِ |
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ | وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ |
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي | بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ |
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه | فقير أتاه الفقر من كل جانبِ |
ولما دعاني للمثوبة سيد | يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ |
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما | قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ |
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ | وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ |
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها | وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ |
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي | ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ |
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ | رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ |
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً | عليَّ مِنَ التغرير بعد التجاربِ |
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما | لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ |
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ | شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ |
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي | تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ |
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه | يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ |
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ | برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب |
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً | تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ |
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي | وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ |
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه | مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ |
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب | ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ |
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ | وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ |
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته | من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ |
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ | تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ |
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم | كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ |
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ | من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ |
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ | بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب |
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه | رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ |
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً | وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ |
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها | من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ |
م | ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ |
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ | ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ |
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ | وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ |
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً | على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ |
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ | لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ |
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي | طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ |
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً | من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ |
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى | إليَّ وأغراني برفض المطالبِ |
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ | وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ |
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي | بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ |
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه | فقير أتاه الفقر من كل جانبِ |
ولما دعاني للمثوبة سيد | يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ |
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما | قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ |
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ | وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ |
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها | وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ |
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي | ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ |
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ | رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ |
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً | عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ |
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما | لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ |
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ | شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ |
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي | تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ |
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه | يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ |
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ | برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب |
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً | تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ |
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي | وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ |
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه | مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ |
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب | ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ |
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ | وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ |
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته | من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ |
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ | تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ |
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم | كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ |
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ | من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ |
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ | بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب |
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه | رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ |
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً | وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ |
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها | من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِه |
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها | وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ |
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ | لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ |
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ | خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ |
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ | وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ |
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً | ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ |
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ | ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب |
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً | يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ |
فطوراً يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍدعِ اللومَ إن اللومَ عونُ النوائِب | ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ |
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ | ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ |
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ | وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ |
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً | على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ |
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ | لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ |
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي | طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ |
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً | من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ |
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى | إليَّ وأغراني برفض المطالبِ |
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ | وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ |
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي | بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ |
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه | فقير أتاه الفقر من كل جانبِ |
ولما دعاني للمثوبة سيد | يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ |
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما | قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ |
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ | وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ |
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها | وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ |
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي | ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ |
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ | رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ |
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً | عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ |
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما | لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ |
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ | شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ |
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي | تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ |
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه | يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ |
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ | برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب |
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً | تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ |
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي | وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ |
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه | مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ |
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب | ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ |
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ | وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ |
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته | من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ |
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ | تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ |
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم | كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ |
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ | من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ |
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ | بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب |
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه | رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ |
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً | وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ |
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها | من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ |
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها | وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ |
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ | لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ |
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ | خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ |
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ | وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ |
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً | ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ |
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ | ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب |
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً | يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ |
فطوراً يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍ | وطوراً يُمَسيني بورْدِ الشَّواربِ |
إلى أنْ وقاني اللَّه محذورَ شرّهِ | بعزتِهِ واللَّه أَغلبُ غالبِ |
فأفلتُّ من ذُؤبانهِ وأُسودِهِ | وحُرَّابِهِ إفلاتَ أَتوب تائبِ |
وأما بلاءُ البحر عندي فإنه | طواني على رَوعٍ مع الروح واقبِ |
ولو ثاب عقلي لم أدعْ ذكرَ بعضهِ | ولكنه من هولِهِ غيرُ ثائب |
وَلِمْ لا ولو أُلقيتُ فيه وصخرة ً | لوافيتُ منه القعرَ أولَ راسبِ |
ولم أتعلم قط من ذي سباحة ٍ | سوى الغوص والمضعوف غيرُ مغالِبِ |
فأيسرُ إشفاقي من الماء أنني | أمرُّ به في الكوز مرَّ المُجانبِ |
وأخشى الردى منه على كل شارب | فكيف بأَمْنِيه على نفس راكبِ |
أظلُّ إذا هزتهُ ريحٌ ولألأتْ | له الشمسُ أمواجاً طِوالَ الغواربِ |
كأني أرى فيهنّ فُرسانَ بُهمة ٍ | يُليحون نحوي بالسيوف القواضبِ |
فإن قُلْتَ لي قد يُركَبُ اليمُّ طامياً | ودجلة ُ عند اليم بعضُ المَذانبِ |
فلا عذرَ فيها لامرىء ٍ هابَ مثلَها | وفي اللُّجة ِ الخضراءِ عذرٌ لهائبِ |
فإنّ احتجاجي عنك ليس بنائمٍ | وإن بياني ليس عني بعازبِ |
لدجلة َ خَبٌّ ليس لليمِّ إنها | تُرائي بحلمٍ تحته جهلُ واثبِ |
تَطامَنُ حتى تطمئنَّ قلوبُنا | وتغضبُ من مزحِ الرياح اللواعبِ |
وأَجرافُها رهْنٌ بكلِّ خيانة ٍ | وغَدْرٍ ففيها كُلُّ عَيْبٍ لِعائبِ |
ترانا إذا هاجتْ بها الرِّيحُ هَيْجة ً | نُزَلزَلُ في حَوْماتها بالقواربِ |
نُوائِلُ من زلزالها نحو خسفها | فلا خيرَ في أوساطها والجوانب |
زلازلُ موجٍ في غمارٍ زواجرٍ | وهدَّاتُ خَسْفٍ في شطوطٍ خواربِ |
ولليمِّ إعذارٌ بعرضِ متونِهِ | وما فيه من آذيِّهِ المتراكبِ |
ولستَ تراهُ في الرياحِ مزلزلاً | بما فيه إلاَّ في الشداد الغوالب |
وإنْ خيفَ موجٌ عيذ منه بساحلٍ | خليٍّ من الأجرافِ ذات الكَباكبِ |
ويلفظُ ما فيهِ فليس مُعاجلاً | غريقاً بغتٍّ يُزهقُ النفسَ كاربِ |
يعللُ غرقاهُ إلى أن يُغيثَهم | بصنعٍ لطيفٍ منه خيرِ مصاحَبِ |
فتُلفَى الدلافينُ الكريمُ طباعُها | هناك رِعالاً عند نَكبِ النواكبِ |
مراكبَ للقومِ الذين كبا بهم | فهم وَسْطه غرقى وهم في مراكبِ |
وينقضُ ألواحَ السفينِ فكُلُّها | مُنَج لدى نَوْبٍ من الكَسْر نائبِ |
وما أنا بالراضي عن البحر مركباً | ولكنني عارضتُ شَغْبَ المشاغبِ |
صَدقْتُك عن نفسي وأنت مُراغمي | وموضعُ سري دون أدنى الأقاربِ |
وجرَّبتُ حتى ما أرى الدهرَ مُغرِباً | عليّ بشيءٍ لم يقعْ في تجاربي |
أرى المرءَ مذ يلقى الترابَ بوجهِهِ | إلى أن يُوارَى فيه رهن النوائبِ |
ولو لم يُصَبْ إلاَّ بشرخِ شبابِهِ | لكان قد استوفى جميعَ المصائبِ |
ومن صَدَق الأخيارَ داوَوْا سقامَهُ | بصِحة ِ آراءٍ ويُمْنِ نَقائبِ |
وما زال صدقُ المستشير معاوِناً | على الرأي لُبَّ المستشار المحازِبِ |
وأبعدُ أدواءِ الرجالِ ذوي الضّنى | من البرء داءُ المستطِبِّ المكاذبِ |
فلا تنصبنَّ الحربَ لي بملامتي | وأنت سلاحي في حروب النوائبِ |
وأجدى من التعنيف حسنُ معونة ٍ | برأيٍ ولينٍ من خطابِ المخاطبِ |
وفي النصح خيرٌ من نصيحٍ مُوادِعٍ | ولا خيرَ فيهِ من نصيحٍ مُواثبِ |
ومثلي محتاجٌ إلى ذي سماحة ٍ | كريمِ السجايا أريحي الضرائبِ |
يلينُ على أهلِ التسحُّب مَسُّهُ | ويُغضي لهم عند اقتراح الغرائبِ |
له نائلٌ ما زال طالبَ طالبٍ | ومرتادَ مرتادٍ وخاطبَ خاطبِ |
ألا ماجدُ الأخلاقِ حُرٌ فَعالُهُ | تُباري عطاياهُ عطايا السحائبِ |
كمثل أبي العباسِ إنَّ نوالَهُ | نوال الحيا يسعى إلى كلِّ طالبِ |
يُسيِّر نحوي عُرْفَهُ فيزورني | هنيئاً ولم أركبْ صعابَ المراكبِ |
يَسير إلى مُمتاحه فيجودُهُ | ويكفي أخا الإمحال زِمَّ الركائبِ |
ومن يكُ مثلاً للحيا في عُلُوّهِ | يكنْ مثلَهُ في جودهِ بالمواهبِ |
وإنَّ نِفاري منه وهو يُريغني | لَشيءٌ لرأي فيه غيرُ مناسبِ |
وإن قعودي عنهُ خيفة َ نكبة ٍ | لَلؤمُ مَهَزٍّ وانثناءُ مَضاربِ |
أُقرُّ على نفسي بعيبي لأنني | أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ |
لَؤُمْتُ لَعمر اللَّه فيما أَتيته | وإن كنتُ من قومٍ كرام المناصِبِ |
لهم حِلْمُ إنسٍ في عَرامة جِنّة ٍ | وبأسُ أسودٍ في دهاء ثعالبِ |
يصولون بالأيدي إذا الحربُ أَعملتْ | سيوفَ سُريجٍ بعد أرماحِ زاعبِ |
ولا بد من أن يَلؤُمَ المرءُ نازعاً | إلى الحَمَأ المسنونِ ضربة َ لازبِ |
فقل لأبي العباس لُقِّيتَ وجهَهُ | وحَسْبُك مني تلك دعوة َ صاحبِ |
أمَا حقُّ حامي عِرض مثلك أن يُرى | له الرفدُ والترفيهُ أَوْجَبَ واجبِ |
أَمِنْ بعدِ ما لم تَرْعَ للمالِ حرمة ً | وأسلمتَهُ للجود غيرَ مُجاذبِ |
فأعطيتَ ذا سلمٍ وحربٍ وَوُصلة ٍ | وذنبٍ عطايا أدركتْ كلَّ هاربِ |
ولم تُشخِصِ العافين لكنْ أتتهُمُ | لُهاك جَليباتٍ لأكرمِ جالبِ |
علماً بأنّ الظَّعْنَ فيه مشقة ٌ | وأنّ أَمرَّ الربح ربحُ الجلائبِ |
تُكلّفني هولَ السِّفارِ وغولَهُ | رفيقَ شتاءٍ مُقْفعِلَّ الرواجبِ |
ولا سيّما حين ارتدى الماءُ كِبْرَهُ | وشاغَب أنفاسَ الصَّبا والجنائبِ |
وهرَّتْ على مُستطرِقي البَرّ قَرَّة ٌ | يَمسُّ أذاها دونَ لوثِ العصائبِ |
كأن تمامَ الودِّ والمدح كلَّهُ | هُوِيُّ الفتى في البحر أو في السَّباسبِ |
لعمري لئن حاسَبْتني في مثوبتي | بخفضي لقد أجريتَ عادة َ حاسبِ |
حَنانَيْك قد أيقنتُ أنك كاتبٌ | له رتبة ٌ تعلو به كلَّ كاتبِ |
فدعني من حكمِ الكنابة إنهُ | عدوٌ لحكم الشعرِ غيرُ مقارِبِ |
وإلاَّ فلم يستعمل العدل جاعلٌ | أَجَدَّ مُجدٍّ قِرْنَ أَلعبِ لاعبِ |
أيعزُب عنك الرأيُ في أن تُثيبني | مقيماً مصوناً عن عناء المطالبِ |
فتُلفَى وأُلفَى بين صافي صنيعة ٍ | وصافي ثناءٍ لم يُشَبْ بالمعاتِبِ |
وتخرج من أحكام قومٍ تشدّدوا | فقد جعلوا آلاءهم كالمصائبِ |
أيذهبُ هذا عنك يا ابن محمدٍ | وأنت مَعاذٌ في الأمور الحوازبِ |
لك الرأي والجودُ اللذان كلاهما | زعيمٌ بكشف المطبِقات الكواربِ |
وما زلت ذا ضوءٍ ونوءٍ لمُجدبٍ | وحيرانَ حتى قيل بعضُ الكواكب |
تغيث وتَهدي عند جدبٍ وحيرة ٍ | بمحتفلٍ ثَرٍّ وأزهرَ ثاقبِ |
وأحسُن عرفٍ موقعاً ما تنالُهُ | يدي وغُرابي بالنوى غيرُ ناعبِ |
أراك متى ثَوَّبتني في رفاهة ٍ | زففتَ إليَّ المُلْكَ بين الكتائبِ |
وأنت متى ثوَّبتني في مشقة دعِ اللومَ إن اللومَ عونُ النوائِب | ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ |
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ | ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ |
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ | وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ |
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً | على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ |
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ | لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ |
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي | طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ |
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً | من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ |
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى | إليَّ وأغراني برفض المطالبِ |
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ | وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ |
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي | بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ |
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه | فقير أتاه الفقر من كل جانبِ |
ولما دعاني للمثوبة سيد | يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ |
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما | قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ |
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ | وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ |
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها | وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ |
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي | ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ |
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ | رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ |
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً | عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ |
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما | لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ |
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ | شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ |
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي | تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ |
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه | يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ |
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ | برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب |
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً | تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ |
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي | وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ |
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه | مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ |
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب | ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ |
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ | وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ |
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته | من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ |
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ | تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ |
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم | كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ |
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ | من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ |
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ | بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب |
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه | رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ |
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً | وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ |
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها | من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ |
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها | وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ |
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ | لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ |
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ | خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ |
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ | وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ |
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً | ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ |
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ | ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب |
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً | يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ابن الرومي) . |