أذهبت رونق ماء الصبح في العذل
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أذهبت رونق ماء الصبح في العذل | فاربع فلستَ بمعصوم من الزلّل |
لكل سهم يعدّ الناس سابغة | تردّه عنك إلا أسهم المقل |
هام الفؤادُ بشمس ما يزايلها | غربُ من البين أو غيم من الكلل |
ينتاب دمعُ النّوى واللهفُ وجنتها | فقلما انفكّ ظهر الخدّ من بلل |
لا شيء أكفر من مسواك إسحلة | يعله الريق لم يُورق ولم يطل |
يخفى شهابُ الهوى في برد ريقتها | كما استكن نقيعُ السُّم في العسل |
وفي أصول الثنايا باردٌ عللُ | نفسي الفداءُ لذاك البارد العلل |
إياك إياك تطريقاً بأعينها | فهي الأسنة في العسّالة الذُّبُل |
مابال طرفك لا تنجو رميَّتهُ | كأنما هو رامٍ من بني ثعل |
صدّت بنجدٍ وزارت في طرابلس | وبيننا عنق للسفن والإبل |
في خرد نهّدٍ يعكسن أعيننا | لضوئهنّ كعكس الشمس للمقل |
تنقادُ نحو هواهنّ القلوبُ كما ان | قادت إلى هبة الله العُلى بن علي |
غدا عن السُّمر بالسُّمر الكعوب وعن | بيض الوجوه ببيض الهند في شغل |
يزيّنُ الدولة َ الغراء موضعهُ | إذا تزيّنتِ الأملاك بالدّول |
ينبي تبسُّمهُ عن بشره أبداً | والغيثُ أول صوب العارض الهطل |
يزينها فوق ما زانته فهو بها | في حلّة ٍ وهي من علياه في حلل |
يبشّ بالوفد حتى خلتُ وافده | وافى يهنّيه بالتأخير في الأجل |
علا فلا يستقرّ المالُ في يده | وكيف تمسكُ ماءً قنة ُ الجبل |
يقضي بحكم الهدى في المشكلات كما | يقضي بحكم الظُّبى في ساعة الوهل |
قد حالف الفضلَ في أحكامه أبداً | والعدلُ خير اقتناء الفارس البطل |
تخشى العدى أبداً صدر الجواد فقد | ظنّ العدى أنهُ صدرٌ بلا كفل |
في جحفل لجب لولا تبسّطهُ | لخلتهُ شُبهاً من كثرة ِ الأسل |
كأنّ حُمر المذاكي الخمر تحتهمُ | وبيضهم حببٌ يطفو على القلل |
أملتُ فيه الغنى من قبل رؤيته | فالآن أكبرتهُ عن ذلك الأمل |
أملّتُ ذلك علماً أنهُ رجلٌ | فرد فأبصرت كلّ الناس في رجل |
يصغي إلى سائل جدوى يديه كما | يصغي المحبُّ الى التغريد والغزل |
لو شاء قال ولم يكذب بمخبره | عن كلّ فضلٍ أراده أن ذلك لي |
لأنه اخترعَ العلياء مبتدئاً | وسائرُ الناس من تالٍ ومنتحل |
قد أحكم الحاكمُ المنصور دولتهُ | بآل حيدرة ٍ في السهل والجبل |
ورفهت كتبهُ أقصى كتائبه | عن الزيارة للأعداء والقفل |
ترضى الدراريعُ عنهم والدروع وأص | دافُ القنا وصدورُ البيض والأسل |
تاهت بهم دولة الإسلام واعتدلت | بعزمهم كاعتدال الشمس في الحمل |
شادوا وسادوا بما يبنون من كرم | أساس مجدهم المستحكم الأزلي |
تشابهوا في اختلاف من زمانهم | عند اللهى والنهى والقول والعمل |
كالرمح أولهُ عونٌ لآخره | وآخر الرمحِ عون الأكعب الأول |
تبعتَ في الجود والعليا أباك ولم | تكذب كما تبع الوسميَّ صوب ولي |
غيثان أنهما جادت أنامله | في بلدة نبتت بالمال والخول |
حلّيتما الدين والدنيا بعزّكما | فلا أذلهما الرحمنُ بالعُطل |
ولا رأينا بعيني دهرنا رَمداً | فأنتما في مآقيه من الكحل |
وعشتما أبداً في ظلّ مملكة | قد استعاذت من التغيير والدول |
مارقرق المزن فوق الأرض أدمعهُ | وحنّ ذو شجنٍ يوماً لمرتحل |