المياه المياه |
نشيد 1983 |
**** |
أُرفرفُ |
لا لأنّ هذا قفصٌ أو غابة |
بل لأنّ الريح تضربني |
الهواءُ كثيرٌ والأجنحة مستجيبة |
ولكنْ |
بقاعٌ كلّها هذه البقاع |
منحنٍ على النهر |
لا أريد الجلوس |
منحنٍ |
لا أريد الوقوف |
ماءٌ وسقسقةٌ |
وماء |
للجذوع الهرمة |
جمْعٌ سائر في الظلام |
وصمت |
في البدء كنتُ صيفًا ممَّددًا |
ورأسُ خَصْمي معلّقٌ على الغصون |
كنتُ مائتًا جميلاً في سفينة |
ثلجَ نيْسانٍ غريبٍ على أرخبيل |
وأرمي |
خواتمَ الوعود الآن |
أتثاءبُ من الزهر إلى الزهر |
أرمي الخواتم |
وأنام |
عندي فَرَسٌ لا اعرفُ ماذا أفعل بها |
أمتطيها |
لأتسلَّى |
لا ماء هنا |
لا جذوع |
لا جَمْع |
بل مجرَّد وهْم |
ولا وقت لتقول الوداع |
كلُّ الذينَ عرفتُهُمْ |
ماتوا |
وكلُّ من أعرفُهُ يموت |
هنا في جزيرة الفجر كنتُ سمَّاكًا |
يرث القصب |
في الصباح سائسٌ |
وفي المساء أقعدُ |
أراقبُ الغروب |
طيورٌ سودٌ تنقر الخبزَ عن رأسي |
محكومٌ بالإعدامِ |
وبذكرى يمامةٍ ثلجيَّة |
رشَشْتُ لها الحَبَّ طيلة الشتاء |
كنّا وحيدين في الغابة |
لم يكن هناكَ ما نقوله |
صمَتْنا ونظرْنا في السماء |
هذه مدينة الموتى |
أنا بعينيَّ المظلمتين أراهم |
يملأون الممرّ |
متهدّلٌ |
عيناي مفقوءتان |
وأرى |
وأنتظرُ العالمَ السفليّ |
في ظلِّ الجدار |
هذه عصاي |
حيّةٌ مستقيمة |
فتحت لها طريقًا |
وفي رحلتي الطويلة والرمحُ في يدي |
سمعتُ الصوتَ |
كمياهٍ كثيرةٍ ونحاسٍ نقيّ) |
(وميّت... |
كنتُ بيلسانًا عاشقًا في حقل أبي |
كنتُ قرية في وسط الرذاذ |
أُطِلُّ عليها من مفرقٍ قديم |
السواقي اجتمعت الآن في وجهي |
والأطفال عادوا إلى البيوت |
ماذا في هذه الجبال إذًا |
غير أن يجري النهر |
أن أفسِحَ الطريق للعابر الغريب |
أغسلَ الحصى |
أترك على الحفافي قَصَبًا |
وأمضي |
المياهُ المياه |
الجهات موحشة |
وكثيرة |
كيفَ أعودُ إلى أهلي مليئًا هكذا |
بالهبوب |
أنتظرُ الطيورَ المهاجرة |
لأعيدَ محبَّتي إلى الجبال |
سأغادر |
لكنّي أعود |
لأُلقي حطبي |
الغابة وهبتني نهارًا آخر |
استضافني البطيء الزاحف على الأوراق |
ومرّ السمّنُ السرّي |
فوق رأسي |
كنتُ ريَّانًا مليئًا بالغيوم |
فانحنيتُ على نبعي |
ودلقتُ الدموع |
نامتْ أورور على حقلٍ يباس |
ولم ترَ جسدًا يصعد إلى السماء |
ولا ملحًا يمشي |
ما رأتْ أورورُ غيرَ أقدامٍ |
وملحٍ في البحر |
لو أنَّ هذا البحرَ |
مبلّل |
لو أنَّ هذا الخشب اليابس يابسٌ حقًّا |
بماذا |
يمسحُ الإنسان نفسه لينام؟ |
طوى النسرُ جناحيه على النبع القديم |
عائدًا إلى النعاس |
عصفورة حكيمة |
تعرفُ أنّ ما رآه |
كان حزنًا غابرًا |
في الجبال |
عشبٌ كاسد |
ها أنا أمشي وحيدًا تحت المطر |
:أمشي وحيدًا وأهتف |
هذي هي الأرض، هذي هي الأرض |
مولود جديد |
يتعرّض الآن للهواء |
يا حارسة البوّابة يا امرأة المزلاج يا صاحبة القفل المقدّس) |
ماء سيّدك في داخلي إنّه في داخلي |
فليمْض إلى الأرض |
وطأتُ المدينةَ الموفُورة |
غابةَ الظِلِّ الوارف |
والمياه الأولى |
الخضراءَ المتباعدةَ الركبتين |
وعندما ارتفعتُ ارتفعتْ معي كلُّ الأسماك |
اضطربَ الغمرُ زال عن البحر وجهُ المرح |
واستبدَّ الهلع |
(بالأنهار العالية |
قطرةً قطرة |
ينزل الموتى على بابي |
ومركبٌ يتوقّف لأجلي تحت الشمسُ |
وجالية فقيرة من الرعشات |
تعودُ إلى الرمل |
أيها الماء الأبديّ |
أنا المغسُول في نهر الخلود |
كنت جميلاً كغابة) |
(أبيض كالشمس في الماء |
أرعى غَنمي على رأس الجبل |
وأمامَ الجميلة |
(كنهرٍ يبتعدُ عن النبع) |
فارقتُ الحياة |
أنا الآن الريشةُ الزرقاء) |
(يتركها العصفور للشوك |
رميتُ إبرةَ الرعب كطاووس صغير |
أنا فطرٌ عاشق |
تحتَ السَّهْم |
لا شيءَ هنا |
لا شيء غيرُ عشب الصمت |
لماذا أنْهَرُ غزلانَ غفلتي |
على مهل فلترعَ هذه الخرافُ |
على مهلٍ فلترعَ |
وتَسْتَلْقِ |
لستُ الراعي ولستُ الغنم لكني |
أحنو على المياه |
تركتُ جرَّتي في العين |
ورجعْتُ |
الشمسُ أشرقت عليَّ طويلاً |
وأرسلتُ ثغائي كلَّهُ |
خَزَفًا إلى الجبال |
الشبكة |
تصفّي نفسَها من الملح |
ماذا ينفعُ أن أرمي محبَّتي على الماء |
أن اُعَرِّضَ ملائكتي للأحلام |
ليلي للملائكة |
أنْ أفتحَ إناءَ عشقي |
وأُفسد سهوي |
الزمنُ يشفي وجهَهُ |
ببطء |
ويمسحُ الشوقَ عن شواطئي |