إني أنا جسم فنفس فروح
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إني أنا جسم فنفس فروح | ثلاثة فيهن أغدو أروح |
وهن أصل واحد حادث | يخفي سريعا وسريعا يلوح |
وراءه الأمر الذي يقتضي | حقيقة تجهلها كل روح |
تنزهت في غيبها عندنا | فما لها إلا شميم يفوح |
كاللمح من أبصارنا أمرها | وهو الذي منه يكون الفتوح |
يا واحدا وهو كثير كما | قلنا ولكني به لا أبوح |
خوفا على حرمته عند من | يجهله أو يعتريه جموح |
فإن كل الفانيات التي | بها الوجود الحق كان السموح |
ما غيرته مذ تجلي بها | وباطل في نور حق يطوح |
خذ لي أمانا منك يا سيدي | جوانحي للقرب فيها جنوح |
وإنني أرجوك في كل ما | أدعوك من خير وقلبي لحوح |
حقيقتي أنت ولكن غدا | من بعد موتي لي بهذا وضوح |
يوم اللقا مرجعنا كلنا | إليك يا مرجع أنوار يوح |
طوبى لمن يفهم أقوالنا | كفهمنا فهو طروب صدوح |
أو يترك الإنكار إن لم يكن | يدري ويصغي لكلام النصوح |
فإن حانات دواويننا | خمارها يولي الغبوق الصبوح |
ولا ينال الكأس إلا فتى | فيه لأسرار المعاني صلوح |
عليه ما نرمز لا يختفي | وعنده من كل لفظ شروح |
وسر هذا أنه مؤمن | بالغيب من معنى النظام السنوح |
يحفظ من طوفان وسواسه | سفينة كان بها حفظ نوح |
لا تقرب المنكر يا مسلما | فربما تعديك منه القروح |
وربما سالت جراحاته | فنجست منك الفؤاد الطموح |
كم عصبة من جهلهم حالنا | كادوا علينا يلبسون المسوح |
ما آمنوا بالغيب حتى على | قلوبهم فيض التجلي يسوح |
بل صوروه في خيالاتهم | وعندهم فيما رأوه رجوح |
وهو بعيد غاية البعد عن | أن يشبه الغيب الحقيق النزوح |
والله مع هذا عليم بهم | وإنه ذو العفو وهو الصفوح |